هل تتحدث النباتات؟

كيف تتواصل النباتات مع بعضها؟

أرى أنك مندهش قليلًا وتتساءل “كيف تتحدث النباتات وهي لا تمتلك أجهزة حسيّة وعصبية كالحيوانات، كما أنها ساكنة مكانها، تتفاعل فقط مع الضوء والماء وبدون أي حركة؟“ سؤالٌ جميل من شخص اعتاد القراءة لي، ولكن أجبني أنت أولًا، ماذا تعني هنا بالتحدث؟ فإن كنت تقصد التواصل، فبالتأكيد تتواصل النباتات مع بعضها البعض، سأشرح لك.. بغرض التعامل مع البيئة، تنتج النباتات كل أنواع الإشارات الكيميائية، بل يستطيعوا مشاركتها مع بعضهم البعض عن طريق مسارين، التربة والهواء.

تتواصل مع بعضها عن طريق التربة

ففي التربة تتواصل النباتات عن طريق الفطريات؛ كما تعرف أن للنباتات علاقة قويّة بالفطريات؛ حيث تستعمر الأخيرة جذورها لتساعدها على امتصاص الماء والغذاء، ولكن بدورها أيضًا تكوِّن شبكة تواصل كبيرة —مثل تلك التي تقرأ المقالة عليها عندنا— وبذلك تجعل التواصل بينهم سهلًا عن طريق الرسائل الكيميائية التي تحدثنا عنها مسبقًا.. وسأذكر من ذلك مثالًا لنبتتين مشهورتين.

مثال عن الطماطم والفاصولياء

أولهما الطماطم، التي عندما تتعرض لبعض الأمراض والآفات الڤيروسية حيث ينشط فيها جهازها المناعي، تبدأ ببث إشارات لفصائلها الأخرى كي تحفِّز جهازها المناعي، وأما الفاصولياء فتطمئن على بعضها البعض من وقت إلى آخر عن طريق التربة، فمثلًا عندما تتعرض نبتة إلى آفة المّن الشهيرة، فإنها ترسل إشارات إلى النبتة الآخرى فتحفزها لإنتاج الدبابير آكلة المّن.

تتواصل مع بعضها عن طريق الهواء

كم من مرةٍ مررت من جانب نبات ما وشممت رائحة عشب تفوح؟ دعني أحدثك المسار الثاني لمشاركة الإشارات، حيث يُرجع العلماء ذلك للعناصر الكيميائية التي ترسلها النباتات عن طريق الهواء. ففي إحدى التجارب التي تمَّت على النباتات الخشبية أمثال الدغل العشبي (Sagebrush) قام العلماء باتلاف النبات عمدًا بالحشرات، ولكن في الصيف التالي لاحظوا أن العدد الذي تأثر بذلك العملية أقل، فاستنتجوا -بعد عدة تجارب- أن هذا النبات يرسل إشارات كيميائية إلى بعضه في حالات الخطر، مما يحفز المستقبِل للتعديل في كيميائيته الداخلية لمجابهته. كما أنه ببساطة نلاحظ عند إطلاق هواء على نبات ما، فإنه سيتأثر النبات الأقرب للهواء أكثر مما بعده وهكذا بالتدريج.. ماذا تتوقع؟ ولكن لنتساءل معًا.. ما الذي يدفع نبات ما لفعل ذلك رغم المنافسة القائمة بينهم؟ وهنا يخبرنا بعض العلماء أنه قد يكون للمحافظة على وجود النوع، أو ما هي إلا إحدى آليات الدفاع الذاتي.

لوحظ أيضًا أنه كلما كانت النباتات أكثر تشابهًا كلما كانت عملية التواصل بينهم أسهل، ولكن رغم ذلك، وُجد أن بعض النباتات الغريبة عن النوع الواحد تستطيع تشفير إشارات الآخرين وفهمها ببساطة. وفي النهاية كما قرأت تستطيع النباتات الإرسال والاستقبال والتواصل وما إلى ذلك، وليتنا نستطيع التواصل معهم بهذه الطريقة، ربما يساعد على استمرارنا معًا.

فيديو مقال هل تتحدث النباتات؟

أضف تعليقك هنا