هنا اليوم، أقلب آخر صفحات هذا الفصل من حياتي، سبعة عشر عاماً من التعلم الأكاديمي المتواصل، رحلة أذكر يومها الأول عندما أنزلني والدي – رحمه الله – إلى تلك المدرسة في ذاك الصباح، واستمرت الرحلة طويلاً بدأت فيها التعرف على الحروف والأرقام العربية إلى أن وصلت إلى القدرة على تقديم الرعاية الصحية في الحالات الحرجة وربما التدخل الجراحي خارج المستشفى.
لا أستطيع القول أنها مرت سريعاً بل شعرت وعشت كل لحظة منها يوماً بيوم عاماً بعام، وعندما نتحدث عن مسيرة سبعة عشر عاماً من التعلم فمن المؤكد هنا ألا يقتصر على التعلم الأكاديمي، بل المهارات الحياتيةوبناء علاقة وطيدة مع الذات والتعمق بها أكثر والتعرف على جوانب الحياة: الجانب الاجتماعي، النفسي، المالي، الترفيهي، الصحي، العائلي، المهني، التعليمي والديني أو الروحي.
أعطِ كل جانب حقه، فلا تقصر بالجانب المهني لأجل الترفيه ولا تعطي بإفراط للجانب المهني على حساب الترفيه، كذلك أفعل في كل جانب، حقق التوازن فيها وقسم يومك لملء الفراغات في كل جانب، تعلمت هذا الدرس في السنة الأخيرة من الجامعة وبعد أن ظهرت نتائجاً لتقصير في جوانب لم أعرها الاهتمام الكافي وبدأت أحصد ما أفسده الإهمال، فكان خطئي الأكبر في الجامعة هو العزلة وتحديداً في السنتين الجامعية الأولى.
عندما كان الجميع في اندماج ويعملون بشكل جماعي ويتواصلون مع بعضهم البعض، تصرفت على طبيعتي وما اعتدت عليه منالانعزال والبحث عن الهدوء ولم أحاول يوماً الاندماج معهم وخلق بناء خطط التواصل معهم لخلق الانسجام بيننا، هنا ستخمنون في أي الجوانب أهملت، وبعد الانتهاء من السنة التحضيرية وتوزعنا في كليات الجامعة، استمرت تلك العادة معي، ولم أحاول معالجتها أيضاً واستمريت بتجاهلها حتى انتهيت من الجامعة بصديق واحد فقط.
وعلى الجوانب الأخرى بدأت التخبط بين هذا وذاك دون إرشاد أو وعي فيها، فكنت أتعلم الدرس بعد الفشل وتجرع نتائجه مما أثر سلباً على الجانب النفسي، في السنوات المتقدمة من الجامعة بدأت الأحلام والطموحات والأهداف تغزوا عقلي طوال الوقت فبدأت بالبحث وخلق الفرص لنفسي عن طريق العمل، فكنت طالباً صباحاً و موظفاً مساءً وتنقلت بين ٤ وظائف في ٣ أعوام
انصب تركيزي على الجانب المهني لخلق فرصة مهنية كبرى بعد التخرج وبه قد ارتفع لدي الجانب المالي أيضاً على حساب عدة جوانب أخرى كالجانب الأسري والاجتماعي والترفيهي والصحي مما أخيراً أثر على الجانب النفسي ووضعني تحت الضغط. وحتى سنة التخرج، لم أستوعب أياً من تلك الأمور إلا متأخراً وبعد الاضطرار للتخلي عن بعض الأشياء التي كان الممكن الاحتفاظ بها عن طريق التوازن بين كل جانب.
من المهم أن تحدد مسارك الذي ستمشي به وتبني مستقبلك عليه، لا تدع الآخرين يقررون عنك كيف تعيش حياتك، تخصصك الدراسي، عملك واختياراتك بالحياة، عش كأنت املأ حياتك بما تحب داخل دائرة الحلال والمباح، نرى كثيراً حولنا من يضيع سنوات ثمينة من حياته بسبب اختيارخاطئ أو الأسوأ من ذلك اختيارات الآخرين له، فتجده في مجال لا يهواه وإن برع فيه، وهذا ما قد يسبب له انطفاء العين وما أسميه (موت الطموح) فقبل كل مرحلة من حياتك تساءل، أين سأكون؟ لم أرغب بهذا المسار؟ كيف سأنجح بالوصول؟ وهل هذا حقاً ما أريد؟ وأخيراً… ماهي الخطة باء؟
وبخصوص الأخطاء والفشل حاول دائماً العمل بتجنب الأخطاء لتجنب الفشل فهذا هو البديهي، الحذر من الفشل لا يعني بالضرورة الخوف منه، فيمرحلة الطفولة والمراهقة وبداية الشباب هي مراحل التعلم والتجارب والاستكشاف وهذا سيعرضك حتماً لاحتمالية ارتكاب الأخطاء وربما الفشل حتى، تذكر أن الحفرة التي تسقط بها مرة، لن تسقط بها أخرى وهنا يتجوهر مفهوم اكتساب الخبرة، سمعت مقولة يوماً “الخبير هو أكثر من ارتكبالأخطاء” وبالتأكيد قصة توماس إديسون في اختراعه للمصباح هي إحدى أكثر القصص إلهاماً في هذا الجانب، جرب، أخطئ، افشل، تعلم من ثمقف وأعد رسم الخطة وابدأ من جديد، النجاح جسر صعب العبور لكن تخطيه ليس مستحيلاً.
أبقِ نفسك مشتعلاً ولا تدع فتيلك يذبل بالإحباط بل اجعل عودك يشتد بالإصرار، لا تقارن نفسك بالآخرين ولا تستصغر ما تملك فاليوم وإن نجح الجميع وفشلت أنت، بكل بساطة لأنه دورهم وسيأتي دورك أنت حتماً.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد