الأقسام إسلام

قطوف في شهر الحج

نفحات الحج

تعالو بنا أحبابي وأخواتي الكرام نعيش مع نفحات الحج فالحجُّ هو الشعيرة الرابعة في الإسلام، بل إن الحج هو آخر ما فُرِضَ في الإسلام من عبادات، وكانت فرضيَّته في السَنة التاسعة من الهجرة، على أرجح الأقوال. والحج أحبائي الكرام رحلةٌ فريدةٌ في عالم الأسفار، إنها رحلةٌ إلى الله، إذا كانت رحلات الأرض من أجل التجارة، أو من أجل المُتْعَة، أو من أجل العمل، فإنَّ الحجَّ رحلةٌ إلى الله ورسوله.

الحج قبل كل شيء عبادة يجب أن تؤدَّى، أعرفت مغزاه أو لم تعرف، أفهمت حكمته أو لم تفهم، أوضعت يدك على جوهره أم لم تضع. الحجُّ عبادة، والحج فريضة، ولكن لو دقَّقنا في معاني الحج لوجدنا أن للحج حِكَماً عُظمى، وغايةً جُلَّى، من هذه الحكم ومن تلك الغايات أن الحج فرصةٌ للصلح مع الله. الحج فرصةٌ للصلح مع الله، وإذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله.

كأنك يا أخي المؤمن حينما تقول: لبيك اللهمَّ لبيك كأن الله سبحانه وتعالى يقول لك: عبدي تعالَ إليّ، تعالَ لأريحك من هموم الدنيا، تعال لأذيقك طعم القُرب، تعالَ لألقي في قلبك نوراً ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً، تعالَ إليّ لتعرف حقيقة الدنيا، تعالَ إلي لتعرف جوهر الدنيا، تعالَ إلي لتعرف أن القُرب من الله عزَّ وجل هو كل شيءٍ في الحياة. (( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتُّك فاتك كل شيء، وأنا أحبُّ إليك من كل شيء )).

ركن من أركان الإسلام

شرع الله -تعالى- العبادات على عباده المسلمين، وجُعلت العبادة هي الغاية من خَلْق الله -تعالى- لمخلوقاته من الإنّس والجنِّ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١] وقد تنوّعت أشكال العبادات وتعدّدت أقسامها وِفْق اعتباراتٍ مختلفةٍ، فمن حيث الوجوب والعدم؛ فالعبادات منها ما هي مفروضة على كلّ مسّلم، ومنها ما هي مندوبة أو مستحبّة.

ومن حيث طبيعة العبادة فإنّها تتعدّد؛ فمنها: الصّلاة والصّيام والحجّ والعمرة والصّدقات والذّكر والدُّعاء وتلاوة القرآن، وقد عدّ الله -تعالى- بعض هذه العبادات من أركان الإسلام التي بُني عليها، وقد جاء في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمّداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ).[٢]

ومن بين العبادات التي شرعها الله تعالى: الحجّ والعُمرة، وقد ورد ذكرهما وبيان أحكامهما وتفصيل كيفياتهما في نصوصٍ شرعيّةٍ عديدةٍ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، وقد جمع الله -تعالى- بينهما في الذّكر؛ حيث قال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ)، وقال أيضاً: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ).

الحجّ هو ركن من أركان الإسلام الخمس ،والحج ومعناه: القصد، فيُقال: حَجَجّت فلاناً؛ أي قصدتُه. أمّا الحجّ في الاصطلاح الشّرعي: هو قصد بيت الله الحرام والمشاعر المُقدّسة، في وقتٍ مخصوصٍ؛ لأداء أعمالٍ مخصوصةٍ؛ وهي عند جمهور الفقهاء: الوقوف بعرفة، والطّواف بالكعبة المشرّفة، والسّعي بين الصّفا والمروة.

مقالات متعلقة بالموضوع

وجوب الحج

حُكْم الحجّ: الحجّ فرض على كلّ مسلم مُكلّف قادر على أداء الحجّ ومُستطيع إليه سبيلاً، وقد جاءت الكثير من النّصوص الشّرعيّة المؤكّدة على ذلك، حيث قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[٧] والإجماع منعقد على أنّ الحجّ فرض، وهو من المعلوم من الدّين بالضّرورة، فيكفر من أنكره أو جحده.

مناسك الحج

كيفيّة الحجّ: إذا أراد المسلم أداء فريضة الحجّ، فإنّ عليه القيام بالخطوات الآتية:[٨] يُحرِم المسّلم للحجّ، ويغتسل إن أمكنه ذلك، ويلبس ثياب الإحرام، ويردّد التّلبية بقول: (لبّيك حجّاً، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك). يخرج الحُجّاج إلى مِنى في اليوم الثّامن من ذي الحِجّة، ويصلّون فيها الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بلا جمعٍ، ويصلّون كذلك صلاة فجر اليوم التّاسع من ذي الحجّة؛ وهو يوم عرفة.

الوقوف بعرفة

يتوجّه الحُجّاج إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التّاسع من ذي الحِجّة، فيصلّون فيها الظُّهر والعصر قصراً وجمع تقديم؛ أي في وقت صلاة الظُّهر، ويقفون بعرفة وينشغلون بالذّكر والدُّعاء والتضرّع إلى الله تعالى، وعند مغيب الشّمس يتّجه الحُجّاج إلى مزدلفة، ويصلّون فيها المغرب والعشاء، ويبيتون فيها ليليتهم، ثمّ يصلّون فجر اليوم العاشر من ذي الحِجّة في مزدلفة، وإن كان من الحجّاج من هو ضعيف ولا يقوى على المزاحمة فله مغادرة مزدلفة إلى مِنى في آخر الليل وعدم انتظار الفجر.

رمي جمرة العقبة

ينطلق الحُجّاج إلى مِنى مع طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحِجّة، فيرمون جمرة العقبة، وذلك بإلقاء سبع حصياتٍ واحدةً تلو الأخرى، ويكبّرون الله -تعالى- عند كلِّ رميةٍ، ثمّ يذبح الحُجّاج الهَدْي، وذبحه واجب في حقّ من حجّ متمتّعاً أو قارناً، ويقومون بعدها بحلق رؤوسهم أو بتقصير شَعْر رأسهم، ويكون بذلك تحلّلهم الأوّل من الإحرام، الذي يُبيح لهم ما كان محظوراً عليهم سوى مباشرة النِّساء.

الطواف والسعي

يتّجه الحُجّاج بعد ذلك إلى الطّواف بالكعبة طواف الإفاضة، والسّعي بين الصّفا والمروة، ليكونوا بعد ذلك قد تحلّلوا التّحلّل الثّاني الذي يُبيح لهم كلّ ما كان محظوراً عليهم بلا استثناء. يعود الحُجّاج بعد ذلك إلى مِنى، فيبيتون فيها ليلتي الحادي عشر والثّاني عشر من ذي الحِجّة.

إتمام رمي الجمار

يقومون في كلّ يومٍ من هذين اليومين برمي ثلاث جمرات، وفي كلِّ جمرةٍ يرمون بسبعِ حصياتٍ، ليكون الحُجَّاج بعدها بالخيار بين البقاء حتّى اليوم الثالث عشر من ذي الحِجّة وتكرار رمي الجمرات الثّلاثة كما كان في اليومين السّابقين، أو التّعجّل والعودة، وذلك كما في قول الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).[٩] يطوف الحُجّاج بالكعبة المشرّفة طواف الوداع إذا أرادوا العودة إلى ديارهم، وبذلك يختم الحُجّاج مناسك الحجّ ويتمّونها.

فيديو مقال

أضف تعليقك هنا
خالد عماد قرشم

خالد عماد قرشم

شارك
مواضيع الحجعرفة

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ