هل تخاف البقاء وحيدًا؟ أعتقد أنك لست وحدك من يعاني هذا الشعور. هناك الكثير ممن ينظرون إلى الأشخاص غير المتزوجين ويفترضون أنهم على الأرجح حزينون ووحيدون طوال الوقت. كما تلحق وصمة عار بالأشخاص الذين الوحيدين تصورهم أفراداً غير محبوبين وحزينين ووحيدين. ولهذا غالباً ما نكون غير مرتاحين ببقائنا بمفردنا؛ نحاف للغاية من الطريقة التي سيتصورنا بها الناس لدرجة أننا في نهاية المطاف نجبر أنفسنا على إقامة علاقات لا تعني لنا. وهذا سيء. يجب أن نكون قادرًا تمامًا على الاستمتاع بكوننا وحدنا في الحياة.
في دراسة استقصائية أجريت عام 2014 على 2000 شخص بالغ، قال واحد من كل ثلاثة إنه يخشى أن يكون وحده: 40٪ من النساء و 35٪ من الرجال. لكن هذا لا يعني أنك يجب أن تتخلى عن كل شيء والبدء في العيش في كوخ في الغابة بمفردك. لست مضطرًا بالضرورة إلى التخلي عن كل الأشخاص المحيطين بك. وإنما يجب أن تكون في وضع في حياتك لا تشعر فيه باليأس لقضاء الوقت مع أشخاص آخرين باستمرار. وأن تكون مستقلاً. وقادراً على إعالة نفسك في هذا العالم. وأن تعرف كيفية الاستفادة القصوى من الوقت الذي تقضيه مع نفسك. ولا تبقي إلا العلاقات الممتعة والمرضية، وألا تربط قيمتك الذاتية بهذه العلاقات. ولا تجعلها هي التي تعطيك قيمتك.
العالم مليء بالوسائل التي تجعلنا لا نشعر بالوحدة حتى عندما لا نحظى بالوجود المادي لشخص آخر. وعلى الرغم من عدم وجود دراسة تشير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تمنع الاكتئاب ومشاعر العزلة – إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون أداة لمكافحة الاستفادة من الوحدة – فهي، جنبًا إلى جنب مع التلفزيون وألعاب الفيديو، يمكن أن تشتت انتباهنا عن الاستمتاع الوحدة.
لكن قدرتنا على أن نكون بمفردنا تصبح أكثر صعوبة كلما قل استثمارنا للوحدة واستمتاعنا بها – مما يثير خوفنا منها. والاستسلام للخوف من أن تكون وحيدًا يؤدي إلى استمرار إلحاح الشعور بالوحدة. والخوف من أن تكون وحيدًا يمكن أن يكون منهكًا، وفمن المحتمل أن يؤثر على قراراتنا تأثيراً سلبياً يجعلنا نفعل أي شيء للهروب من الألم المتصور من بقائنا بمفردنا. قد تحاول ملء وحدتك بممارسة الأنشطة التي لا تستمتع بها حقًا، أو قضاء وقتك مع أشخاص لا تسعد بوجودهم بما في ذلك الحفاظ على الصداقات المتذبذبة أو الغوص في العلاقات العاطفية التي لا تناسبنا؛ وتظهر بعض الدراسات أن الخوف من أن نكون وحدنا يدفعنا إلى إعطاء الأولوية لبقاء العلاقة بغض النظر عن جودتها، مما يؤدي إلى شراكات غير صحية.
لكن اختيار الوحدة النوعية يمكن أن يعزز علاقاتك؛ يقول “ماثيو بوكر” أستاذ علم النفس في كلية “ميدالي”: “إن بناء القدرة على أن تكون وحيدًا يجعل تفاعلاتك مع الآخرين أكثر ثراءً. لأنك تبني العلاقة مع شخص بناء على ما هو عليه وليس مجرد وسيلة تواصل تزدهر مما يقدمه الآخرون فقط “. إن تعلم فن الوحدة، أو أن تقتنع أن تكون وحيدًا، يحسّن أيضًا الإنتاجية والإبداع والتعاطف والسعادة ويقلل من عيش أزمة الراحة.
تذكر دائماً أن أفكارك ليست “ذاتك” الحقيقية. فلا تدع الخوف من أفكارك يمنعك من البحث عن قضاء الوقت بمفردك. يعتقد الكثير من الناس خطأً أن صوت الأفكار في رؤوسهم هو أدق تصوير لأنفسهم، لكنه ليس كذلك. فلا تعطِ أهمية لا داعي لها لثرثرة عقلك. فليس عليك أن تصدق انّ كل ما تفكر فيه يعبر عنك.
مع التدريب يأتي الإتقان: الطريقة الوحيدة للتغلب على الخوف من أن تكون وحيدًا هي أن تواجه الوحدة بعقلية جديدة؛ قد تقرر أن قلقك من أن تكون وحيدًا يعيقك وأنك تريد أن تصبح الشخصَ الذي يرضى عن نفسه. ربما يكون تحقيق هذا المستوى العالي من الاستقلال أو احترام الذات أحد أهم أهدافك.
ولتحقيق ذلك خصص مساحة وقت لنفسك وأدرجها في جدول أوقاتك. تقنية “صندوق الزمن”، هي تقنية تدور حول تحديد قيمك أو مُثُلك – سمات الشخص الذي تريد أن تصبح – والتأكد من تطبيقها في جدولك الزمني. إذا لم يكن لديك صندوق زمني من قبل، فابدأ بوضع الجدول الزمني المناسب لك لتحقيق أهدافك.
حدد مقدار الوقت الذي تريد أن تقضيه بمفردك في الأسبوع. حتى جدولة 15 دقيقة من الوقت فقط هي خطوة للأمام. ربما ستستغل هذا الوقت في استرخاء ذهني صباحي بتصفح إحدى المجلات. أو ربما تأخذ 30 دقيقة إلى ساعة للخروج في جولة بمفردك. (ملاحظة: كلاهما يعتبر “فترات راحة جيدة” تنعشك خلال يوم العمل.) أو خذ بضع ساعات للخروج لتناول عشاء منفرد لطيف أو أية مغامرة.
إن مجرد فهم عدم ارتياحنا لكوننا بمفردنا يمكّننا من أن نبدأ في السيطرة على هذا الشعور وإيجاد طرق أفضل للتعامل مع إلحاح المشاعر السلبية. فإذا كنت تعاني من عدم الراحة عندما تكون وحيدًا، فلا تدع هذا المحفز الداخلي، أو الشعور السلبي، يدفعك إلى الانحرافات مثل تشغيل التلفزيون أو فتح تيك توك.
من المهم أن تدرك أن عدم الراحة ليس أمرًا سيئًا بالضرورة. فأنت لا تحتاج دائمًا إلى الراحة. يمكن الاستفادة من هذا الوقت لشحذ طاقتك والاندفاع إلى الأمام، وبدلاً من البحث عن أسهل طريقة لتخليص نفسك من الألم، يمكنك النظر إلى داخلك لفهم دافع رغبتنك في الهروب مما تشعر به. ما الذي تخافه في قضاء الوقت بمفرك، حتى لو كنت نتلم أنه شيء تريد القيام به؟والأفضل هو أن تطبق بعض الخطوات لتشجيع المحفزات الداخلية للبقاء وحدك:
كما كتب أوليفر بيركمان في صحيفة الغارديان، “إنها حقيقة مثيرة للفضول أنك عندما تنتبه بلطف إلى المشاعر السلبية، فإنها تميل إلى التبدد – أما المشاعر الإيجابية فتتوسع.”
هناك الكثير منا يرون أن الأشخاص غير المرتبطين على الأرجح حزينون ووحيدون طوال الوقت. وأن وصمة عار تلحق بهم وتصورهم كأفراد غير محبوبين وحزينين ووحيدين. ولهذا، يكون الكثير منا غير مرتاح حقًا لكونه بمفرده في بعض الأحيان. فقد نصبح خائفين للغاية من الطريقة التي سيتصورنا بها الناس لدرجة أننا في نهاية المطاف نجبر أنفسنا على إقامة علاقات لا تعني لنا الكثير؛ وهذا سيء.
يجب أن تكون قادرًا تمامًا على الاستمتاع بكونك وحيدًا في الحياة. وهذا لا يعني أنك يجب أن تتخلى عن كل شيء ببساطة وتعيش في كوخ في الغابة بمفردك. فلست مضطرًا إلى التخلي عن كل الأشخاص المحيطين بك؛ لكن يجب أن تكون في مكان في حياتك لا تشعر فيه باليأس لقضاء الوقت مع أشخاص آخرين باستمرار. وأن تكون مستقلاً. ولا تخشى الاعتماد على نفسك في هذا العالم. وأن تعرف كيفية الاستفادة القصوى من الوقت الذي تقضيه مع نفسك. وألا تربط إحساسك بقيمتك الذاتية بالعلاقات، مهما كانت مرضية ومريحة لك. فقيمتك لا تأتي منها. فماذا تحقق عندما تستمتع بقضاء الوقت بمفردك؟
لدينا جميعًا القدرة على الاستمتاع بالوحدة. فلا تدع عوامل التشتت تبعدك عن النظر إلى الداخل.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد