تحاول هذه السطور أن تلقي الضوء على بعض ما جاء من نصوص في كتاب الإمام عبد القاهر دلائل الإعجاز – تتحدث عما نسميه اليوم بالتماسك النصي بشقيه اللفظي والدلالي من خلال قراءة بعض نصوص هذا الكتاب في ضوء ما يعرف اليوم بالتماسك النصي ، و تعتمد هذه القراءة على القديم والحديث في آن واحد ، القديم متمثلا في الكتاب ذاته دلائل الإعجاز، وتتكئ في هذا الحديث على بعض معطيات علم النص خاصة مفهوم السبك الذي يُعنى بكل ما من شأنه أن يكون سببا في ترابط النص ترابطا لفظيا ،وكذا مفهوم الاتساق الذي يُعنى بكل ما من شأنه أن يكون سببا في ترابط النص ترابطا دلاليا.(التماسك النصي). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم أدب).
وليس يخفى أن ” النص الواحد تحكمه علاقات لغوية ودلالية تعمل على تماسكه وترابط أجزائه وعلى من يتصدى لتفسير النص أن يستعين بهذه العلاقات بنوعيها، وقد تكون العلاقات أو الروابط اللغوية واضحة تتمثل في بعض الأدوات كالعطف والإشارة والشرط والإحالة بالضمير،أوما يؤدي منها معنى السببية أو يأتي لبيان الغاية أو الاستدراك، وغير ذلك من الروابط اللغوية.
أما العلاقات الدلالية فإنها متنوعة ومتجددة مع النصوص بحيث يكاد كل نص يبتكر وسائل تماسكه الدلالية ، وهذه العلاقات الدلالية هي التي تساعد على ربط الإشارات في النص ببعضها ، وتعين على تطورها وأسلوب تحوِّلها حتى تكوِّن في النهاية خيطا قويا يربط النص رباطا خفيا يحتاج إلى تلطف لكشفه.” (1)
أعني بالتماسك النصي هنا كل ما يجعل النص متماسكا سواء أكان هذا على المستوى الدلالي أم المستوى اللفظي ، ويتسم النص بهذه السمة ، سمة كون النص متماسكا لفظيا ودلاليا ، متى تحقق فيه ما يعرف في نحو النص بمفهوم السبك ومفهوم الاتساق ، لذا يحسن بنا في هذا المقام أن نوضح المقصود بمفهومي السبك والاتساق وكذا مفهوم النص قبل الشروع في قراءة “التماسك النصي في دلائل الإعجاز.
لعله مما لا خلاف عليه أن تُحدَّد المصطلحات النظرية لأي بحث قبل البدء في التطبيق والتحليل، إن كان ثمة تطبيق ، ذلك ؛ لأن ” التحليل يفترض – في أصل معناه- الانطلاق من رؤية نظرية لا بد منها قبل أي تحليل، وهذه الرؤية النظرية ،لا شك، تؤازرها بل تسهم في تشكلها ذخيرة قراءة المحلل، ومعرفته المتراكمة وخبرته بالنوع الذي تنتمي إليه النصوص المحللة” (1)
أما لماذا اختيار هذا المصطلح (السبك) دون غيره من المصطلحات ؟ بمعنى آخر. لماذا لانقول الحبك أو غيره من المصطلحات التي اختارها بعض النقاد ليدلوا بها على ما يدل عليه السبك ؟وإجابة عن هذا نقول: إن اختيارنا للسبك مرده إلى أنه ليس غريبا عن أدبيات النقد الأدبي الحديث، فقد ذكره نقادنا القدامى غير مرة ، ذكروه حين وصفوا الشعر بجودة السبك وتلاحم الأجزاء وصحة الطبع. يقول أبو عثمان الجاحظ: ” وأجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء سهل المخارج فيعلم بذلك أنه أفرغ إفراغا جيدا وسبك سبكا واحدا، فهو يجري على اللسان كما يحري على الدهان(2).
وهذا صاحب الطراز يتحدث حديثا ليس بعيدا عن السبك و ما يهدف إليه من حسن التأليف بين الألفاظ والجمل في النص وتقوية الارتباط بين أركانه حتى يصير كلا واحدا يقول: ” ويجب مراعاة أحوال التأليف بين الألفاظ المفردة والجمل المركبة حتى تكون أجزاء الكلام متلائمة آخذا بعضها بأعناق بعض،وعند ذلك يقوى الارتباط ويصفو جوهر نظام التأليف، ويصير حاله بمنزلة البناء المحكم المرصوص المتلائم الأجزاء ، أو كالعقد من الدر فصلت أسماطه بالجواهر واللآلئ ، فخلص على أتم تأليف.” (3)
والسبك أيضا يلتقي مع ما سماه روبرت دي بوجراند الترابط الرصفي :SEQUENTIAL CONNECTUAL فقد ذكر أن كل نشاط وكل إجراء غايته رصف عناصر اللغة في ترتيب نسقي مناسب يظهر فيه الترابط والتماسك والتتابع بين الأجزاء المكونة للنص- هو شكل من أشكال السبك.وهذا يعني أن السبك يترتب على إجراءات تبدوبها العناصر السطحية Surface على صورة وقائع يؤدي السابق منها إلى اللاحق بحيث يتحقق لها الترابط الرصفي.”(4) وعلى أية حال ، فالسبك ،كما يقول أستاذنا الدكتور تمام حسان رحمه الله:”إحكام علاقات الأجزاء، وذكر أن وسيلة ذلك:
والمقصود بالمناسبة المعجمية كما يقول أستاذنا أيضا،تلاقي حقلين من حقول المعجم بحيث يجوز للفظ من أحد الحقلين أن يرد في تركيب واحد مع لفظ من الحقل الآخر، وهذا الذي يقصده البلاغيون عند قولهم “إسناد الفعل إلى من هو له”(5)
(شاهد المزيد من مقالات موقع مقال على اليوتيوب).
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد