المسؤولية والتعويض في الأنشطة الفضائية: فهم المادتين 1 و 2 من الاتفاقية الدولية بشأن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية 1972

المادة 1 و 2 من الاتفاقية الدولية بشأن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية 1972

المادة الأولى:

لأغراض هذه الاتفاقية:

  • (أ) يقــصد بتعــبير “الإضــرار” الخــسارة في الأرواح أو الإصــابة الشخــصية أو أيِّ إضــرار آخــر بالــصحة، أو الخــسارة أو الــضرر الــذي يلحــق بممتلكــات الدولــة أو ممتلكــات  الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، أو ممتلكات المنظمات الحكومية الدولية؛
  •  (ب) ويقصد أيضا بتعبير “الإطلاق” محاولة الإطلاق؛
  •  (ج) ويقصد بتعبير “الدولة المطلِقة” ما يلي:
    ’١’ الدولة التي تطلق أو تدبر أمر إطلاق جسم فضائي؛
    ’٢’ الدولة التي يستخدم إقليمها أو تستخدم منشآهتا في إطلاق جسم فضائي؛
  •  (د) ويشمل تعبير “الجسم الفضائي” الأجزاء المكونة للجسم الفضائي، فـضلا عـن مركبة الإطلاق وأجزائها.

-شرح المادة الأولى:

تقدم المادة الأولى من اتفاقية المسؤولية الفضائية تعريفات للمصطلحات الرئيسية المستخدمة في المعاهدة.  فهم هذه التعاريف ضروري لتفسير أحكام الاتفاقية وتطبيقها في الممارسة العملية. سوف يتم شرح كل مصطلح تم ذكره في المادة الأولى مع مثال لفهم أفضل.

(أ) “الضرر”:

يشير إلى أي ضرر يسببه جسم فضائي، بما في ذلك الخسائر في الأرواح، أو الإصابة الشخصية، أو الإضرار بالصحة، أو فقدان أو إتلاف الممتلكات المملوكة لدول، أو أفراد (طبيعيين أو قانونيين)، أو المنظمات الحكومية الدولية. تعريف الضرر بموجب الاتفاقية واسع، يشمل كلا من الضرر الجسدي للأشخاص والأضرار التي تلحق بالممتلكات.

مثال: إذا تعطل أحد الأقمار الصناعية وعاد إلى الغلاف الجوي للأرض، وتسبب الحطام في إصابة منطقة سكنية، فإن الإصابات الناتجة عن ذلك، وكذلك تدمير المنازل والممتلكات الأخرى، تعتبر “ضررًا” بموجب الاتفاقية.

(ب) “الإطلاق”:

لا يشمل هذا المصطلح عمليات الإطلاق الناجحة للأجسام الفضائية فحسب ، بل يشمل أيضاً محاولات الإطلاق حيث تم توسيع مسؤوليات الدول المطلقة لتشمل الحوادث التي تحدث أثناء عملية الإطلاق ، وهذا يعني أنه حتى إذا فشل الجسم الفضائي في الوصول إلى الفضاء الخارجي ، فقد تظل الدولة المُطلِقة مسؤولة عن أي أضرار ناتجة عن ذلك.

مثال: إذا انفجر صاروخ يحمل قمرًا صناعيًا على منصة الإطلاق ، مما تسبب في ضرر للأشخاص أو الممتلكات القريبة ، فسيظل الحادث يعتبر “إطلاقًا” بموجب الاتفاقية ، على الرغم من أن الجسم الفضائي لم يصل أبدًا إلى المدار.

(ج) “الدولة المطلقة”:

تعتبر  الدولة مطلقة في الحالات التالية:

  1. إما تطلق جسماً فضائياً بنفسها مباشرة
  2. أو تتعاقد مع طرف آخر لإجراء الإطلاق نيابة عنها
  3. أو تسمح باستخدام أراضيها
  4. أو مرافقها لإطلاق جسم فضائي.

-يشير هذا الجانب من التعريف إلى الدولة التي إما تطلق جسمًا فضائيًا مباشرة أو تتعاقد مع طرف آخر لإجراء الإطلاق نيابة عنها. في كلتا الحالتين، تعتبر الدولة “دولة مطلقة”.

  1. دولة تطلق جسما فضائيا بنفسها مباشرة: عندما تطلق دولة جسمًا فضائيًا بشكل مباشر ، فهذا يعني أن الدولة مسؤولة عن جميع جوانب الإطلاق ، بما في ذلك تصميم أنشطة الإطلاق وتطويرها وتنفيذها. في هذا السيناريو ، تتمتع الدولة بالسيطرة المباشرة والمشاركة في عملية الإطلاق.
    -مثال على دولة تطلق جسم فضائي بنفسها مباشرة: الدولة “أ” تطلق جسم فضائي مباشرة من أراضيها. في هذه الحالة يكون البلد “أ” هو الدولة المطلقة، لأنه أطلقت الجسم الفضائي  بنفسها مباشرة ومن أراضيها
  2. الدولة التي تتعاقد مع دولة أخرى لإجراء الإطلاق نيابة عنها: فهذا يعني أن الدولة تتعاقد مع طرف آخر (مثل بلد آخر أو شركة خاصة) لإجراء الإطلاق نيابة عنها. في هذا الحالة، لا تشارك الدولة بشكل مباشر في الإطلاق الفعلي ولكنها لا تزال تعتبر الدولة المطلقة بسبب دورها في بدء الإطلاق والإشراف عليه.
    -مثال على دولة تتعاقد مع دولة أخرى لتطلق جسم فضائي بالنيابة عنها: لا تمتلك  الدولة “ب” قدرات إطلاق خاصة بها ولكنها تتعاقد مع الدولة “ج” لإطلاق جسم فضائي نيابة عنها. في هذه الحالة ، تعتبر  كل من الدولة ب  والدولة ج (الذي يتم إطلاق القمر الصناعي من أراضيه) دولتين مطلقة للجسم الفضائي.
    مثال على دولة تتعاقد مع دولة أخرى لتطلق جسم فضائي بالنيابة عنها 2: تعاقدت الدولة “ب” مع شركة فضاء خاصة من البلد “ج” لإطلاق قمر صناعي للبحث العلمي. في هذه الحالة،. تعتبر كل من الدولة ب والدولة ج (الذي يتم إطلاق القمر الصناعي من أراضيه) دولتين مطلقة للجسم الفضائي
  3. الدولة التي ينطلق من أراضيها أو من مرافقها جسم فضائي: يشير هذا الجانب من التعريف إلى الدولة التي يقع فيها الإقليم أو المرفق المستخدم للإطلاق. بغض النظر عن الكيان الذي يقوم بعملية الإطلاق، تعتبر الدولة المعنية “دولة مطلقة”.
    مثال على إطلاق جسم فضائي من مرافق دولة : تطلق شركة خاصة من الدولة د  جسم فضائي من مرفق يقع في الدولة هـ في هذه الحالة، تعتبر الدولة د (حيث يقع مقر الشركة) الدولة هـ (الذي يتم إطلاق الجسم الفضائي من مرافقها)  في هذه الحالة تعتبر كل الدولتين مطلقتين للجسم الفضائي.

(د) “الجسم الفضائي”:

ويشمل ذلك الجسم الرئيسي المطلق في الفضاء، والأجزاء المكونة له، ومركبة الإطلاق (مثل الصاروخ)، وأي أجزاء من مركبة الإطلاق. مثال: إذا تحطم صاروخ يحمل قمرًا صناعيًا أثناء الإطلاق، فسيتم اعتبار كل من الصاروخ والقمر الصناعي ، وكذلك أي أجزاء منفصلة عنهما، “أجسامًا فضائية” بموجب الاتفاقية.

باختصار، تحدد المادة الأولى من اتفاقية المسؤولية الفضائية المصطلحات الأساسية لإنشاء لفهم نطاق المعاهدة وتطبيقها. تساعد هذه التعريفات على توضيح التزامات ومسؤوليات الدول المطلقة في حالة الضرر الناجم عن أجسامها الفضائية.

-المادة الثانية:

تكون الدولة المطلقة مسؤولة مسؤولية مطلقة عن دفع تعويض عن الأضرار التي يسببها جسمها الفضائي على سطح الأرض أو تحليق الطائرات.

شرح المادة الثانية:

لقيام المسؤولية الدولية يوجد ثلاث نظريات:

  1. المسؤولية الدولية على أساس الخطأ (نظرية الخطأ ) ويجب توافر عنصر الخطأ- الضرر- العلاقة السببية .
  2. المسؤولية الدولية عن أفعال غير مشروعة دوليا (نظرية الفعل الغير مشروع دوليا )
  3. المسؤولية الدولية عن أفعال مشروعة لا يحظرها القانون الدولي (نظرية المخاطر أو المسؤولية المطلقة )

-المسؤولية التي سوف تطبق على نص المادة الثانية من المسؤولية عن الأضرار الفضائية هي المسؤولية الدولية عن أفعال مشروعة لا يحظرها القانون (نظرية المخاطر أو المسؤولية المطلقة) حيث إن هذه النظرية تقوم على أساس أن من يقوم بنشاط مشروع يتسم بالخطورة الشديدة، يجب أن يكون مسؤول عن المخاطر التي يخلفها هذا النشاط. وغالبا يتم تطبيق نظرية المخاطر أو المسؤولية المطلقة (المسؤولية الدولية عن أفعال مشروعة لا يحظرها القانون) في ثلاث مجالات:

  1. الأنشطة الفضائية
  2. تلوث البيئة
  3. الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

حيث يكفي توافر:

  • عنصر الضرر للمدعي حيث (يجب أن يثبت المدعى حدوث ضرر له فلا مسؤولية دون ضرر)
  • وأن يكون السلوك منسوب إلى الشخص الدولي المدعى عليه حيث (يجب أن يثبت المدعي أن الفعل الذي سبب له ضرر منسوب إلى الشخص الدولي المدعى عليه)  وبالتالي لا يشترط توافر عنصر الخطأ والذي يتعذر غالبا إثباته

-الاتفاقية الوحيدة التي أقرت المسؤولية الدولية عن أفعال مشروعة لا يحظرها القانون الدولي هي اتفاقية المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تسببها الأجسام الفضائية لعام 1972 والتي هي بالأصل أنشطة مشروعة تبدأ من دولة معينة وقد تتعدى حدود دول أخرى مع احتمال حدوث ضرر قد تتعرض لها دول أخرى. حيث نصت المادة الثانية ” على أن الدولة التي تطلق أجسام فضائية أو الدولة التي يستخدم إقليمها أو منشآتها في إطلاقها تكون مسؤولة مسؤولية مطلقة عن تقديم تعويض الأضرار التي تسببها هذه الأجسام على سطح الأرض أو الطائرات أثناء تحليقها”.

-يمكن تعريف المسؤولية المطلقة بأنها المسؤولية الدولية للدولة دون خطأ أو اتخاذ سلوك غير محظور دوليا حينما تتخذ الدولة أنشطة خطرة. وجود هذه المسؤولية في الاتفاقيات الدولية قليل جدا ونادر حيث لا يمكن تطبيق هذه المسؤولية إلى في حالة غياب الخطأ والفعل الغير مشروع دوليا

مثال: دولة أ أطلقت قمر صناعي لكن القمر الصناعي سقط وتحطم في منطقة سكنية للدولة”ب” ، حيث  تسبب في أضرار في الممتلكات وإصابات شخصية. هنا سوف تتحمل الدولة “أ” المسؤولية المطلقة عن الضرر ، حتى لو لم يكن عطل القمر الصناعي ناتجًا عن أي إهمال من جانب الدولة “أ” وفقا لنظرية المخاطر (المسؤولية الدولية عن أفعال لايحظرها القانون الدولي) حيث يكفي توافر عنصر الضرر للمدعي وأن يكون السلوك منسوب إلى الشخص المدعى عليه ول ايشترط توافر عنصر الخطأ والذي يتعذر غالبا إثباته

-قضية كوزموس 954

تم إطلاق كوزموس 954 قمر صناعي تابع للأتحاد السوفيتي في  عام 1977. كان لديه مفاعل نووي صغير لتشغيل أنظمته حيث تعطل القمر الصناعي وفقد المتحكمون به من الأرض السيطرة وفي يناير عام 1978، دخل القمر الصناعي الغلاف الجوي للأرض وتحطم وسقطت أجزاء منه، بعضها يحتوي على مواد مشعة، على أراضي كندا.. ردا على الحادث ، عملت كندا والولايات المتحدة معًا في عملية مشتركة لتحديد موقع الحطام المشع واستعادته لتقليل التأثير البيئي والمخاطر الصحية المحتملة

المسؤولية والتعويض:

أثار الحادث تساؤلات حول المسؤولية القانونية عن الأضرار التي تسببها الأجسام الفضائية حيث طالبت كندا بتعويضات من الاتحاد السوفياتي بموجب اتفاقية عام 1972 المتعلقة بالمسؤولية الدولية عن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية وفقا لنص المادة الثانية من الاتفاقية “أن الدولة التي تطلق أجسام فضائية أو الدولة التي يستخدم إقليمها أو منشائتها في إطلاقها تكون مسؤولة مسؤولية مطلقة عن تقديم تعويض الأضرار التي تسببها هذه الأجسام على سطح الأرض أو الطائرات أثناء تحليقها”، في حالة كوزموس 954، كان الأتحاد السوفيتي يعتبر:

  1.  دولة الإطلاق وبالتالي يعتبر السلوك منسوب إلى الأتحاد السوفيتي.
  2.  وكان مسؤولاً عن الأضرار التي سببها القمر الصناعي على أراضي كندا وبالتالي  تم تطبيق المسؤولية المطلقة على حادثة كوزموس 954 على  على النحو المحدد في اتفاقية عام 1972 بشأن المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية

المفاوضات والتسوية:

بعد مفاوضات مطولة، وافق الاتحاد السوفيتي على دفع 3 ملايين دولار كندي لكندا (من 6 ملايين دولار كندي المطالب بها) كتعويض عن تكاليف التنظيف. كانت هذه هي المرة الأولى التي تدفع فيها دولة تعويضات بموجب الاتفاقية الدولية بشأن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية 1972.

فيديو مقال المسؤولية والتعويض في الأنشطة الفضائية: فهم المادتين 1 و 2 من الاتفاقية الدولية بشأن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية 1972

 

https://youtu.be/6GtlLfSqbu0

 

أضف تعليقك هنا