جلد الذات

بقلم: علاء الدين لاذقاني

وأنت طفل تفقد أسنانك، وفي مرحلة الشباب تفقد مشاعرك. عندما تصبح رجلاً، تفقد شغفك بالحياة، وبعدها تفقد مصدر الأمان بفقدان والديك. في النهاية، تخرج من الدنيا وأنت فاقد لسنين عمرك. هي حياةً كاملةً من الفقد، بدءًا من أصغر الأشياء حتى أعظمها. لذا، لماذا يجب أن يزورنا الحزن ونعذب أرواحنا في التفكير في دنيا علمتنا أنها لا تدوم؟

لماذا نحتفظ بالذكريات المؤلمة؟

بالتأكيد إن كان كل شي من الماضي مازال عالقا في الذاكرة فسيصبح مؤلم، فلماذا الاحتفاظ بهذه الاوجاع وجعلها ترافقنا يوما بعد يوم لتطبع فينا حزنها الذي لا ينتهي .. وهنا تتلخص الحالة بأن التفكير بالماضي هو جلد للذات وجلد الذات هو المسلك تعذيب النفس على شيء مضى لايمكن عودته.

جلد الذات

عندما نفكر بالماضي، يمكن أن يؤثر ذلك على ذاتنا بشكل سلبي، وهذا يعني كيف يشعر الشخص بنفسه وكيف يرى نفسه. وقد يكون الافتقار إلى الثقة بالنفس والشعور بالذنب والتراجع عن مبادرة واحدة من العوارض الشائعة لجلد الذات بسبب التفكير المستمر في الماضي.

مما قالته الكاتبة ميريام إنجيل في كتابها “عبور جلد الذات”

” جلد الذات يعني أن نتجاوز الخوف والشكوك والعوائق التي تقف في طريقنا، وأن نكون أكثر شجاعة في تحقيق أحلامنا. يتطلب ذلك أن نعتني بجلدنا الذاتي ونعززه من خلال الاهتمام بصحتنا العقلية والجسدية، وأن نتبنى نمط حياة يشجع على النمو الشخصي والتحول الإيجابي.”

الأسباب النفسية لجلد الذات

عندما يندمج الفرد في التفكير المستمر في الماضي، يمكن أن يشعر بالاحتراق الداخلي، حيث يعيش في ذكريات الماضي السلبية والألم، ويعاني الشخص وقتها من ندم وحزن دائم. لذلك تعد الأسباب النفسية لجلد الذات سببها التفكير المستمر في الماضي بأشكال متعددة ومعقدة. وقد تشمل بعض هذه الأسباب:

  1. الأحداث السلبية في الماضي: قد يكون لديك تجارب سلبية في الماضي مثل الإهمال أو الإساءة أو الفشل المستمر. قد تكون هذه التجارب مؤثرة على جلد الذات وتؤدي إلى التفكير المستمر في الماضي.
  2. الثقافة والبيئة الاجتماعية: قد يؤثر الضغط الاجتماعي والتوقعات المجتمعية على شخصية الفرد وجلد ذاته. قد يكون هناك انتظارات مرتفعة أو معايير غير واقعية تؤدي إلى التفكير المستمر في الماضي وشعور بعدم الرضا عن الذات.
  3. القلق والاكتئاب: قد يعاني الأشخاص المصابون بالقلق المستمر أو الاكتئاب من نمط تفكير سلبي يركز على الأحداث السلبية في الماضي. يمكن أن يؤدي هذا التفكير المستمر إلى جلد الذات.
  4. القلق الاجتماعي: قد يكون لديك خوف مستمر من النقد والتقييم السلبي من قبل الآخرين، وهذا قد يدفعك إلى التفكير المستمر في الماضي وتحليل كل كلمة قلتها أو حركة قمت بها. هي عوامل كثيرة ليس فقط تؤذي الروح والنفس وانما تعيق التقدم والانجاز في المراحل اللاحقة .

ان كنا نتحدث عن تعريف جلد الذات هذه المرحلة الغامضة في الحياة والتي تعتبر مرض نفسي قل الحديث عنه فإننا نقول بأنها حالة نفسية متعبة يعاني منها الأفراد، حيث يشعر الافراد بالاستياء والتوتر بسبب عدم قبولهم لأنفسهم وتقديرهم السلبي لصورتهم الشخصية.و ينشأ جلد الذات عادةً من العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في تشكل الهوية الشخصية.

التفكير في الماضي والخوف من المستقبل

التفكير في الماضي والخوف من المستقبل وعدم تقبل الحاضر ولكن وبحسب الدراسات العلمية تبين ان هذه الحالة لها سبب واضح ومحدد ألا وهو الماضي مثل :

  • التجارب السلبية في الطفولة والمراهقة ويكون لها تأثير كبير على تشكل جلد الذات، مثل ، التعرض للتنمر أو الإهانة الشخصية من قبل الأقران أو الأشخاص المهمين في حياة الفرد.
  • ايضا الضغوط الاجتماعية والثقافية قد تؤدي الىشعور الفرد بعدم القدرة على تلبية تلك التوقعات وبالتالي تكون بداية جلد الذات.
  • الأنماط السلبية للتفكير: يمكن أن تسهم للتفكير مثل التفكير السوداوي أو التضخم في إثارة جلد الذات، حيث يؤدي التركيز المستمر على الأخطاء والنقائص الشخصية إلى تقليل تقدير الذات.
  • التفكير بالماضي يشير إلى التركيز الشديد على الأحداث والتجارب السابقة في حياة الفرد. قد يرتبط التفكير بالماضي بالانغماس في الذكريات السلبية والندم وعدم القدرة على التحرر من تأثيرها.

أسباب جلد الذات

واذا تحدثنا بشكل ملخص عن اسباب جلد الذات فنقول :

  • التفكير في الذكريات الأليمة
  • التفكير في الماضي
  • الندم على الاخطاء التي تم القيام بها
  • ‏رفض مرحلة مرت في الحياة

جميع العوامل التي أدت لبلوغ مرحلة الألم النفسي كانت بسبب الشعور بالندم وهو ما تحدثت عنه الدكتورة ماري فوربس في رسالتها “السيطرة على الذكريات السلبية وتعزيز الصحة النفسية” .

أعراض جلد الذات

اما بالحديث عن أعراض جلد الذات فأغلب الذي يعانون من هذه الحالة ظهرت عليهم أعراضها والتي تلخصت بالتالي :

  • انخفاض التقدير الذاتي: يشعر المصابون بجلد الذات بعدم الرضا عن أنفسهم ويشككون في قدراتهم وقيمتهم الشخصية.
  • القلق الاجتماعي: يعاني المصابون بجلد الذات من صعوبة التعامل مع الآخرين والاندماج الاجتماعي، مما يؤدي إلى الانعزال والشعور بالوحدة.
  • الاكتئاب: يعاني الأشخاص المصابون بجلد الذات من مشاعر الحزن المستمرة وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي يستمتعون بها.

ان فكر المصاب بماهية المرحلة الصعبة التي يمر بها يستطيع ان يرى انه فكر بالماضي كفاية وبالمستقبل والخوف منه كفاية ولكن تفكير في حاضره هو منعدم تماما وهو ما يجعله غير قادر على تحقيق ما يرغب بسبب انه منشغل بشيء لاينفع معه الاصلاح ولا التراجع .

كيفية تخطي مرحلة جلد الذات؟

اما بالحديث عن تخطي مرحلة جلد الذات فقد أجمع علماء علم النفس على أنها تتطلب معالجة بالاستعانة بمجموعة متنوعة من النهج والاستراتيجيات النفسية. يمكن أن تشمل هذه الاستراتيجيات:

  • العمل على بناء الثقة بالنفس وتعزيز الصورة الذاتية الإيجابية.
  • ممارسة التفكير الإيجابي وتحويل الانتباه إلى الأمور الإيجابية في الحاضر.
  • التركيز على الحاضر وتحقيق الاندماج الكامل في الأنشطة اليومية.
  • البحث عن الدعم الاجتماعي والتواصل مع الأشخاص الذين يمكنهم تقديم الدعم العاطفي والمشورة.
  • استخدام تقنيات إدارة الضغط والاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق. وفي المبدأ الاول والاخير الرضا عن الذات من خلال الانشغال بالتحقيق لا بالتدقيق.

بصفة عامة، يمكن أن يكون جلد الذات والتفكير بالماضي لهما تأثيرات نفسية وثقافية عميقة. تختلف الأسباب والأعراض والأمثلة الموضحة في المقالة من فرد إلى آخر، ويمكن أن يتأثر التفاعل مع هذه الحالات بالثقافة والتكوين الشخصي. يجب على المرء التعامل مع جلد الذات والتفكير المستمر في الماضي بطرق إيجابية وبناءة، مثل العمل على تعزيز تقدير الذات وتنمية الوعي الحالي، بغية السماح للفرد بالتحرر والنمو الشخصي.

مما قالته الكاتبة برينيه براون في كتابها الثقة العمياء

في النهاية لا يسعني الا ان اذكر ما قالته الكاتبة برينيه براون في كتابها الثقة العمياء” :”جلد الذات هو مفتاح الثقة العمياء. إنه يشير إلى قدرتنا على أن نؤمن بأنفسنا ونكون صادقين ومتعاطفين مع أنفسنا، حتى وإن كنا غير كاملين. عندما نمتلك جلد ذات صحي، نتمكن من تجاوز الأصوات السلبية والشكوك التي تراودنا، ونتمكن من التعامل مع التحديات والمخاوف بثقة وشجاعة.”

بقلم: علاء الدين لاذقاني

 

أضف تعليقك هنا