في هذا الجزء سنتكلم بإيجاز عن العنصر الثاني من عناصر الهوية الشيعية والتي تشكلها تلك الطقوس ؛ ألا وهي صفة العداء الدائم , والثأر القائم مع الأمة السنية .. وهذا العداء لا يكاد يخفى إلا على سارحة ألإبل , أو بهيمة الطريق ؛ كيداً وضراً , ولو نظرنا إلى كل طقس من تلك الطقوس لوجدناه فيضاً من العداوات والثارات التي لا تنتهي , وهذه الطقوس تعتبر بحق مظاهرة ضد أهل السنة والجماعة شعوباً وحكومات , كما صرح بذلك أحد مراجعهم : [ إن تلك الأعمال – أي الطقوس – كتظاهرة كبرى ضد أعداء الحسين سلام الله عليه , الذين يخطئّون الحسين سلام الله عليه في قيامه ضد الدولة الأموية ويبررون إقدام يزيد على قتل الحسين , وهؤلاء موجودون بيننا وفي عصرنا بكثرة ][1]
فهو عند البكاء , يتوجع وفي داخلة تلك العقبة الكؤود التي يجب إزالتها من أجل إقامة حكم الشيعة والذي هو في نظرهِ – حكم أهل البيت سلام الله عليهم – وحين يلدم على رأسهِ فإنما يوبخ نفسه التي تأخرت في أخذ الثأر من ذلك الشاخص السني , بغض النظر عن ماهية هذا الشاخص بشراً كان أم حجراً .. وحين يضع ثنايا السيف على مفرق رأسهِ فإنما يهيئ نفسه المترعة بالغل والحقد لأن يعمل هذا السيف ملياً في رؤوس أهل السنة وفي مقدمتها رؤوس أولئك الحكام الذين يتقربون إلى الله بالحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلوات ربي وسلامه عليه .
إن مثل تلك الطقوس وأثرها في عامة الشيعة , كمثل قدر كبير وضع فيه عامة أهل التشيع , ثم وضعوا على نار تلك الطقوس فزادتهم نضوجاً لغاية تلك النار المتأججة .
إن العمل بتلك الطقوس يحقق أموراً كثيرةً هي في صالح تلك العقيدة الثأرية ؛ منها :
ملينا انتظارك
يتأملك .. يالمنتظر
ضلع الوديعة
تأمل كيف يخاطب المهدي – المعدوم – بذلك الخطاب الذي يشي بتأخر تحقيق عملية الثأر من أولئك الذين يترضون على ذلك الرجل الذي كسر ضلع فاطمة الزهراء سلام الله عليها ..
تأمل هذا التحرق الكبير واللهفة العارمة من أجل تحقيق هذا الثأر وإيقاعه على الأرض ,
فهو بتلك العملية وتحت إيقاع ذلك النغم لا يجلد ذاته كما يتصور بعض الواهمين , وإنما يتطلع إلى رقاب المخالفين فيعمل فيهم السيف .
ولأن هذه الطقوس تعزز وتؤكد وتقرر أن أهل السنة قاطبة هم الأعداء الحقيقيون لأئمة أهل البيت سلام الله عليهم , وأن كل ما جرى من ظلم وظلامات عليهم , وعلى عامة الشيعة , إنما هو لتولي أهل السنة الحكم , وعملهم بشريعة أبي بكر وعمر المبرزان والمقدمان في الظلم , وذلك من خلال اغتصابهم للخلافة الحقة , وهضمهما وكسرهما لضلع ابنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , لذلك فإن هذه الصورة العريضة من المظالم والتي تصورها تلك الطقوس تجعل من المستحيل التسامح أو التغافل عن ذلك الثأر ولو عن ذلك الشيخ الكبير أو ذلك الطفل الرضيع .
وإن شئت فاسمع إلى ذلك الرادود وهو يغرس في نفوس أولئك اللاطمين ذلك المعنى العريض :
يابن الغوالي …ماتبقى غايب
لابد تصح ساعة فرج تعلن قدومك
شفت العجايب .. من ها النواصب
لو تذبح اللي بالمهد .. ماحد يلومك
يعتقد الكثير ممن سار في دروب الغفلة واستهوى غوايتها واستلهم من سرابيلها حتى غدت عنده الأوهام التي ضاقت بها الأحلام حقائق مسلمة , أن تلك الطقوس عمل تعبدي صرف وليس له تعلق بسياسة الدولة التي يقام فيها .. مع أن الحقيقة الشاخصة وبقوة , والتي يجب على جميع أهل السنة أن يدركوا حقيقتها وكنهها , أن هذه الطقوس هي دين وسياسة معاً , فبالقدر الذي يسعى فيه أولئك الذين يمارسون تلك الطقوس , والدافع الرئيس لهم ابتداءً هو الحصول على الثواب , وإلا لما سعى واتعب نفسه وأهله بالسير لمئات الكيلو مترات سعياً في طلب الشفاعة والثواب من ذلك الإمام الذي يتوجه له بذلك المسير , وليس عبثا ذلك المسير من ذلك المريض وتلك المرأة التي لا تنجب وتلك الأم التي فقدت ابنها في تلك الحرب العبثية والتي لا يدري من الذي أشعلها ومن الذي سوف يطفيها , كل أولئك السائرون إلى تلك القبور والقائمين في ثنايا الطريق وجوانبة من أجل تقديم خدماتهم إلى أولئك – المشاية – كل أولئك يرومون تحقيق أحلامهم ورغباتهم عبر ممارسة تلك الطقوس , لكنه وهو يسعى جاهدا لنيل تلك الأماني العريضات , لم يغب عنه السعي الجاد والحثيث من أجل تحقيق الغاية الأساسية من تلك الطقوس , وهو نشر وبسط الهوية الشيعية في كل شبر تطئها قدمه .
[1] والحقيقة إن أعداء الحسين رضي الله عنه في نظر علماء الشيعة وعامتهم ليس فقط أولئك الذين يخطئّون الحسين رضي الله عنه في خروجه على يزيد رحمه الله – وان كانت المسالة ليست كما يصورها هذا المرجع – وإنما هم كل من يقدم أبي بكر وعمر على علي بن أبي طالب ويترضى عنهما , روى العلامة المجلسي في البحار 69/135 : [حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت 0- و الجبت والطاغوت كناية عن أبي بكر وعمر – واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب .] وعلى هذا إجماع الطائفة .. ومن هنا نعلم أن علماء الشيعة وعامتهم يعتقدون بان جميع أهل السنة هم أعداءٌ للإمام الحسين رضي الله عنه بناءاً على ذلك الموروث , لذلك فالناصبي – السني – عندهم أنجس من الكلب وأخبث من الخنزير ولا ينبغي دفنه .. بل تركه في العراء كي تأكله الكلاب والسباع ..كذلك لا ينبغي الصلاة عليه وإن صلي عليه اضطراراً فينبغي لعنه سراً , روى الفاضل الهندي في كشف اللثام 1/ 34 : [ إياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وان الناصب – السني – لنا أهل البيت لأنجس منه ] قال ابن إدريس : وهذا إجماع وقد وردت به عن الأئمة عليهم السلام آثار معتمدة قد أجمع عليها , لا أحد خالف فيها فحصل الاتفاق على مضمنها ودليل الاحتياط يقتضي ذلك ]
[2] الشعائر الحسينية في الواقع الفقهي شاشة : 356
فيديو الطقوس الحسينية وأثرها في تشكيل الهوية المذهبية المعادية للأمة / الجزء الثاني
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد