“يا للأسف، لقد كان لطيفًا“ هذه كانت كلماتها بعد الحزن على مختطفها الذي ألقى بنفسه أمام قطار متحرك، وذلك بعدما نُشر أنه مطلوب للعدالة، لم لا تدعني أشرح لك القصة باختصار؟
بدأت الحكاية عندما اُختطفت طفلة العشر سنوات من أمام منزلها بالنمسا عام ١٩٨٨.. احتجزها الخاطف في حجرة مظلمة بدون أية شبابيك خلف جراچ السيارات لمدة ثمان سنوات، لا أمزح؛ إنه كما قرأت بالفعل.وبعد بلوغها الثمانية عشر عامًا، هربت واتجهت نحو شرطة النمسا لا لتخبرهم فقط عن عملية الخطف ولكن أيضًا عن كيف أنها كانت في مأمن ولم تدخن أو تشرب الكحوليات، بل كان يتركها تقرأ وتشاهد التلفاز، ناهيك عن الرحلات التي كان يصطحبها معه فيها.
بجانبها الكثير من القصص، بيد أنه لطالما كنا نتساءل “لماذا ننجذب إلى الشخصيات المؤذية؟“.. أو ربما انجذبت فقط للمقالة لأنها تحمل الاسم الذين أطلقوه على مونيكا في مسلسل (La Casa De Papel).. لا أكذب عليك أنا أيضًا انجذبت لمونيكا.. امم.. أقصد للاسم.
الأمر كله يتلخص في هذه المتلازمة، ولذلك.. ماذا نعني بمتلازمة ستوكهولم؟ وما الذي يسببها؟ وهل تعتبر مرضًا نفسيًا؟ حسنًا هذا ما سأتحدث عنه الآن.
سُميت المتلازمة نسبةً للمكان الذي لوحظت فيه للمرة الأولى، عاصمة السويد، حيث قام (چان إيريك أولسون) وصديقه بسطو على أحد البنوك أثناء فترة إطلاق سراحه المشروط، وعندما حاول الخروج بالأموال، حاوطته شرطة المدينة، ولكنه كان ذكيًا. فقد احتجز أربع رهائن طالبًا من الشرطة أن تحضر له سيارة وطريق مفتوح وكذلك إطلاق سراح بعض أصدقائه من السجن، الأمر الذي تم رفضه ونتيجةً لذلك استمرت الأمور هكذا لمدة ستة أيام حتى ألقت الشرطة القبض عليه يوم ٢٨ أغسطس.
وبعد فترة وأثناء محاكمته، استعانت الشرطة بالرهائن الذين رفضوا بغرابة الشهادة ضده، ليس فقط بل أيضًا حاولوا جمع التبرعات اللازمة للدفاع القانوني عنه، ناهيك عن زياراتهم المتصلة لهم أثناء فترة السجن، الأمر الذي دفع علماء النفس حينها للتفكير واكتشاف تلك الظاهرة النفسية التي يتعاطف فيها الفرد مع عدوه، أو يظهر له علامات الولاء.
لا تخف؛ وجد أن نسبة الرهائن التي قد تظهر هذا السلوك لا تتعدى ٨٪ من الحالات، ولكن بغض النظر عن ذلك وباندهاش كيف يحدث ذلك وما هي مسبباته؟يرتبط الموضوع بغريزة البقاء؛ ففي حالة الرهائن.. نرى أنه تتغلب حاجة الإنسان للحياة على كرهه للخاطف، بل هي ما تدفعه لتكوين مشاعر إيجابية ناحيته، فهو حاليًا ما يمثل الخير والشر والثواب والعقاب، وهو ما قد يُرجع الرهينة لمرحلة الطفولة مغيرًا نظرتها للخاطف ليصبح مصدر القوة والأحكام.
بمعنى أصح يتعامل معه وكأنه إله، وبالتالي يضخم التصرفات اللطيفة العادية، ويحدث ذلك كله نتيجةً للصدمة والضغط النفسي الذي قد تتعرض له الرهينة.ربما تتساءلين “هل لهذا علاقة بالأذى الذي أتعرض له سواء كان من الأهل أو الأصحاب؟“.. بالطبع، ولكن السؤال الأهم هنا لماذا قد يستمر الإنسان في علاقات مؤذيةٍ هكذا وهو يعرف بل وربما يستمتع؟
كما أسلفت أن الضغط النفسي هنا هو العامل الأساسي، حيث تصوِّر له نفسه أنه قد يكون الاستمرار أحد طرق الدفاع عن النفس، وذلك لأسباب سأذكر أربعة منها..الأول لشعوره بالتهديد نفسيًا وجسديًا “سأقتلك إذا تركتيني، أو سأقتل نفسي“، وثانيهم أن المضطهِد قد يظهر بعض اللطف والاهتمام في أوقات كثيرة، كتقديم كوب الماء كما ذكرت أو فقط السماح لك بالتنفس!
وأسباب أخرى مثل الأوقات الصعبة التي قد مروا بها سويًا سواء كانوا في عملية سطو أو في قصة حب (قال يعني تفرق!). وأما عن السبب الأخير فهو الخوف، حيث يشعر المضطهَد بأنه غير قادر أصلًا على الهرب.وأما عن دورة المتلازمة فتتمثل في أنه في بادئ الأمر تشعر بالصدمة والخوف، لكنك تعتاد بفعل غريزة البقاء، ثم يتكون داخلك مشاعر إيجابية بسبب الضغط النفسي؛ فإنه لعطفٌ كبير من الإله أنه لم يغضب.
في النهاية ولعرض جميع الاتجاهات، الكثيرون لا يعترفون بوجودها، كما أنها لم تُصنف كمرض نفسي بعد، لا نعرف ما سيحدث بالغد ولكن ما نعرفه الآن أنك معى لن تشعر أبدًا بهذه المتلازمة، ولكنك ستحبني بارادتك، ربما لأنني أحرص دائمًا على إمتاعك، أو فقط لأنني سأقتلك إن لم تفعل.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد