أبو العلاء المعري.. الأعمى الذي أنار العالم من حوله

بقلم: أحمد شوقي

نبذة عن حياة أبي العلاء المعري

إن كنت مهتماً بمجال الأدب، فلا بد من أنك قد سمعت بــ أبو العلاء المعري، الشاعر المتشائم الذي ذاق ذرعا من الحياة ومصائبها، وعانى الأمرين منها ومن مجرياتها التي لطالما فاجأته بقسوتها، بدءاً من إصابته بالجدري وفقدانه لبصره وهو لم يتجاوز الرابعة من العمر إلى اعتزاله الناس في آخر سنين حياته.

كان أبو العلاء المعري زاهداً بكل ما تحمله هاته الكلمة من معنى، فلم يسعَ لتلقي أي مناصب سياسية على الرغم من نسبه النبيل ونفوذ عائلته في المجتمع العباسي آنذاك، حتى أنه كان نباتيا ممتنعا عن أكل لحوم الحيوان لمدة أربعين سنة وكان يرى في أكلها قسوة وأذية للحيوانات.

هذا جناه أبي علي .. وما جنيت على أحد

كان أبو العلاء يرى في الإنجاب جريمة لا تغتفر، فلطالما كان يتساءل، كيف يمكن للإنسان أن يكون أنانيا لهذه الدرجة، كيف تسول له نفسه أن ينجب كائنا بريئا لعالم مليء بالمعاناة والمرض والسقم والمجاعات والظلم والاستبداد والجوع والارهاق والأوبئة والمتلازمات والاظطرابات العقلية، ولهذا لم يتزوج أبو العلاء قط ولم ينجب أي ولد من صلبه، على كل حال، هاته كانت الفلسفة التي انتهجها لعيش حياته، وسواءً اتفقت معه أم لا، إلا أنك لا يمكنك أن تنكر بأن بعض حججه تتماشى مع المنطق السليم، وبالطبع فكل هاته الايديولوجيات والمعتقدات هي ذاتية نابعة من التجارب الحياتية التي عايشها وليست بالموضوعية طبعا، فكما ذكرنا سابقا، فأبو العلاء قد عانى الأمرين حقا وهذا السبب الرئيسي في نمو تشاؤمه وانعدام تفاؤله وخيبة أمله.

شاعر الفلاسفة

أبو العلاء المعري هو الفيلسوف الوحيد ما بين الشعراء، بداية من الشعر الجاهلي وصولا إلى الشعر الحديث، ولهذا لقبوه بـ شاعر الفلاسفة، وهذا يعكس مدى عبقرية هذا الشخص، فبجانب علمه الغزير في الدين والفقه والتوحيد، لديه فلسفة فريدة من نوعها، فلسفة ولدت من رحم المعاناة، تشاؤم جانح، فـ حين تأتي لتقرأ دواوين أبو العلاء وقصائده، فانني أراهنك على أنك لن تجد شيئا سوى الحزن والسخط والأسى والبغض والحقد والندم والسواد الذي يغطي معظم كلماته.

بعيدا عن كل هذا، أبو العلاء يعتبر واحدا من الشعراء المفضلين لدي، وأنا أجزم بأنه من أعظم الشعراء في التاريخ، وأعظم أديب مشى على سطح الأرض. وهنا يا عزيزي القارئ ينتهي مقالنا ، وقبل أن تودع كلماتي أود أن أشكرك على حسن القراءة والمتابعة، هذا أولا، وثانيا أود أن ألفت انتباهك لإحدى مؤلفات أبو العلاء، وهو ديوان رسالة الغفران، والذي أعتبره تحفة أدبية لم يسبق لها مثيل ولا أعتقد بأنه سيأتي كتابا بنفس مكانته وغزارة مصطلحاته اللغوية.

بقلم: أحمد شوقي

 

أضف تعليقك هنا