غمامة الاستمتاع – 8 – جلد الذات

ليس من الخطأ أن تواجه أخطاءك وتقيم حياتك، وإنما فقط تشاهد أخطاءك، فأنت تدمر نفسك ببطء. فشعرة تفصل بين النقد والانتقام مثل الحرف الواحد الذي يفصل بين الألم والأمل. وجلد الذات هو أهم وسيلة للشيطان ليدخل الحزن واليأس لقلبك من أجل أن يحطمك. فكل مواقف حياتك هي دروس حتى أصعبها، وليس هدفها أن تلوم نفسك والمهم هو أن تتعلم منها.

فـ “ثقتك بنفسك تبدأ عندما ينتهي جلدك لذاتك” كما يقول مصطفى حسني الداعية الإسلامي.

ومحاسبة النفس مثل الدواء عندما تزيد عن حد الجرعة الموصى بها فإنها تنقلب لداء. وكل ما يزيد عن حده ينقلب لضده.

وإن لنفسك عليك حقاً، ومن حقوقها أن تتقبل أنها خطاءة، فهناك فرق بين اللامبالاة وعدم الاكتراث لأخطاء النفس، وبين الحد الآخر وهو جلد الذات فنحن ندعو للاتزان بينهما.

فهل أنت تجلد ذاتك أم تحاسب نفسك عندما تخطئ؟

المعيار الأول هو رفضك لفكرة (حصل خير!)

فلو فسخت خطوبتك، فهو يرفض فكرة حصل خير ويقول أنه مستقصد بالشر وسيبقى كل عمره هكذا! وأحدهم يربط المنبه لصلاة الفجر، ولم يستيقظ فهو يؤمن بفكرة أن الله لا يريده من الصالحين، وواضح أنه خلق ليدخل النار، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:

(من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها وإذا ذكرها) رواه مسلم.

وهناك معيار ثان وهو كثرة الاعتذار بحالة من دنو النفس

فهناك من يعتذر وهو واع للاعتذار كي يلطف الأجواء مثلاً في العلاقات الزوجية، وهناك من يعتذر بسبب أنه دائماً يخطئ، بطريقة فيها حالة من التخاذل والتحقير، وليس بوعي وقلب كبير وتسامح، وجلد الذات يصنع ضغوطاً نفسية رهيبة.

عشق السخط

ومن نتائج جلد الذات ما يطلق عليه علماء النفس عشق السخط، وهناك أوقات يصبح الانسان مدمناً لهذه الأفكار السلبية، فهو قد أخطأ مرة وأخرى ومئة … فقد أصبح هو المخطئ ووصف نفسه بالخطاء. مع أن الخطأ حدث وأنت انسان مكرم. وكما قال صلى الله عليه وسلم:

(إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) حديث حسن رواه البيهقي وابن ماجه وغيرهم…

فالله يتجاوز عنك .. فلا تربط نفسك بصفة جلد الذات… ومن النتائج ما أطلق عليه علماء النفس عام 1955م  اسم التنافر الإدراكي، وهو أن يكون للانسان قدرات وجميع من حوله يعرفها وهو لا يعرفها. وكما يقول المتنبي:

إذا جهل المرء قدر نفسه ………. رأى منه غيره ما لا يرى …

فتقدير الذات هو معنى وسط بين أن أحس أنني إله وأدعي الكمال، ولا أنني إنسان محقر وكلي خطأ ومتلوث دائماً ولن أورد على الجنة أو النجاح، فهذا جلد الذات. ومنها قوله تعالى:

(لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) سورة التين الآية 4.

وقوله تعالى:

(وصوركم فأحسن صوركم) سورة التغابن الآية 3.

كيف تتخلص من جلد الذات؟

1- تعرف على معلمك المتنكر، وكما يقول روبن شارما بكتابه العظمة

(الخطأ هو معلمك المتنكر)،

وفي الغرب ينتشر المثل الذي يقول “أحياناً أفوز، وأحياناً ليس أخسر بل أتعلم”.

2- شد خط، فإنها النهاية، أنت أخطأت وانتهى الموضوع، وأكمل طريقك، ولا تجلس بالقرب من خطأك تبكي، بل أكمل الطريق.

٣- لا تجلد ذاتك وقدر ذاتك حتى تتمتع بحياتك.

فيديو مقال غمامة الاستمتاع – 8 – جلد الذات

أضف تعليقك هنا