في عيدهن، ماهي سمات المرأة الأكثر إنجازاً؟

بقلم: سمية عربي

يقول الشيخ الإمام محمد الغزالي رحمه الله: ” أي مطالع للقرآن الكريم والسنن الصحاح يرى المرأة جزءاً حياً من مجتمع حي، فهي تتعلم و تتعبد و تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر و تجاهد – إذا شاءت-  في البر والبحر، وتؤخذ منها البيعة على معاقد الإيمان والأخلاق ، وتعارض الحكم أو تؤيده”. كلمات ذات دلالات عديدة وتنظير رفيع يحمل دلالات عدة تعظم شأن هذا الكيان الثابت وتعكس جوهر المرأة ودورها البارز في المجتمع وأنها عنصر الديمومة فيه والوفرة والعطاء. (سمات المرأة الأكثر إنجازاً)

لو لم يكن للمرأة عيد هل سيكون الأثر فارقاً؟

ثم ان أول ما يتبادر الى ذهن القارئ ماذا لو لم يكن هناك عيد للمرأة؟ هل يكون الأثر فارقا؟ ان صح القول أكثر ماذا لو كان كل يوم تحسن فيه المرأة إدارة أمور حياتها هو العيد ذاته . وأقصد هنا المرأة العربية المسلمة تحديدا التي هي في غنا تام عن الشعارات الرنانة وطابوهات المساواة والعدل بما تحظى به من مكانة وقدر في مجتمعها وبيتها وأسرتها خاصة.

لمادا لا تجعل المرأة من كل يوم تعيشه عيداً؟

ماذا لو أن كل واحدة فينا جعلت من كل يوم تعيشه عيدها الخاص بطقوسها العفوية وبساطة سريرتها ورجاحة تفكيرها .انه من التقزيم والتحجيم لمرأة اليوم أن تنساق وراء التيارات الداعية والمرسخة أنها تستحق فقط يوما لتحظى به كعيد تستجمع فيه مآثرها وتستذكر إنجازاتها وتأخذها المعزوفة الموسيقية الى اخر نوطة تنتهي بها دقات هذا اليوم. هذه المرأة التي لو فُتِحت لها أبوابٌ الخير قاطبة ما اشتكى فقير في المعمورة من كرمها وحسن صنيعها في أي مجال ولنا في سجل تاريخها مآثر وعبر ، حاكمة كانت أو عاملة بسيطة من صحابية الى عالمة جليلة الى فاعلة ورائدة نافعة ، ولو سٌخِرت لها سُبل الشر وفَعَلَتْ قِواها ما ظلت امرأة في الأرض مظلومة، ولنا في سير الإسلام حكايا وعبر كثيرة.

نموذج المرأة القويّة الورعة (إنجازات المرأة)

ان ما نبحث عنه اليوم ونريد احيائه هو نموذج المرأة الرسالية الورعة في أي حيز كانت تشغله وهي التي قال فيها رائد الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله:  اذا علمت ولداً فقد علمت فرداً، واذا علمت بنتاً فقد علمت أمة”في إشارة منه  على أن العناية الأسرية تبدأ من الصغر لما للتنشئة الاجتماعية من دور بارز في بلورة أهداف الفتاة وتوجيهها وصولا الى “المرأة النموذج” الفاعلة والمبصرة لقومها ، باختلاف مشاربها ، لأنها صنيعة تجارب ملهمة وهي صانعة الأجيال القادمة والمشرفة الأولى على لبنات التربية في الأسرة والمجتمع.

ولعل أكثر فترة تصقل فيها مهاراتها ومواهبها هي فترة الشباب بمقوماتها والتي تعد المرحلة التكوينية الفارقة في نشأة كل فتاة وشابة بما تغترفه فيها من معارف وتكتسبه من مهارات لذلك فان نجاح وصلاح المرأة اليوم مرتبط ارتباطا وثيقا بدافعية إنجازها في مسارات الحياة المختلفة مهما كانت وظيفتها من بسيطة الى سامية. وان المرأة لا تحتاج يوما للعيد بقدر مايجب أن تستشعر  أنها مسؤولة عن صناعة العيد في كل أيام السنة اذا جعلت من هذه السمات لها منهاجا:

سمات المرأة الأكثر إنجازاً

  • العقيدة: فكلما كانت المرأة عارفة ورعة بأمور دينها ومتوكلة على ربها كان أدعى أن توفق في أمور حياتها وتكون مصدر الهام لغيرها.
  • المبادرة: ولعله العنصر المشترك بين مختلف النماذج النسائية الناجحة فكلما كانت المرأة ذات سعي وسبق للانجازات كانت أكثر نجاحا وتميزا .
  • اليقين: أن تستشعر المرأة أثر إنجازها وتكون مغامرة في المجال الذي تتقنه بوعي وادراك لتزيد من فرص نجاحها .
  • الإخلاص: وهو أساس صلاح أي عمل ، فالمرأة التي تجعل من أي عمل تقدمه عبادة تبتغي بها وصال الخالق قبل المخلوق وتخلص نيتها في السر والعلن تحوز التوفيق في مختلف مجالات حياتها.
  • وضوح الهدف: فالغاية التي تسعى لها كل مرأة ناجحة تكون واضحة جلية من البداية وكلما كان الهدف ظاهرا استطاعت الإنجاز أكثر واحراز التقدم في تحقيقه واختصرت الكثير من المسافات.
  • سرعة التنفيذ: فلو سألت الكثير من النساء الناجحات اليوم عن أحد أهم العوامل التي تزيد انجازهن مقارنة بغيرهن لوجدت أن المرأة الناجحة يكون مستوى أدائها وقتي ومحدد أي أنها سريعة التطبيق لا تؤجل أفكارها ولا تتهاون في تنفيذها ولعله المحفز الأول لكل امرأة لا تتوقف عند حدود الفكرة حتى ترى تجليها في الواقع، فالنجاح محصلة عمليات متتالية لا تراكمات وانتظارات.
  • وجود دافع: فنجاح المرأة عموما لا يخلو من توفر دافع سواء كان شخصا من الأهل “أب”أخ”أو زوج داعم وقدوة ، كما يمكن أن يكون دافعا ذاتيا للنجاح نتيجة علو الهمة والإرادة وكما يقول المتنبي:” إذا كانت النُّفوسُكِباراً — تَعِبَت في مُرادِها الأجسامُ”
  • التقييم الذاتي المستمر: فكل امرأة ناجحة لابد لها من فترات راحة تستوقفها لتعيد تقييم مدى فاعلية إنجازها وسط تباين الرؤى والأهداف ووتيرة تقدمها حتى تصل اليها باتقان اكثر وفي زمن فارق.
  • الشغف: وهو السمة التي تميز امرأة ناجحة عن غيرها ، فطريق النجاح يتطلب صبرا وانتظارا وأن تكون المرأة ذات شغف متزايد ، أن تعمل بحب وتنجز بسعادة وتهتم بأدق التفاصيل دون ملل أو تعب ، فالنجاح والتميز هو محصلة التفاصيل الصغيرة. ولا فرق بين امرأة ناجحة أو أخرى الا في التفاصيل ! امرأة اهتمت وأخرى أهملت وتجاهلت…فشعور النجاح وفرحة الانجاز يلغي تعب وارهاق كل تلك الليالي الطوال
  • الامتنان: وهو أعظم شعور يمكن أن تستشعره المرأة الناجحة وترى تجلياته في واقعها وحياتها اليومية ،ولعله أكثر شعور فارق في مدى التقدم والانجاز عن تجربة شخصية . وكان من اكثر النصائح التي الهمتني بها احدى استاذاتي ووجدت انعكاساته في ابسط تفاصيل حياتي اليوم ، فإن أعظم ما يمكن أن تقدمه المرأة الناجحة لذاتها أن تكون ممتنة للظروف والأشخاص ولكل سبب كان لها محفزا لتحرز تقدما وتمضي قدما أكثر في دروبها.فعلينا أن نكون ممتنات لكل سبب كان لنا المحرك والدافع والأمل لنكون الأفضل.

ان كل فتاة أو امرأة تشتكي اليوم من صعوبة الوصول الى ماتصبو اليه أو تلعن الظروف والكون والمعمورة وتستذكر أنوثتها فقط في هذا اليوم وأنها صاحبة حق وشرعية ، فالحري بها أن تنفض غبار الجهل عن ناظرها وتصحح مساراتها وتسارع لتلحق إنجازها وتعمل أكثر على نفسها ، هي مجرد خطوات بسيطة وسمات فعالة لو حرصت كل امرأة على تفعيلها والتزمت بتطبيقها لاستطاعت سد الكثير من الثغرات والنقائص في حياتها وما اشتكت ابدا من الواقع .

هل العاجزات هنَّ اللواتي لايجرؤن على النجاح؟

فالعاجزات هن اللواتي لا يجرؤن على النجاح فقط! وان معادلة النجاح لا تقتضي أن تحوز المرأة كما من المعارف والمهارات بقدر ما يتطلب امرأة ذات حلم وإرادة ، فيكفي القليل من العزم مادامت المرأة تريد أن تعمل وتطور من ذاتها وكلما كان هدفها التقدم والتطور كلما ذللت الصعاب أمامها ، فأنتِ مغناطيس النجاح فكري واستشعري كل ما تريدنه واقعا يكن لكِ جليا بالعمل والسعي وحسن التوكل على الله .وابتعدي عن كل معترك يزج بك في مسالك التيه ويهدر طاقتك ، واني لا اشك في قدرة المرأة على الإنجاز أبدا مادام حسن صنيعها في الخير والشر جليا في واقعنا وفي ماضينا.

تذكري أنَّ هناك ما يعلو بكِ أكثر من الكعب العالي

ولنا في كتاب الله حكم كثيرة تبين ذلك فإمرأة العزيز حين قالت ” ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونَن من الصاغرين”لم يكن ذلك تهديدا بقدر ما كان منها ايمانا بما تستطيع تنفيذه وهي في مرحلة القوة  هي نفس المرأة التي في عز ضعفها وحين تلاشى مدى إنجازها قالت “الآن حصحص الحق “،”وإنه لمن الصادقين “،امرأة بقدر بلقيس وسلطانها تقول ” إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ“وقد كانت في موضع اختيار لكنها اختارت الهدف الذي يخدمها ويصحح مسارها

وتذكري مهما كنت فتاة شابة أو امرأة هناك ما يعلو بك أكثر من الكعب العالي ومساحيق التجميل:خلقك ..علمك ..سماحتك .. أدبك.. نجاحك.. ووضوح أهدافك ومساراتك في الحياة، فكوني ذات حلم وإرادة تكن لك السيادة. (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم قضايا مجتمعية، وشاهد مقاطع فيديو موقعنا على اليوتيوب).

بقلم: سمية عربي

 

أضف تعليقك هنا