في احتفالية نظمتها جامعة عين شمس احتفالًا بالحاصلين على درجة الدكتوراة، ومنح درجة الدكتوراة الفخرية للدكتور فاروق الباز التقيت اللواء باقي زكي يوسف، صاحب فكرة استخدام المياه لتدمير خط بارليف. كان الهدوء أول ما يلفت نظرك إلى قسمات وجهه المبتسم، ما إن ذكرت خط بارليف أمامه حتى نظر إلي كأنما عاد إلى الوراء 40 عامًا يسحب من دولاب الذكريات قصصًا مصورة يحكي خلالها الحكاية.
“كان هدفي أن أحمل معداتي بأي طريقة، وكنت قد عملت بالسد العالي، وكانت المياه تساعدنا على الحركة بسهولة ونقل معداتنا وفكرة المياه جاءت بعد مناقشة ومشاورة”. لم يستطع أن يغالب دموعه التي بدأت تذرف متذكرًا زملاءه من رفقاء الكفاح والنضال على الجبهة فأكمل حديثه: “ناس كثر قدموا أرواحهم لأجل البلد هذه كي تبقى بأمن وأمان، ولم يتأخروا لحظة عن نداء الواجب”.
صمت لبرهة ثم أكمل: “الجيش علمنا الصبر والتعاون، وهذا ما جعل المهمة تنتهي في ساعات معدودة بأقل الخسائر، لنعلم العالم درسًا جديدًا من العسكرية المصرية في الدفاع عن الأرض والتسلح بالعلم وتوظيفه لخدمة البلد”. تخيلته للحظة قديسًا يتذكر ترانيمه من كثرة ما كان يتحدث بهدوء يليق بالمشهد والحدث الجلل الذي عاش في كيان صاحبه، وهو يكمل حديثه عن روح القيادة المصرية في قواتنا المسلحة وإعطاء الفرصة للجميع والاستماع إليهم بإنصات لدرجة أن فكرة استخدام مضخات المياه وصلت حتى رئيس الجمهورية نفسه في سرية تامة، وتم الإعداد لها ليكون الجنود على أهبة الاستعداد في اللحظة الحاسمة التي رفعت رؤوسنا جميعًا.
يكمل حديثه بأن الفكرة نُفذت دون أن تلفت انتباه أجهزة المخابرات العالمية التي كانت تتابع كل خطوة يقوم بها الجيش المصري، ورغم ذلك كان تنويع مصادر الاستيراد وتحسين علاقاتنا مع الدول الكبرى كان له أبلغ الأثر في نجاح المهمة ببراعة واستيراد المضخات على أنها أجهزة زراعية، ولم ينتبه أحد أو يفطن للحيلة، وأصبحت الفكرة ملحمة جديدة تدرس في أدبيات العسكريات العالمية بتوقيع وتنفيذ مصري خالص تحدينا فيها أطنان الصخور والرمال والحديد والنابالم والصواريخ والمدافع، لنثبت أن المعدن المصري يصهر الفولاذ قبل أن يصهره، وينجح رغم كل العوامل التي يظن الجميع أنها تقود للفشل.
رحل “باقي زكي” عن دنيانا يوم السبت الموافق للثالث والعشرين من يونيو 2018 في صمت تامّ. اللهم إلا من منشورات حزينة على وسائل التواصل الاجتماعي، ليرقد في سلام بعد أن استحق عن جدارة لقب «قاهر المستحيل» تاركًا خلفه رسالة للأجيال المقبلة كما ظل يرددها دائما بالتسلح بالعلم، وعدم الاعتراف بكلمة مستحيل، بل الإصرار على النجاح ووضع الوطن دائمًا فوق كل اعتبار.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد