بعد منتصف اليل وبينما أحاول النوم وسط طقس شديد البرودة ، تنقلت من صورة إلى أخرى فى هاتفى المحمول ، أتابع ما سجلته هذه الكاميرا من أحداث وأشخاص ، فهذا أخى الصغير ينظر مبتسما فرحا مقبلا على الحياة ، وهذه أختى تجرى مسرعة لتكون جزءاً من الصورة ، وهذا صديق عمرى ، وهذا أستاذى ، وهذه مدينتى ، وهذا حقلى، أما هذه الصورة فقد دمرت كل الأحلام فى نوم ما تبقى من ساعات اليل ، هي صورة التقطتها منذ فترة لثلاثة من الأطفال أحدهم يحمل على ظهره ما قد يتساوى مع وزنه أو يزيد قليلاً ! ، غير عابئ بكل هذا الثقل .
لم أعرف طبيعة ما يحمله ، لكن ما فهمته أنه يفعل ذلك طلباً للقمة العيش ، تلك التى نكد ونجاهد على أمل الحصول عليها بكرامة وشرف ، ما أدركته أنه مجرد مثال لأطفال انتزعت منهم حقوقهم ، بل طفولتهم إن صح التعبير ، دون حتى أن يكون لهم حق الإعتراض ، وباتوا أطفالاً فى قوة وصلابة الرجال.
مثال واضح لغياب العدالة الإجتماعية ، فبينما يعيش الأغلبية من أبناء وطنى بين زمرة الفقراء ، يعيش البعض الآخر حياة لا تعرف إلا الرفاهية ، حتى أن أكثر مشكلاتهم تعقيداً قد تتمثل فى عدم حصولهم على النسخة الأحدث من الهواتف المحمولة التى يفضلونها ، وقد ينقلب البيت رأسا على عقب لأن الولد المدلل لم يحصل على السيارة الحديثة التى كان قد وعد بها من قبل ، وبينما لا يجد الأغلبية حتى حق الدواء ، حق الحياة ! ، يكشف الستار منذ أيام عن قضية رشوة بملايين الدولارات ، لمسئول المشتريات والتوريدات بمجلس الدولة ، إلى جانب ما أعلن عن إمتلاكه لثروة فاحشة ، وما خفى كان أعظم .
وفى الوادى الآخر ، وعبر تلك الشاشة الصغيرة التى باتت جزءا من حياتنا اليومية ، يطل البعض علينا يومياً ممارساً هوايته المفضلة فى نفاق هذا المسئول أو ذاك، مدافعا عن تلك القرارات التى يتخذها ، والتى دائما ما تكون حكيمة ، ومختلفة ، وخارج الصندوق ، حتى وإن كانت فى الحقيقة تضرب بالمنطق عرض الحائطـ .
وقد يحدثوك لبرهة من الوقت عن فقر الفقراء ، جهل الجهلاء ، معاناة المحرومين ، دون أن يفكر أحدهم يوماً أن يتقرب إلي هولاء ، أن يعيش ، يأكل ، يلبس ، يتعلم ، كما يفعلون ، أو حتى أن يستضيف بعضهم فى برنامجه ، حيث تفرد له هذه القناة أو تلك ساعات من ذلك البث العابث المجنون ، لم يفكر يوما أن يخلص النية لخدمتهم ولخدمة وطن يعيشون فيه ، أو أن يتخلى يوماً عن بعض المصالح الشخصية الضيقة لأجل شعب يذوق المرارات ، ويعيش الأهوال يومياً .
تحدث عن الفقراء ، ولتبحث عما يخلصهم من فقرهم ، لكن الأجمل أن تخطو خطوة ولو واحدة نحو انتشالهم من هذا الفقر .. واللهم إنى فقير !
فيديو المقال
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد