بدايات لعب الأسطورة “محمود الخطيب” في كرة القدم

شاب صغير مثلك، مهوس بكرة القدم بدأ بحي الجملية ممارستها، شوارع ضيقة، وبيوت تكاد أن تكون ملتصقة ببعضها من شدة الضيق، لا مرمى ولا خطوط بيضاء تخضع لقوانين أرض غير مستوية، والمرمى هو باب البيت الأول، والمرمى الثاني هو البيت التالي من الجنب على نفس الخط.

من هنا بدأت بزوغ شمس الموهبة والإمكانيات المحدودة أثقلتها، كان هادئاً خارج الملعب، لن تسمع صيحاته، لم يكن جزءاً و لو ضئيلاً من المشحنات.

الطفل الذي اضطر إلى اللعب حافي القدمين للمحافظة على أحذيته الجديدة من المنطق أن لا يعرف إلا ممارسة كرة القدم طوال المسيرة دون الالتفات لما يحيط بها من صخب قد يذهب بك إلى طيات النسيان.

مقالات متعلقة بالموضوع

سيطرة محمود الخطيب على أرض الملعب

كان بإمكانك أن تنحّي كل هذا الهدوء جانباً بمجرد أن تلمس قدمه العشب، كاريزما كروية خاصة تخطف الأنظار منذ أول وهلة، هنا ساحته، هنا ثورة من الفنون، تبدأ شرارتها من أقدامه التي تكاد أن تجزم أنها امتلكت آلة زمنية بإمكانيات تفوق عصره بمراحل، وتبعده عن أبناء جيله بفوارق زمنية تميل إلى حقبة أحدث مما كان بها كعب القدم، حينما كان يحين دوره كأنك قطعت تذكرة لرحلة من درب من دروب المتعة في عالم المستديرة، رحلة ذهاب كنا نتمناها بلا عودة، استلام الكرة على الصدر قد أرهق حناجرنا لكثرة ما انتزعته تلك اللقطة من آهات “بيبو بيبو يا سلام يا خطيب، بيبو بيبو الله يا خطيب” كانت حالة تشبه سهولة التصاق المغناطيس بقطعة من الحديد في موقف واحد لواحد، المراوغة التي كانت تسبق المرور الحتمي كل من كان في المدرج كان يتراقص معها، ربما لو كان كان من المنطق لرقصت معها القلوب “واحد اتنين وتلاتة ونص رقصهم يا خطيب على واحدة ونص”.

اعتزال محمود الخطيب كرة القدم

شعبية الأهلي بإفريقيا هو أول من سطر خطوطها، “نادي القرن” اللقب الذي نفخر به ساهمت أقدامه بسبعة وثلاثون هدف في تحقيقه، الخطيب حتى و إن كانت مسيرته محفوفة بالمخاطر إلا أنه أصر أن يخوض جميع معاركه وهو يعلم أن التبعية لن تخلو من الأهوال، بنفس الشغف والإصرار قلبه المتعلق بكرة القدم دفع ضريبة حبه، إصابات رباط صليبي تارة، وفي العين والرقبة تارات أخرى، حتى أجبرته لعنة الإصابات على التوقف رغماً عنه، لو كان الأمر بيده لاستمر في وخز الإبر المسكنة، لكنها لم تعد تجدي نفعاً مما دفعه للتوقف، ليلة الاعتزال كان ظلاماً دامساً لِما به من يقين مؤلم أن سترة البطل اليوم تعلق، ودعنا الخطيب بالدموع، هو بطل طفولتنا، أفضل لاعب في إفريقيا “لا يا بيبو لا لا ملكش حق”، “الزمن الجميل” الجملة التي جعلت منها أنت وأبناء جيلك محط للسخرية، لن تشعر بقيمتها إلا بمشاهدة بيبو، بيبو ده يا إبني أجمل حكاية أنا عيشتها.

فيديو مقال الخطيب أسطورة كروية

أضف تعليقك هنا
شارك
بقلم:

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ