تتوقف لبُرهة في محاولة لفهم استراتجية هذا الشعور، وتتساءل في قرارة نفسك بشيء من الفلسفة الزائدة التي تحسب أنك بها ستصل للإجابة بمنتهى السلاسة.
كيف لهذا الشعور البشري “البغيض” الذي يُسمى بــ “الطمع” أن يتحول لشعور إنساني نبيل وهدفه لا يقل أهمية عن أهدافك الكبيرة في الحياة وتسعى لتحقيقها ؟!
التغيير الملحوظ هو تغيير لم تكن تضعه في الحُسبان يوماً، فقط وجدته يتلألأ أمام إدراكك ووعيك لحظة بعد لحظة وأنت تقف أمامه مُكبل مُقيد لاتقوا على التصديق أو الاستيعاب، لقد اختلف اختلافاً كلياً عما عهدته عليه، عن نتائجه على النفس البشرية وعن أثره المُدمر حيال أمرها.
فبعد أن كان العدو أصبح الآن الصديق الوفي الذي لن يخذلك ولن يفلت من فبضتك.
بعد أن كان المُستعمر الذي لم يترك أرض روحك إلا بعد أن سلب منها اتزانها ودمر جميع مُمتلكات هدوئها أصبح الآن مُنقذك الأول والأخير في تلك الحياة مما تُصارعه من حروب دُنيوية قاتلة.
ألم تر أن هذا التبدل ساحر وعجيب بذات اللحظة؟، ألم تجد أن التبدل هذا يحتاج منا نحن البشر إلى وقفة مُطولة للخروج بسرعة إلى النور؟
المليئة بالصعاب والآلام والمُفارقات التي تجدها في كثير من الأحيان كوميدية وفي أحيان أخرى تراجيدية، قد تدفعك لإصدار قرار ببدء الحرب معها حتى تنال حريتك المسلوبة منك دون إرادتك مجدداً، حرية الفكر، حرية المبدأ، حرية الحياة بأكملها، وتارة أخرى تعقد معها معاهدة سلام وتبرم تلك الاتفاقية دون المساس بأي بند من بنودها خلال لحظات زمنك ووجودك.
تجد الأهداف التي وضعتها يوماً موضع الاهتمام وبعين الاعتبار تبدأ في التلاشي، مع كل دقة من دقات عقرب ساعة حائطك يمضي أحد أهدافك هو الآخر أمامك دون أن تعرف كيف ذهب بهذه السهولة وإلى أين ذهب ولمَ ذهب وانتهى من الأساس؟!، انتهى قبل أن يبدأ فهل تجد هذا الأمر منطقياً؟!، وكيف تراه يمس المنطق وأنت صاحب العقل الذي لا يقبل إلا بالعدل الفكري ؟!
ومع كل خيبة أمل تعصف بك، ومع كل دقة عقرب، ومع كل لحظة تمضي وأنت على يقين كامل أنها لن تعود من جديد هي تتكرر فحسب، ولكن ما تحمله اللحظة الواحدة من مشاعر ومواقف وحياة تختلف اختلافاً كاملاً عن مشاعر ومواقف وحياة اللحظة التي تليها، وبهذا ومع كل فقد للأهداف تجد إرادتك تضمحل ومن ثم تخفت وتنكمش حتى تسقط سقوطاً مُدوياً على أرض الواقع.
فتتساءل : ما الجدوى من تلك الحياة سوى أني اُداعب أنفاسي شهيقاً وزفيراً فقط ؟، ومع هذا السؤال تجد أن حتى هذه الحجة الغير مبررة في وجهة نظرك أصبحت ليست لها أي قيمة على الإطلاق، فتبتعد عن الحياة وتستقر على هامشها في انتظار الموت.
نظرة سلبية بحته، ولمحة كئيبة لن تجد فيها ما كنت تتمناه قبل أن تقرأ المقال، قرأت كلمة الــ “طموح” فتسارعت أصابعك لالتقاط المقال في محاولة جديدة لالتقاط أي طاقة إيجابية من تلك الحياة المُهلكة، ولو ذرة إيجابية واحدة، ولكني لن أخذلك، فإليك مبرر أن يتحول الطمع إلى أمر محمود وليس أمر مكروه إن كان في حالة واحدة وفقط.
سر من أسرار النفس البشرية الناجحة المُقدمة على الحياة بروح شجاعة لا ترهب أي شيء، قد اتخذته ملاذاً لها من أي لحظة يأس تقتنصها ذات يوم، وجدته احتماء، الوطن الضائع الذي لم تجد مثله من قبل ولن تجد حتى الممات.
لطالما كان الطموح هو شعلة الإصرار، فإنسان دون طموح هو ميت مع إيقاف التنفيذ، هو جسد بلا نبض، ذلك النبض الذي يُخبره مراراً وتكراراً أن الحياة لازالت في قمة احتياجها إليه، ولكنه يحيد بنظره عنه ويستكمل مسيره في طريق الضياع!، ثم يأتي الطموح لينتشله من بحور غرقه الأبدي.
لن يتركه هكذا يُسطر كتاب نهايته بيده، بل سيجده خير رفيق، لن يتركه يتألم وهو يملك دواءه، لن يجعله يتصبب من عرق زواله، لن يدعه يمضي ويفنى والحياة لازالت تُطالب بحقها منه.
وبعد كل هذا المفعول الغريب الأكثر من رائع الذي يفيض به الطموح عليه تظل على مبدئك أن الطمع أمر مذموم !.
الطمع في الطموح لن يعود عليك بأي ضرر، فقط كيفية استغلاله على الوجه الأمثل هو ما يعود إلينا أو علينا.
فكم من بشري قد استغل هذا الكنز الكامن داخله أسوأ استغلال وكانت النتيجة “الغرور اللانهائي مع قليل من النرجسية“. هو نجح حقاً واستغل طموحه لتحقيق النجاح الأكبر، ولكنه لم يتحكم في طموحه وأصبح الطموح هو المسيطر الأول والأخير عليه، الذي قد يدفعه لفعل أي شيء لمجرد لحظة نجاح واحدة من الحياة، أصبح الطموح بديلاً لدماء أوردته وشرايينه.
بينما على الجانب الآخر، بشري قد اكتشف سر الطموح واستغله على النحو الصحيح، جعل الطمع فيه بشكل لا يتخطى الحدود أيضاً، وإن تخطاه سيُعيده لحده المناسب، هو فقط جعل الطموح هدفه في الحياة، وجعل الحياة موضع استغلال له، الوعي به لن يضرك بشيء .
فلا تحسب أن الطمع فيه يجعلك صاحب مبدأ مغلوط بين البشر، بل أنت دونه ستصبح خارج نطاق الحياة بأكملها، فلك القرار.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد