اللامركزية، وأداء الحكومة  العراقية

مضى على تغير النظام خمسة عشر عاما، ولا زالت الأنظمة التي تدار بها البلاد غير مفهومة أو واضحة، فهي خاضعة للأمزجة والميول التي تراها الطبقة الحاكمة في البلاد، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الدستور عن اللامركزية في أدارة الحكم، تجد الحكومة تتدخل في أدق التفاصيل لإدارة الأقاليم والمحافظات، ولا زال المحافظين يخضعون لسلطة الحاكم في بغداد.

في حين نص الدستور على أن إدارة موارد البلاد الاستراتيجية تدار من قبل الحكومة الاتحادية، ومنها البترول والمياه، تاركة المحافظات تتقاتل فيما بينها على حصصها المائية، وتكتفي بالتفرج من بغداد. في الوقت الذي نهى الدستور عن اتباع سياسة المحاور، واحترام الجميع، وبناء العلاقات مع الدول تكون على أساس مصلحة العراق، نجد أن هذه السياسة أصبحت علنية، ويشخصها القاصي والداني، لدرجة أن كل فئة في العراق تبعت محورا هو نقيض للفئة الثانية، فأصبح العراق مقسما من دون تقسيم.

منذ 2003 ولغاية اليوم دخلت واردات للعراق تفوق واردات الكثير من الدول والمنطقة في العالم، ولكن وجهت لصرف عابث لا طائل منه سوى مشاريع فاشلة، أقيمت لأغراض انتخابية ووفق أمزجة المتصيدين ومصالحهم الشخصية، وإذا بنا نجد العراق مدين للعالم بمليارات الدولارات، التي تفرقت بين جيوب السراق دون أن تعود على الشعب بالنفع.

تعدد الأزمات في العراق

أزمة تلحقها أخرى، من أزمة الكهرباء، إلى البطالة وهجرة الشباب، ربما هذه الأزمات كلها تصبح صغيرة، أمام أزمة مرتبطة بحياة شعب بالكامل، لكن للأسف الحكومات المتعاقبة لم تولها الاهتمام الكامل، أو لنكن أكثر انصافاً إنها لم تهتم بها مطلقاً، لانشغالها بنفسها وملذاتها.

مقالات متعلقة بالموضوع

وفي ظل انشغال الحكام والساسة بالصراع على كرسي الرئاسة، تركيا تفتح سد(اليسو) الذي سوف يجعل من بلاد الرافدين بلد صحراوي، ولغاية اليوم لم نسمع أي ردة فعل لهذا الحدث من الحكومة، إنما مجرد صرخات نسمعها من بعض السياسيين، والمزارعين المساكين، بالرغم من أن حدثا كهذا يمس حياة الجميع، ويسقط أكبر وأعتى الحكومات في العالم.

هل يمكن معالجة أزمة المياه؟

أزمة المياه بدأت منذ عدة سنين، وكان بأمكان الحكومات التي أدارت البلد، أن تعالج هذه الأزمة من عدة اتجاهات، سواء أكانت اتجاهات دولية، من خلال الجلوس مع الدول المتشاطئة والتأكيد على الاتفاقات المبرمة بين البلدان، أم من خلال إجراءات داخلية، وذلك من خلال بناء السدود والمبازل والخزانات، وكذلك طرق الري الحديثة، خاصة أن العراق كان يعيش وفرة مالية تسمح له باتخاذ كافة التدابير اللازمة للخروج من الأزمة.

لكن عبث الحكومة، واللامبالاة التي تعيشها، وكأن الأمر لا يعنيها، تاركة الشعب يعيش محنته بنفسه، لتضاف إليه أزمة إلى باقي الأزمات، إن استمرت الحكومة على هذا النهج بصرفها غير المبرر على أمور لم تعد بالنفع على المواطن، وتاركة جميع الأمور التي تمس حياته دون اهتمام، فإني أبشرها بالانهيار بصورة أسرع مما تتصور.

فيديو مقال هل سنستمر بعبثنا؟ – #العراق

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ