• اليوم: الجُمعة السادس من شوال سنة 3 هجرية.
  • المكان: مدينة المصطفى ﷺ
  • الحدث: انطلاق الرسول ﷺ مع 1000 (ألف) من أتباعه خارج المدينة المنورة متوجهين إلى أحد لقتال الكفار.

رأس النفاق عبد الله بن أُبي

وفي منتصف الطريق،  ينعزل رأس النفاق: عبد الله بن أبي بنحو ثُلث الجيش. وقال: يخالفني -يقصد الرسول ﷺ – ويسمع للفتية! فتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام – والد جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – يوبخهم ويحضهم على الرجوع. ويقول: تعالوا قاتلوا في سبيل الله، أو ادفعوا. قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع! فرجع عنهم وسبهم.

وهكذا رجع ثُلث الجيش في أحلك الظروف، وتحصل المعركة وتنتهي بما هو معروف ومشهور، ولكن يبقى سؤال مهم لماذا أختار رأس النفاق هذا التوقيت للإنسحاب؟ لِم لم يرفض الخروج من الأصل والإعتذار؟

معركة أُحد

إنه قدرٌ رباني وسنة كونية كشفها القرآن الكريم من خلال آية واحدة من مجموع آيات تحدثت عن تلك الغزوة والتي لم تكن معركة بالأسلحة لكنها كانت معركة داخل النفوس وداخل الصف الإيماني، لا يمكن كشفها إلا من خلال تلك المواقف أو مثلها، لنقرأ الاية ثم نستلهم منها:

تفسير آيات سورة آل عمران

مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)آل عمران

هكذا بدأت الآية ” مَّا كَانَ اللَّهُ ” وهذا في تلميح إلا كونها سنة ربانية، يكفي أن “الله” هو الذي سطرها ووضحها ولا راد لأمر الله ولا تغيير لسنته، فعلينا إدراك تلك السنة والتعامل معها لا رفضها.

ثم ” لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ”  من جميل التعبير القرآني استخدام كلمة المؤمنين مع كون بعضهم من المنافقين المفضوحين لكن القرآن يتعامل بالظواهر البارزة للناس لا بخبايا النفوس، فالصف الإيماني يبدو واحداً متراصاً، ولكن..

تمييز الخبيث من الطيّب

تأتي الآن القضية الأساسية”حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ” نعم لا ينبغي للصف أن يبقى مجهول الهوية ، فلابد من تمحيص النفوس وتمييز الصفوف من خلال الأقوال والأفعال والسلوك، فمن حكمته وسنته -سبحانه- ألا يسمح بتوارى المنافقين  وراء دعوى الإيمان، ومظاهر الإسلام، بينما قلوبهم خاوية من حقيقة الإيمان، و روح الإسلام، فالطريق طويل وشاق ولا يحتمل المزايدة ولا لبس الأقنعة.

مقالات متعلقة بالموضوع

فدعوى التمسك بالقيم والحرص عليها والتفاني من أجلها لا تكفي، بل لابد من التعرض لما يستدعي كشف الأقنعة وظهور الحقائق أمام الناس والمؤمنين خصوصاً، فالنصر هنا لايقل أهمية عن النصر في المعركة، وربما يكون أولى وأهم.

فتمييز الصف وإزالة الأقنعة الإيمانية أمر تكفل الله ببيانه، إذن فهذه ليست خاصة بزمن الرسول ﷺ ،لكنها قضية مستمرة على مدار الزمان والمكان والمتأمل في تاريخنا الإسلامي يدرك بوضوح سنن الله في كشف الأقنعة وإزاحت الستار عن مدعي الإيمان.

لا بد من تحرير الإسلام من ضِعاف النفوس

والأمة الإسلامية تحمل رسالة للناس كافة، فلابد من تحريرها من ضِعاف النفوس وأصحاب الههم الواهية والنفوس المتأرجحة فهذه ستكون عبئأ على المسيرة لا عوناً لها، وعلى مقدار تماسك الصف الإيماني ونقاءه وتصفيته يكون تحقيق رسالته.إن النخرَ في قلب الصف الإيماني غالباً ما يكون من أصحاب الأقنعة الإيمانية وتغلغلهم، تلك الأقنعة تجعل من العسير التعرف عليهم وكشف ما ورائهم، ومن هنا كانت من حكمة الباري -سبحانه- أن يميزهم بما شاء وكيف شاء ومتى شاء.

أما طبيعة ذلك التمييز وكيف يكون ومتى؟ فهي ليست لنا، فقد تكون بتسلط أهل العصيان وانكماش أهل الإيمان، وقد تكون بتسلط الأعداء على رقاب الأبرياء، وقد تكون بالتوسعة الدنيوية وزيادة المال، وغيرها كثير.

والمهم أن  الله لن يذر المؤمنين على ماهم عليهم من اختلاط الصفوف وعدم التباين والتستر بالأقنعة الإيمانية، لكنه سيميز الخبيث من الطيب، فليستعد كل مؤمن (الطيب) ويسأل الله الثبات، وليحذر كل مقنَّع فمصيره مكشوف مفضوح (الخبيث) عدا ما أعد له من عذاب في الآخرة. اللهم أرنا الحق حقاً وثبتنا عليه وأرنا الباطل باطلاً وأبعدنا عنه.

فيديو مقال أقنعة الإيمان

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ