بعد أسابيع من الصوم المتواصل، وفي بدايات العشر الأواخر، يتكون عندنا بالإضافة إلى خبرة السنين مخزون من الملاحظات التي تخص يومياتنا مع الصوم بالمقارنة مع يومياتنا بدونه، ولا أبرئ نفسي لأني المثال الأكثر قرباً مني.
رمضان شهر الصلوات والعبادات والدعوات بقنوت يميزه عن غيره، وهو كذلك فرصة عظيمة لك لتقدر نعمة منسية بدأت بفقدان الاهتمام بها بالتدريج منذ عيد الفطر الماضي، بل تماديت أحياناً حتى بدأت بالتململ منها في أيام لم تكن أيام حظك كما يقولون.
وتذمرت منها من بين ما تذمرت منه رغم اعترافك الداخلي والضمني والظاهري أيضاً عند المقربين منك بفقدانك لها طوال أيام الشهر، واشتياقك للعادي منها بعدما أرهقك تقلب النوم وطول النهار وأنت فاقد لطاقتك الدافعة التي قد يسببها الجوع أو العطش أو قلة الكافيين، الكافيين الذي يتجرع بعضنا بسببه مرارة الحقيقة التي تؤكد له أنه مدمنه في بدايات الشهر، حتى يبدأ في التعافي من أعراضه آخره، فيعود مدمناً أقوى من ذي قبل.
النعمة التي أرمي لها بالقصد هي الرتابة (الروتين اليومي)، أنا توصلت منذ زمن إلى أن ما أريده هو روتيني اليومي فقط، وخلصت إلى أن يومي العادي بجدوله المتكرر هو أكثر ما يجعلني مسروراً، صباحي المتثاقل بانتظار القهوة وشربة الماء البارد والطاقة التي أستمدها من الفطور حتى أجوع مجددا وقت الغداء.
ومجريات اليوم المتسارع التي تزجيها فعالياته المتوالية وما يرافقها عموما وغيرها من الأشياء التي نستغرق فيها كل يوم وليلة، كلها أراها من دلالات السعادة، وأعتبر أيام رمضان ولياليه فرصة لتغيير ذلك كي لا تعتاده النفس فلا تشكر النعمة، لذلك قد يصح القول إن جزمنا أن رمضان هو رحلة للنفس لتبتعد لبعض الوقت عن عالمها الذي اعتادته، وهو معسكر تأهيل وتجهيز لعام أفضل قادم.
و هذا المعسكر يحمل في كل يوم وليلة منه اختبارا جديداً وذكرى جميلة وعادات خاصة يتشارك فيها الناس كلهم. وهو أمر يختص به الشهر الكريم، وفيه مشقة يستلذ بها الصائمون حقاً، ويتأثر بها آخرون يحاولون، فيظهر عليهم الأثر جلياً في نهار رمضان بأشكال متعددة، يتسيدها مع شديد الأسف النوم لساعات طِوال، واستراق الوقت للنوم عند كل فرصة ممكنة.
ينطبق ذلك أكثر على من لا يعملون في نهار رمضان، أو يؤقتوا إجازتهم عليه. وبنفس القدر تقريباً يأخذ الصمت حيزاً لم يكن ليحلم به طوال العام، فتجد الشخص المرح المزَّاح كثير الاسترسال خارج الشهر يتحول فزاعة في المكان لا تأثير لها إلا على الطير. و إن حط عليها الطير فلا يضيره أيضاً لشدة سكونه.
وتقريباً يشترك الجميع في صفة لطيفة تجعل القيادة في الشوارع أمراً ممتعاً، وتضفي هدوءاً محبباً على كل الأماكن لدرجة أنك تلمسها بمجرد النظر من بعيد، وهي الرتم البطيء في التعاملات اليومية والأحاديث وتسيير الأمور، بطءٌ معتدل بين العطَلةِ و العجلة لا يضر كثيرا، بل هو انعكاس لسكينة الطباع التي يكتسبها الناس في الشهر الكريم.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد