المطلوب دسترة الشأن الرياضي

مطلب إدراج الرياضة في الوثيقة الدستورية هو مطلب من الناحية الحقوقية لا اختلاف عليه، لكن مضمون هذا المطلب فيه نظر لكون أن الرياضة في حقيقة الأمر هي ذلك النشاط الذي يرتبط بفئة معينة وداخل دائرة محدودة مما يجعل من هذا المطلب مطلبا نخبويا. وكان بالأحرى المطالبة بدسترة التربية البدنية والرياضة باعتبارها مجالا أرحب ويهم كل الجزائريين، وجل النشاطات البدنية سواء المؤطرة أو غير المؤطرة، ويفرض بالتالي على الدولة أن تهتم وأن توفر للمواطنين الإمكانات والمجالات الضرورية لكي يمارس الجميع نشاطه البدني.

الرياضة في الدستور

وبالرغم من أن هذا المطلب له قانونه الخاص في الوقت الحالي والمتعلق بقانون التربية البدنية والرياضة، سواء في نسخته السابقة والذي لم تضع كل بنوده حيز التنفيذ أو في نسخته الحالية والذي لم تخرج جل مساطره التنظيمية إلى حيز الوجود إلى الآن، وفي كلا الوثيقتين فإن التربية البدنية والرياضة إجبارية، لكن على مستوى الواقع يستحيل تنفيذ ذلك بفعل انعدام البنيات التحية الضرورية في المؤسسات ولاسيما منها المتواجدة بالمناطق النائية، وحتى المؤسسات الخاصة تفتقر لذلك، زيادة على النقص البين في الأطر الضرورية للإشراف على تنفيذ أية سياسة تتوخى احترام ما جاء به القانون المذكور.

لذلك فإن مطلب دسترة الرياضة أو بالأحرى التربية البدنية والرياضة يبقى مطلبا له أسبابه باعتبار أن الرياضة نشاط اجتماعي واقتصادي.
يبدو أن الوجه الآخر للرياضة بدأ يتطور بفعل التأثيرات التي تهب من الخارج، والتي تفرض بعض الهيئات الدولية والاحتراف في بعض الرياضات، زيادة على المصاعب الأمنية التي تطرحها بعض الرياضات على الدولة، وما مصادقة البرلمان على قانون خاص لمحاربة الشغب إلا دليل على الحد من تكاليف الخسائر والتخفيف من الأعباء التي تطرحها بعض الرياضات، وحتى العائدات الاقتصادية والمالية لرياضة لا تستفيد منها الدولة بل أنها تذهب إلى جيوب اللاعبين والمدربين والحكام والمسؤولين دون أن تترتب على ذلك مستحقات ضريبية تدعم مداخيل الخزينة. ونفهم ردة فعل أندية كرة القدم على تطبيق الضريبة بدعوى لا تستقيم مع منطق الاحتراف نفسه.

الممارسة الرياضية في مشروع الدستور

ستصبح الجزائر بعد المصادقة على مشروع الدستور الجديد، من بين البلدان القلائل في العالم، التي يكرس دستورها الرياضة كحق من حقوق المواطن ورافعة للتنمية البشرية بما يتماشى والتحولات العميقة، التي تشهدها الجزائر في مختلف المجالات.

إن تكريس الممارسة الرياضية في مشروع الدستور المعروض للمناقشة يحتم على الحركة الرياضية الوطنية ضرورة مواكبة هذا الحراك، وتفعيلا لدور الحركة الرياضية الوطنية، لابد على الاتحاديات الرياضية والإعلام الرياضي الوطني، كمؤسسات ذات قوة اقتراحية في مشروع وطني، تنظيم أيام دراسية وندوات وورشات عمل تتوج بجملة من التوصيات ليتم إحالتها في شكل مذكرة على اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، بغية التنصيص على دسترة الرياضة كحق من حقوق المواطن بالنظر إلى تجذرها في عمق المشروع المجتمعي الجزائري وأهمية دورها في بناء مجتمع ديمقراطي قوي ومتماسك.

الممارسة الرياضية حقا أساسياً من حقوق المواطن

والهدف من هذه الخطوة بناء منظور جديد لضمان حقوق جميع مكونات المجتمع الأساسية (الاقتصادية والاجتماعية والرياضية)، والانخراط في دينامية تنقيح القانون الأسمى للأمة والاستثمار في هذا المشروع بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل الجزائر.
باعتبار الممارسة الرياضية حقا أساسيا من حقوق المواطن والتأكيد على ضرورة تعميم ممارستها على جميع شرائح المجتمع وعلى دور الجماعات المحلية في التأسيس لمجتمع رياضي، فإن مشروع الدستور، الذي سيعرض مستقبلا من الممكن أن يستجيب لانتظارات الرياضيين الجزائريين بشكل كبير.

وهكذا نص من الدستور الجديد ضروري جدا للتأكيد على ضرورة أن تدعم السلطات العمومية بالوسائل الملائمة، تنمية الإبداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة إلى جانب السعي إلى تطوير هذه المجالات ومن ضمنها بطبيعة الحال الرياضة وتنظيمها بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة.

دسترة الحق في الرياضة ودعمها والنهوض بها

استشف من خلال دسترة الحق في الرياضة ودعمها والنهوض بها، أن مشروع الدستور الجديد لابد أن يكون (حريص على أن تنمى الرياضة قطاعيا ومهنيا وتقوم على أسس ديمقراطية تضمن لها الاستقلالية من جهة والحكامة الجيدة من جهة أخرى، ما دام أن المبتغى هو جعل الرياضة، وقد استوفت شروط الهيكلة وديمقراطية التدبير، رافعة من رافعات التنمية الوطنية الشاملة).
ومن هنا يحق للجزائريين أن يفخروا بأن الجزائر ستصبح من بين البلدان القلائل في العالم التي ينص دستورها على الممارسة الرياضة كحق من حقوق الإنسان اعتبارا لدورها الهام في خلق نوع من التحام النسيج الاجتماعي ومساهمتها في التنشئة الاجتماعية وتقوية الاندماج بين الفئات الاجتماعية.
وكذا عدم (تغييب الرياضة عن نشاطات وأعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لكونها ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية هامة تدل على ارتباطها الوثيق بأهداف المجلس).

فيديو مقال المطلوب دسترة الشأن الرياضي

أضف تعليقك هنا