بقلم: إيمان بولحية

إذا جرح الانسان يميل إلى الشفاء بشكل طبيبعي. إلا إذا علق الشيء الذي جرحه بجسده فإن أزلنا الكتلة، يكمل الجسم عملية الشفاء تلقائيا. لهذا السبب فهو على استعداد للسماح للأطباء بإجراء عملية جراحية، كونه على قناعة تامة بأن الجرح سيلتئم ويطمئن لذلك.

نظام المعلومات في الدماغ يعمل على إعادة التوازن النفسي للإنسان

ويعتبر الدماغ جزء من الجسم. يعمل وفق آلية – نظام معالجة المعلومات – التي تؤكد عملية الشفاء . وهو موجه لنقل أي نوع من الاضطرابات العاطفية إلى مستوى من الصحة العقلية أو ما أسميه مستوى من الدقة التكيفية. بمعنى أن الدماغ مسؤول على إعادة التوازن النفسي للإنسان بعد اختلاله وذلك يتم بشكل تكيفي عن طريق تضمين المعلومات المفيدة التي تسمح لنا بأن نكون أكثر ملاءمة للبقاء على قيد الحياة في حياتنا. يهدف نظام معالجة المعلومات إلى الإبقاء عما هو مفيد، والتخلي عن الباقي.

إليك كيفية عملها: تخيل أنك تشاجرت مع زميل في العمل. يمكنك أن تشعر بالضيق أو الغضب أو الخوف من كل ردود الفعل الجسدية التي تتماشى مع هذه المشاعر المختلفة. يمكن أيضًا أن تكون لديك أفكار سلبية عن الشخص وعن نفسك بعد الموقف. قد تتخيل مثلا كيفية ترغب من خلالها في الانتقام، (لكن دعونا نأمل أن تقاوم تلك السلوكيات)؛ وقد تركز على أشياء أخرى مثلا احتمالية طردك من العمل. لذلك أنت تمشي بعيدا عن المواقف . بداية ستفكر فيه. ثم تتحدث عنه وبعدها تذهب للنوم وربما تحلم به. وفي اليوم التالي قد لا تشعر بالسوء الشديد. لقد «استوعبت» التجربة بشكل أساسي ولديك الآن إحساس أفضل بما يجب القيام به. هذا هو نظام معالجة المعلومات في الدماغ الذي يأخذ تجربة مزعجة ويسمح بالتعلم. يحدث الكثير منه أثناء نوم حركة العين السريعة (REM). يعتقد العلماء أنه خلال هذه المرحلة من النوم، يعالج الدماغ الرغبات ومعلومات البقاء والتعلم التي حدثت في ذلك اليوم. في الأساس، كل ما هو مهم بالنسبة لنا. خلاصة القول هي أن الدماغ يجتهد وحده للقيام بذلك.

نظام المعلومات يساعد على تخطي التجارب المزعجة

بعد معالجة المعلومات دون انقطاع، سترتبط ذاكرة الموقف عمومًا بمعلومات أكثر فائدة مخزنة بالفعل في عقلك. يمكن أن يشمل ذلك التجارب السابقة التي مررت بها مع زميل العمل هذا والآخرين. قد تكون قادرًا الآن على القول، “أوه، هذا هو زميلي تمامًا. دائما ما تصدر عنه اشياء مشابهة و لقد رأيت منه شيء كهذا من قبل، ! ” نظرًا لارتباط هذه الأفكار بالحادث المزعج الحالي، فإن تجربتك مع الحدث تتغير. تتعلم ما هو مفيد من الموقف ويتخلى عقلك عما هو غير مفيد. لأن المشاعر السلبية والحديث عن الذات ولومها لم يعد مفيدا ، لذا تم تجاوزها. لكن ما كنت بحاجة إلى تعلمه يبقى، والآن يخزن عقلك ذاكرة الحدث في شكل قادر على إرشادك بنجاح في المستقبل.

نتيجة لذلك، لديك إحساس أفضل بما يفترض أن تفعله. يمكنك التحدث إلى زميلك في العمل دون الاضطراب العاطفي الشديد الذي عانيت منه في اليوم السابق. هذا هو نظام معالجة المعلومات التكيفي في الدماغ الذي يأخذ تجربة مزعجة ويسمح بالتعلم. إنه يفعل ما هو موجه للقيام به.

مقالات متعلقة بالموضوع

احتفاظ الذاكرة بالمواقف المزعجة يعطل عمل نظام معالجة المعلومات

للأسف، يمكن للتجارب المزعجة، سواء كانت صدمات كبيرة أو أنواع أخرى من الأحداث المزعجة، أن تطغى على النظام. عندما يحدث ذلك، فإن الاضطراب العاطفي والجسدي الشديد الناجم عن الموقف يمنع نظام معالجة المعلومات من إجراء الاتصالات الداخلية اللازمة لنقلها إلى حل. بدلاً من ذلك، يتم تخزين ذاكرة الموقف في الدماغ كما اختبرته تماما. أي ما رأيته وشعرت به، الصورة والعواطف والأحاسيس الجسدية والأفكار أصبحت مشفرة في الذاكرة في شكلها الأصلي غير المعالج. لذلك، كلما رأيت زميل العمل الذي تجادلت معه، بدلاً من أن تكون قادرًا على إجراء محادثة هادئة، يعود الغضب أو الخوف. قد تحاول إدارة مشاعرك بدافع الحفاظ على الذات، ولكن كلما ظهر الشخص، يزداد انزعاجك!

عندما ترفض مثل هذه الانفعالات الاختفاء في الوقت الحاضر، فغالبًا ما يكون ذلك لأنها ترتبط أيضًا بذكريات غير معالجة من الماضي. تحدث هذه الروابط اللاواعية تلقائيًا. على سبيل المثال، قد يأتي كرهك المباشر لشخص قابلته للتو من ذكريات شخص مشابه له تسبب في أذيتك من قبل.إذا لم يعمل نظام معالجة المعلومات بشكل صحيح بعد المواقف، يمكن أن ترتبط المثيرات بشبكة الذاكرة و «تثير» المشاعر والأحاسيس الجسدية التي هي جزء من تلك الذاكرة المخزنة غير المعالجة.

الذكريات غير المعالجة يبقى تأثيرها طول الزمن

وبهذا يقوم نظام معالجة المعلومات المعطل بتخزين الذاكرة بمعزل عن بعضها البعض – وبشكل غير متكامل داخل شبكات الذاكرة الأكثر عمومية. ولا يمكن أن تتغير هذه الذاكرة لأنها غير قادرة على الارتباط بأي شيء أكثر فائدة وتكيفًا. لهذا السبب لا يشفي الوقت كل الجروح، وقد تستمر مشاعر الغضب أو الاستياء أو الألم أو الحزن أو عدد من المشاعر الأخرى حول الأحداث التي وقعت قبل سنوات. وتم تجميدها دون معالجتها، ويمكن أن تصبح الذكريات غير المعالجة أساسًا لمشاكل عاطفية وأحيانًا حتى جسدية. على الرغم من أن الشخص ربما لم يتعرض لصدمة كبيرة في حياته ، وقد أظهرت الأبحاث أن أنواعًا أخرى من تجارب الحياة يمكن أن تسبب نفس أنواع المشاكل. وبما أن تفاعلات الذاكرة تحدث تلقائيًا، دون المستوى الواعي، فقد لا يكون لديك أي فكرة عما يدير عرضك حقًا.

بقلم: إيمان بولحية

أضف تعليقك هنا
شارك
بقلم:

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ