الأقسام إسلام

كونوا أحراراً في دُنياكم .. جُملة قصيرة ذي عيار ثقيل

بقلم: عبد الله المحنا

واقعة الطَف

مع دخولنا في شهر مُحرّم الحرام؛ نستذكر في ذلك واقعة الطَف الأليمة، الذي أقام سِبْط النبي به ثورةٌ هدفت للحرية و لإنهاء الظُلم الجاهل و تغيير نظام الحكُم و مكافحة الخرافات ومحو الإنحرافات و إحياء الشريعة و اتخاذ رسالة جدّه كهدف حيث أراد إصلاحها.

إن الحُسين بن علي يُذكرنا بحكمة والده و لا شك فهو كان سائِرٌ على خطّ تربيته؛ فحينما استلم والده الخلافة كانت غالب حروبه يخوضها مع مُسلمين وليس كباقِ الخلفاء الذين كانوا يخوضون حروبهم مع غير المسلمين، ومن الحروب التي خاضها والد الحسين هي واقعة الجمل و كانوا هم ثائرون عليه للمطالبة بثأر الخليفة الثالث وكان خطأً وانتهت بالصلح، و أيضاً معركة صفين وهي أهل الشام الذين انقلبو ضدّه وأرادوا له سوءاً لإسقاط خلافته. وكذلك معارك الخوارج مثل النهروان وجرجرايا و البوّابة ونحوها.

و كل هؤلاء كانوا مُسلمين، كعلي تماماً .. يصلون، ويصومون، وينطقون الشهادة. وحربه معهم كانت حكمة كما ذكرت فحاشى لعلي أن يظلُم مسلماً؛ حيثُ إن فكرة علي بن أبي طالب تعتقد بـ’’ إن الإنسانية أهم من الدين وفوقه، عليك أن تكون مسلماً و إنساناً بنفس الوقت، لا أن تكون مُتأسلم منافق عديم الإنسانيّة وتبحث عن الحكم و السُلطان‘‘. حكمة رائعة ضربها لنا هذا الرجُل الرائع، و لكن للأسف اتعاظنا لهذة الحكمة كان متأخراً، فصرّنا نُميّز الإنسان على أساس لونه، وعرقه، ودينه، ومذهبه,  وبلده، ومنطقته، ونسينا انّه إنسان مهما كان؛ و أرى للأسف البعض صار يُقارن الإنسان بالكلب لشدّة انعدام الإنسانية.

إعلاء الإنسانيّة

لا شّك إن الحسين يُمثّل تربية والده، و إنّه يريد إحياء قيّم والده . حينما خَرج الحسين بثورته؛ لم يخرُج ضد حاكماً كافراً، أو زنديقاً، أو مُشرِكاً بهدف أخذ السلطة وبسط سيطرته ونشر الإسلام؛ على العكس، كان هذا الحاكم مسلماً، تنطبق علية واجبات الإسلام و الحسين مُسلم كذلك وتنطبق علية واجبات الإسلام. لكن هدف الحُسين هُنا هو إعلاء الانسانيّة ولم يُفكّر إن يزيد مُسلم ولا داعِ بالخروج ضدّه لأنّة يحيي الإسلام واسم دولته هو الإسلام بالنهاية. و إنما انتفض ضدّه لأنّة ظَلَم أو سُلطته التي ظلمت، بغض النظر عن كون دولتة اسمها الدولة إسلاميّة، فما الفرق إذا كان الإسلام الإنساني موجوداً و الظلم يطغى عليه؟

مع شِدّة الأسف نسينا تلك الحكمة، جداً نسيناها .. حينما يطلب شيعي المُساعدة من السُنّي على سبيل المثال، نُلاحظ قول السُنّي عنه هذا شيعي ورافضي مُشرك يعبد القبور لا يجوز مساعدته، وحينما يطلب نفس الطلب من الشيعي يقول ؛ هذا سُنّي ناصبي لا يذكر الإمام علي كثيراً ويخالف النبي ويفضّل علي رابعاً .. لا تجوز مساعدته، وحينما يطلب من الأبيض مساعدة الأسود، يقول؛ هذا أسود مُتسخ ويتردد من لمسه حتى ويستنجس منه، كذلك الحال العربي و الكوردي، والأجنبي و الأمازيغي؛ و العكس أيضاً.

مقالات متعلقة بالموضوع

كل ما ذُكِر هو صحيح، لكن ضميرنا لا يتقبّل الصحيح الصريح، فأغلبنا نسي الإنسانيّة، و لا داعِ للمطاولة أكثر مما ذُكِر،

فنحن نعرف الحقيقة جيّداً؛ لكن هملناها.

و كما قال الإمام علي:

لكل شيء حيلة، وحيلة المنطق الصدق

بقلم: عبد الله المحنا

أضف تعليقك هنا
شارك
بقلم:

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ