ترتبط دراسة الصحابة بمصطلح الشرف و قد كان هذا مصطلح مرتبط عضويا بهم.فأمكننا تصنيفهم اعتمادا عليه و به ستحدد مكانتهم الاجتماعية و غيرها ستتضح موافقتهم تجاه الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان.
لئن تمت بيعة عثمان سنة 23 ه و لكنه لا يعد إلا من الصحابة الذين رشحوا للخلافة أو اختيار الخليفة المقبل هم الستة الذين فارقوا رسول الله و هم عنهم راض ,و أيضا أولئك الذين “بشروا بالجنة” . اللمقصود بالصحابة الأوائل صحابة الرعيل الأول أولئك الذين أسلموا أوّلا, و الذين رافقوا المآثر النبوية كاملة و تجدر الاشارة أنّه تم استبعاد الأنصار,على الرغم من مآثرهم و استحقاقهم . كما أن اأمر كان يتعلق و بشكل محتوم بالقرشيين و بقريشيين بارزين أي أصحاب الشرف القبلي أو الشرف القبلي أو شرف النسب فهو المقياس الرئيسي لبلوغ الشرف الأول ما يجب أن يحظى به الشريف هو صفاء النسب عبر احتساب الآباء و الأجداد مما يجعله نسبيا فالمجتمع العربي هو مجتمع قبلي حيث يستمد الفرد الكثير من مكانته الاجتماعية الى جانب شرفهم الاسلامي .
هؤلاء بالنسبة بدريون أي اشتركوا في معركة بدر الحاسمة أو المطروحة كأنها حاسمة و ان كان عثمان لم يحضرها و لكن النبي اعتبره بدريّا و أعطاه نصيبه من الغنيمة. وبانتخابه يتأكد أن التيار الأولغارشي بين الصحابة و التيار المؤيد لقرشيين بين جمهور ألمستشرين كان منقسما و لعب لصالح عثمان. يرتبط دراسة الصحابة الى حد كبير بتأثير الجانب الاقتصادي و الذي أثر بشكل جلي في مكانتهم الاجتماعي.
سمح لهم عثمان بمغادرة المدينة بعد أن منعهم عمر من ذلك فانتشر كبار الصحابة في الأمصار و قد تمكنوا من الوصول الى مكانة اجتماعية مرموقة من خلال شراء الضياع و الدور,لكن رغم هذا لانتشار بقيت المدينة مركزا استقرارهم مع وجود مصادر ثرواتهم في الأمصار لذلك أصبحت المدينة تضم أكثر الناس ثراء كما ظهر فيها البذخ,مثال على ذلك : الزبير بن العوام و طلحة.
لقد طالب بعض الصحابة (عبد الرحمان بن عوف ,و الزبير بن العوام بلال بن رباح ) بتقسيم الأراضي المفتوحة لكن عمر قرر أن يجعل الأراضي فيئا عاما للمسلمين و بذلك فقد منع قراره من أن تكون أرستقراطية غنية جدا كان من الممكن أن يتحول المجتمع الاسلامي الى مجتمع الاقطاعي.
بالنسبة للصحابة من قريش (الزبير بن العوام,و طلحة,و عثمان) لهم مكانة و مصادر مادية ترتكز أساسا على العطاء و منهم من كان تاجرا كبيرا مثل الزبير.
عمل عمر بن الخطاب على تجاوز الشرف العربي المحض فأصبحت حظوة الفرد لا تقاس بمكانته في القبيلة بل بمنزلته في الاسلام فكأن الانتماء الى الاسلام قد أصبح بديلا الانتماء الى القبيلة.
ينتمي أصحاب الشرف الاسلامي المحض الى مجموعة ثانية من الصحابة متواضعة في أصولها الاجتماعية ,كما اعتبر بعضهم من المستضعفين خلال الفترة المكية و هم أساسا من أصول بدوية أو الأحلاف أو الموالي و العبيد الذين تم عتقهم و من بين هؤلاء : عبد الله مسعود,عمار بن ياسر,أبو ذر الغفاري و أبو هريرة و عتبة بن غزوان. لكن كانت هذه العناصر مقربة من النبي لقد سمح عمر بن الخطاب بانتشار في الأمصار ,ربما لأن موقعها القبلي و مكانتها الاجتماعية لم تكن تسمح لها بالبروز مثلا (بالرغم من أن عمار بن ياسر,من صحابة الفترة الأولى و الذي كان مساويا لهم في السابقة ,لم يكن انتخابه ممكنا لأنه لم يكن قريشا محضا و لأنه كان من أصل متواضع –حليف بني مخزوم). ولكن أساسا لأن العديد من أفرادها كان قادرا على تعليم القرآن و مبادئ الاسلام و ذلك على غرار مسعود و أبي موسى الأشعري . لذلك فان شرف هذه المجموعة هو شرف اسلامي محض.
لقد أسند عمر لبعضهم مناصب هامة من ذلك عمار بن ياسر الذي ولاه الكوفة و عبد الله بن مسعود الذي تولى بيت مالها و أبو هريرة الذي يتولى البحرين و اليمامة.بعد أن عوض أحد أشراف قريش عثمان عمرو بن العاص,كما عين عمر حذيفة بن محض على عمان.و عتبه بن غزوان على جيوش فتح منطقة البصرة ثم واليا عليها. لذلك بمثل هذه المكانة تبرز أن الاسلام هو الذي أصبح يمنح الشرف,و أن الصحابة قد تفوقوا على الأشراف التقليديين.
نشير أيضا على وجود صحابة مغمورين من أصحاب الشرف الاسلامي و هي عناصر تنتمي الى مختلف القبائل العربية التي شاركت في الفتح الاسلامي.كما أن علاقتهما بالنبي سطحية أو عرضية.
هذا بالإضافة الى مقاتلة عاديين مثلوا الجيوش الاسلامية,ويبدو أيضا أن لهذه المجموعة لبعض المكانة في مستوى قبائلها.لكن يبدو أيضا أن الشرف الاسلامي الجديد قد مكنهم من آفاق أكثر رحابة ومن مداخيل هامة تتمثل في شرف العطاء و وفي الغنائم.
ولكن عرفت فترة عثمان (23-35ه/643-675م) بكونها شهدت عودة الشرف التقليدي على حساب الشرف الاسلامي مما سيفرزعن صراعات و خلافات خاصة مع سياسيته.
من العناصر التي استفادت من سياسة عثمان عبد رحمان بن عوف من بني زهرة سبق أن انشغل في التجارة منذ الفترة النبوية و أبدع فيها يقول ان عوف عن نفسه في رواية لابن سلامة فبقد رأيتني و لو رفعت حجرا رجوت أصيب تحته ذهبا و فضة.
لكن ثروته الضخمة قد تمت زمن عثمان حيث ترك عند وفته سنة 32 ه ألف بعير و 3 آلاف أو 10 ألاف شاه و 100 فرس.كما ترك ذهبا قطع بالفؤوس لتوزيعه على ورثته.
كانت له بعض الممتلكات تتمثل في الاقطاعات أقطعه اياها كل من النبي من اموال بني النظير و كذلك أبو بكر و عمر.ولكن تكونت أهم ثروته خلال لفترة عثمان , و قد تنرك عند مقتله بالجمل سنة 36 ه و مابين 35 و 51 مليون درهم حسب روايات مختلفة,كما ترك خطاطا بمصر و الاسكندرية و بالكوفة و البصرة.
يضاف الى ذلك 1000 فارس و 1000 أمة,وقد توفي الزبير وعليه دين ويعود هذا الدين الى القروض التي سهلها عثمان لبعض العناصر و التي كانوا يقومون و بالاستثمار.
الذي قدرت ثورته عند موته ب 2 .مليون و 600 ألف دينار ذهبا. و قد قدرت قيمة عقاراته ب 30مليون درهم , و ترك 300 قنطار من الذهب و دار بين بالكوفة و المدينة .و قد استفاد طلحة من سياسية عثمان المالية بفضل الهبات و القروض من بيت المال لكن من عملية استبدال الأراضي الزراعية بالجزيرة العربية .ممن ساهم في فتح العراق بالاستبدال أراضيهم بالاقطاعات من الضواحي فاستبدل أراضيه بخير و غيرها .
فقد ترك 250 ألاف درهم و دار فاخرة في العقيق ,و في نفس الاطار بذكر المسعودي أيضا عدد آخر من الصحابة أقل مرتبة اجتماعية مثل زيد بن ثابت الذي خلف من ذهب و الفضة ما كان يكرس بالفؤوس و أموالا و ضياعا قيما 100 ألف دينار.
اضافة الى الصحابة استفاد من سياسية عثمان عناصر من بني أسرته من بني أمية و تمثلت الامتيازات العناصر المحظوظة أيضا في اضطلاع عديد الأشراف بمناصب سياسية و ادارية هامة.وهو ما يعتبر تجاوز آخر لسياسية عمر.
نزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة و تعيين الوليد بن عقبة مكانته سنة 24 ه رغم أنه لا يحظى بالشرف الاسلامي . في سنة 31/651 عين عثمان مكانة أمويا آخر و هو سعيد بن العاص,ولم يكن لعبد الله بن أبي سرح شرف اسلامي,كما عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولى مكانه ابن خاله عبد الله بن عامر.
و تجدر الاشارة الى مقتل عثمان في ذي الحجة 35 ه , اتسم موقف جل كبار الصحابة من قريش و سادتها ,وفي مقدتهم الأمويّون بالتنديد بمقتل عثمان , و اعتبروا أنه قتل ظلما و ذلك على غرار طلحة و الزبير و سعيد بن العاص و مروان بن الحكم …
كان موقف كبار الصحابة من قريش لن يصل الى حد المواجهة رغم مبادرتهم بالطعن في سياسية الخليفة الثالث :
أظهرت هذه العناصر خلال الحصار الأول لعثمان من طرف قراء الكوفة و البصرة و مصر تضامنا مع عثمان ووقفوا الى جانبه خاصة بعد أن أعلن توبته عن تجاوزته لسياسية سابقيه أبي بكر و عمر.
و من العناصر التي تذكرها المصادر أنها قامت بهذا الدور:
علي بن أبي طالب بدرجة أولى و طلحة و الزبير و سعد بن مالك بن أبي وقاص و عبد الله بن عمر كما ساند كل من حكيم بن حزام و جبير بن مطعم .
في مرحلة ثانية و عند حصار الثاني لعثمان, اتخذ ه هؤلاء الصحابة موقفا سلبيا و لم يعملوا على الدفاع عن عثمان. و تتحدث المصادر أن سبب ذلك يعود الى تراجع الخليفة عن وعوده بمراجعة سياسيته و ذلك بتأثير من أحد قرابته و مستشاريه مروان بن حكم .
و لئن تخاذل كبار الصحابة عن الوقوف الى جانب عثمان يعود تراجعهم بسبب تراجعه عن وعوده
فان ذلك لم يكن الدافع الوحيد من بعضهم لاسيما و أن العديد منهم كان يرغب في تولي الخلافة مثل طلحة بن عبد الله الذي أعان على حصار عثمان و اضطلع بمهمة الصلاة بالناس خلال هذه الفترة .
تميزت سياسية عثمان بن عفان اذن بصعود قوى جديدة أو بعودة قوى كانت قد غمرت خلال فترة عمر بن الخطاب فماهي أوضاع السابقة من ذوي الشرف الاسلامي المحض ؟
لقد قلنا أن بروز هذه الفئات قد تم زمن عمر, لمنها لم تغنم من سياسية عثمان رغم أنها حافظت على أعطيتها المتمثلة في شرف العطاء.
لكن لا يمكن بأية حال مقارنة هذا العطاء بالثروات الجديدة التي أصبحت بحوزة بعض كبار الصحابة و رؤساء القبائل .
و قد تبرز العداء خارج قريش أيضا من طرف كبار الصحابة من ذوي الأصول القبيلة المتواضعة ,و لكن صحبتهم للنبي و شرفهم الاسلامي أتاح لهم المجال للسمو و من أبرز هذه العناصر :
لقد عارض منذ سنة 30 ه الثراء الذي أصبحت عليه بعض العناصر في الأمصار ة ناهض من الهبات التي منحها عثمان لبعض الصحابة و لقرابته من بني أمية و كان استشهد بأية قرآنية تهدد مكدسي الذهب و الفضة .
وقد ركز أبو ذر دعوته في الشام ,لذلك شكاه معاوية الى الخليفة الذي طالب بإحضاره للمدينة و هناك وصل أبو ذر حملته ضد اثراء و تولية من لا يستحق. مما حدا بعثمان الى نفيه الى الربذه حسب بعض المصادر لم ينقطع نهائيا على المدينة حيث كان يتردد بينها و بين البادية حتى يواصل اتصاله بالجماعة الاسلامية و ذلك الى وفاته سنة 32 ه.
فقد كان خازن بيت المال الكوفة و قد اقترض عاملها الوليد بن عقبة مالا و تباطأ في ارجاعه ,فكتب عبد الله بن مسعود الى عثمان في ذلك و كان رد الخليفة :”انما أنت خازن لنا ,فلا تعرض للوليد فيما أخذ من مال .” فاستاء بن مسعود من ذلك و رمى مفاتيح بيت المال و قال :” كنت أظن أني خازن المسلمين أما اذا كنت خازنا لكم فلا حاجة لي بذلك .” لكنه لم يغادر الكوفة و بقي بها للتعليم أهلها القرآن , و في نفس الوقت كان بكثرة المطاعن ضد عثمان ,فتم استدعاؤه الى المدينة و هناك تم تعنيفه مما أثار عدة احتجاجات لاسيما من طرف عائشة و علي ,وقد منع ابن مسعود من مغادرة المدينة و من عطائه السنوي , ثم مات سنة 32 ه و أوصى بمنع عثمان من أن يصلي عليه .
ايثار عثمان لعائلته ببعض الحلي و المجوهرات من بيت المال.فتم القبض عليه و ضرب حتى الاغماء,مما أثار غضب الصحابة و عائشة ,كما قام بنو المخزوم بتهديد عثمان بقتل رجل من سادة بني أمية في حالة موت عمار.لكنه برأ و أصبح أحد أعداء عثمان وفي وقت لاحق أرسله الخليفة الى مصر لتهدئة الأوضاع ضده,لكنه أدى دورا معاكسا حيث أكثر المطاعن فيه و أجج المعارضة .
من هم ؟ : هم القراء مرتلو القرآن . عموما ما يميز قادة القراء بالنشاط السياسي بإضافة الى حضورهم الديني. و قد أظهر قراء الكوفة مناهضته لسياسية عثمان و برزت أولى ردود أفعالهم عند تعيين الوليد بن عقبة سنة 24 ه مكان سعد أبي وقاص عمل الوالي الجديد يد على تهميش أهل القدمة سياسيا و تقديم امتيازات للروافد.
قد أخذت هذه العناصر ترصد الوليد في سلوكه الى أن أثبتوا عليه أن يشرب الخمر لذلك أعفاه الخليفة من مهامه بعد أن أقيم عليه الحدّ. و عيّن بأموي آخر هو سعيد بن أبي العاص و ذلك سنة 30 ه. تعتبر الهجرة الى الكوفة قد حولت موازين القوى لرؤساء القبائل فأصبحوا يحظون بقاعدة بشرية هامة.
خلال ولاية سعيد أبي عاص ستعود أولوية لأهل الأيّام و القادسية تبعا لأوامر عثمان و يسكنون المقربين من الوالي و حاشيته. لكن توترت العلاقة بين الوالي و السابقة بسبب أراضي الصوافي و يذكر جعيّط أن النزاع لم يكن بين القراء و أشراف القبائل بل كان حقدا منصبا ضد قريش التي هي من منظورهم دولة عثمان ( استبدال الأراضي : مروان بن الحكم و طلحة و الزبير ..) .
اثر ذلك سيقوم بنفي العناصر الحركية من القراء اللى الشام (حوالي 10 أشخاص) و في هذه الأثناء أرسل القراء الكوفيين رسالة الى عثمان و فيها احتجاج على قرار الابعاد. و في مرحلة لاحقة قام قادة قراء الكوفة بتشجيع أصحابهم المنفيين في الشام بالعودة الى الكوفة في ظل غياب كل من معاوية عن الشام و سعيد بن العاص عن الكوفة .
و بعودة المنفيين قام أول عصيان ضد عثمان سنة 34 ه اذا قام الأخير بالاستيلاء على السلطة في الكوفة. و اذا كانت دوافع مناهضة قراء الكوفة لعثمان لها دوافع فان الوضعية تختلف في مصر فان معاداة القراء لعثمان لا يتعلق بالإجراءات اتخذها ضدهم بل هي في علاقة محمد بن أبي بكر و محمد بن أبي حذيفة و في عمار بن ياسر .
أما في البصرة فان خروج القراء جاء في اطار الثورة على عثمان خاصة بالاستئثار بفتوح المناطق الشرقية للإمبراطورية الساسانية.
لئن تجاهل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لأصحاب الشرف خلال فترة عثمان بن عفان ,اذ تمكن من الأشراف الحصول على العديد من المناصب السياسية كما تمكن الأشراف أيضا رفقة كبار الصحابة من التأثير بقوة في مجريات أحداث الفتنة الكبرى تبعا لنفوذهم في قبائلهم و قد تجلى ذلك في موقعة الجمل و خاصة في الصراع بين علي و معاوية.
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد
منافع ومصالح قائمة على دماء الأبرياء في غزة، يصارع أكثر من مليوني إنسان شبح الموت… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد