في مجتمع الوظائف والأعباء اليومية المتزايدة، تصبح إدارة الوقت مهمة بالغة الصعوبة، للتوفيق بين واجبات الدراسة والعمل، وبين ممارسة هوايات وأنشطة محببة للنفس، وبينما تتزايد الشكوى من ضغوط الحياة اليومية، ويتساءل شباب اليوم عن بدائل لاستعادة توازنهم النفسي، تطرح نماذج من المجتمع مسارها وأداءها شاهدا على الجمع بين الهواية والعمل الوظيفي، ومثالا يُحتذى لجيل يطمح للتوفيق بين تحقيق حلمه، وإحراز النجاح في تحصيله الدراسي والمهني.
في سماء الإمارات لمع اسم طبيب الأسنان عمار الجنيبي، بوصفه حكما دوليا متألقا للعبة كرة القدم. فهذا الشاب من مواليد 1982 جمع بين عمله الرسمي كطبيب أسنان في مركز السمحة الطبي بأبو ظبي، وشغفه بالتحكيم الذي تعلم الكثير من أسراره على يد شقيقه محمد الجنيبي؛ مما ساعده على التألق و التميز، وإدارة مباريات من العيار الثقيل على الصعيد القاري.
إن تحقيق التوازن بين العمل الرسمي وتنمية الموهبة ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى تخطيط وتنظيم، وحسن إدارة للوقت. ويكتسب هذا الأمر ضرورة حيوية بالنظر إلى الفوائد التي تحققها الهوايات بالنسبة للصحة النفسية للفرد: فهي تساعد على تفريغ للضغوط النفسية، من قلق واكتئاب وحزن، وما يترتب عنها من مشكلات أسرية وتوتر في العلاقات الإنسانية بصفة عامة، وتُجدد النشاط لكسر روتين الحياة اليومية، وتحقق أيضا التخلص من الوحدة وما تفضي إليه من مشاعر سيئة.
لذا حين سئل عمار الجنيبي عن سر توفيقه بين مهنته والتحكيم أجاب: “لم أواجه أي صعوبات في هذا الخصوص، إذ استطعت أن أوفق في العمل في المجالين في آن واحد من خلال توزيع وقتي بشكل جيد، خصوصاً أن عملي طبيب أسنان أكسبني خبرة في التعامل مع اللاعبين في المباريات خلال لحظات الانفعال والعصبية، ولذلك فإنني لن أتخلى عن المجالين، كونهما شكلا شخصيتي بشكل كبير جداً”.
يشترك الناس جميعا في مقدار ما يملكونه من الوقت، لكنهم يختلفون بشدة في كيفية استغلاله وإنفاقه. وحتى يستطيع المرء أن يجمع بين ميوله وهواياته من جهة، وبين عمله الروتيني، فهو بحاجة لأن يتعلم إدارة الوقت، بمعنى أن يفرض سيطرته عليه، بحيث يتبقى له الوقت الكافي لتحقيق المتعة من خلال ممارسة فن أو مهارة محببة له.
ليتم التوازن بين العمل الرسمي والهواية، يجب أن يضع المرء مسارا لمهنة جيدة، ثم يحقق الرضا الذاتي بما يعمل. تقول بيفرلي كاي، مؤلفة كتاب(أحبب عملك لا تتركه):” معظم الناس الذين نعرفهم يشعرون بعدم الرضا في أعمالهم، وذلك بسبب عدم استخدامهم لمهاراتهم، وليس بسبب المهارات التي يستخدمونها”. ولعل من مكاسب الرضا الذاتي عن العمل أن تُسهم خبراته في تنمية الهواية وتطويرها، كما عبر الجنيبي بقوله:” إن عملي طبيب أسنان أكسبني خبرة في التعامل مع اللاعبين في المباريات خلال لحظات الانفعال والعصبية.”
من ثمرات التوازن بين العمل والهواية أن يمتلك الفرد مهارة حل المشكلات، ويُبدي حساسية بالغة إزاء العمل التطوعي الذي يرمي إلى خدمة الصالح العام. وفي مسار الحكم عمار الجنيبي نلمح هذا الاستعداد في تطوعه للكشف عن مرضى كورونا، تجاوبا مع المبادرة التي أطلقتها شركة أبو ظبي للخدمات الصحية. وفي تعليقه على تلك اللفتة الإنسانية قال الجنيبي أن تقدمه للتطوع هو جزء بسيط من مسؤوليته تجاه المجتمع، وقناعته بأن الوضع الصحي يتطلب خط دفاع أول، للحفاظ على صحة المواطن. إلى جانب ما تحققه الهواية من تجدد للطاقة، ومزاج أفضل لمواجهة أعباء الحياة، فهي أيضا وسيلة للارتقاء الاجتماعي، وكسب عائد مادي. وفي حالة الحكم الجنيبي فإن التحكيم هيأ له فرص تحقيق شهرة ومكانة في عالم كرة القدم.
https://www.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.1382798.1596561870!/image/image.jpeg
أدار الجنيبي عددا من المباريات على الصعيد القاري (آسيا) والدولي، إلى جانب بعض المباريات الودية، منها مباراة مصر وتونس التي أقيمت بالإمارات سنة 2012، كما شارك في دورة كأس الخليج ال 23 التي جرت بالكويت. وهو مدرج في قوائم الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ سنة 2011، وتم اختياره ضمن القائمة الأولية لنهائيات كأس العالم التي احتضنتها روسيا سنة2018، ليمنح بذلك حضورا متميزا للصافرة الإماراتية.
أما عن العائد المادي فالجنيبي صرّح غير ما مرة أن التحكيم بالنسبة له شغف واستمتاع، وطموح لأن يكون سفيرا لبلده في المحافل الخارجية. وقال في حوار مع (الإمارات اليوم):”لا أفكر مطلقا في الأمور المادية كحكم، خصوصا أن مجال التحكيم هو بالنسبة لي هواية، كوني أعمل طبيب أسنان”.
إذا كان الفصل بين العمل والهواية أمرا حتميا، بالنظر إلى الاختلاف الواضح في الطبيعة والهدف، إلا أن التقريب بينهما ممكن، ويحقق فوائد جمة منها ضمان حافز مستمر للإنتاج والإبداع. لذا حين شارك عمار الجنيبي كحكم فيديو في بطولة كأس العالم لأقل من 20 سنة، والتي أقيمت في مدينة جدينيا البولندية، مكّنته حنكته وسعيه للتميز في أدائه إلى كشف عيوب تقنية التحكيم بالفيديو، والدعوة إلى وضع برنامج خاص لقضاة الملاعب يقلل عامل الزمن الذي تستغرقه الحالات التحكيمية الخاصة بتقنية “الفار”.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد