إدارة الأزمات النفسية والاجتماعية

بقلم: قاسم الجهني

هناك العديد من الجوانب الأساسية التي من خلالها يتم تقييم صحة الإنسان، لعل أبرزها الصحة الجسمانية والصحة النفسية والذهنية والعاطفية والإدراكية… إلخ. ويلاحظ أن قطاع عريض من الناس يكتفون بجانب الصحة الجسمانية فقط كمعيار يمكن من خلاله تقييم صحة الإنسان ككل، وهو أمر خاطئ تماما، إذ أن أي خلل أو ضعف بالجوانب الأخرى، كاعتلال الصحة النفسية على سبيل المثال، من شأنه أن يؤثر بالسلب على صحة الإنسان.

ما هو سبب ظهور الأزمات النفسية والاجتماعية؟

مع التقدم العلمي والتكنولوجي المستمر، أصبح العالم يسير بوتيرة سريعة، وهو ما يشكل عامل ضغط على الحالة النفسية والعاطفية لإنسان هذا العصر، هذه الضغوط قد تمثل لدى البعض أزمة ومشكلة كبرى يعجزون عن التعامل معها بشكل صحيح، وهو ما يتسبب في ظهور الأزمات النفسية والاجتماعية التي قد تشكل خطرا داهما على الحالة الصحية، ولاسيما إذا أثرت بالسلب على الأنشطة اليومية الاعتيادية.

مصطلح “الأزمة النفسية” في الطب النفسي

يرى علماء الطب النفسي أن مصطلح “الأزمة النفسية” يقصد به تلك الضغوط الداخلية التي قد تسبب مشكلة لصاحبها، ولاسيما عندما تحد من قدرته على التعامل معها، أو تعيقه عن تحقيق أهدافه وإنجاز أنشطته اليومية الاعتيادية، أو تؤثر على حياته والتزاماته الاجتماعية. تحدث هذه الأزمات نتيجة التعرض لموقف أو حادث ما، دون القدرة على التعامل معه بشكل صحيح، إما لعظم هذا الحادث أو نتيجة لاتصاف الشخص بالهشاشة النفسية، المهم أن المحصلة هي حدوث خلل في التوازن النفسي والاجتماعي يعجز صاحبه عن التعامل معه، فضلا عن تدهور قدرته على التعامل أو التكيف مع البيئة المحيطة.

أعراض الأزمات النفسية والاجتماعية

ويمكن تمييز أعراض الأزمات النفسية والاجتماعية من خلال حدوث تدهور سريع ومفاجئ في عدد من الجوانب الشخصية، تشمل ما يلي:

  • تدهور الجانب الإدراكي والمعرفي: إذ يلاحظ حدوث تشوش في الذهن، وعدم القدرة على التفكير بكفاءة أو التعامل مع هذه المستجدات.
  • تدهور الجانب العاطفي: حيث تظهر المشاعر السلبية مثل القلق والاكتئاب واليأس، والشعور بانعدام تقدير الذات والميل إلى الثورة والغضب في بعض الأحيان.
  • تدهور الجانب السلوكي: يظهر هذا الجانب جليا في الميل إلى الوحدة والعزلة، والذي يصاحبه عادة الشعور بالأرق واضطرابات النوم أو الرغبة المستمرة في النوم لساعات طويلة هربا من الواقع.
  • تدهور الجانب الصحي الجسدي: خلال هذه المرحلة قد تظهر بعض الأعراض المرضية الظاهرية التي لا تفسير لها سوى أنها نتاج تدهور الجوانب الأخرى سالفة الذكر، ولعل أبرز الشكاوى الصحية خلال هذه المرحلة هي آلام البطن وصداع الرأس وآلام الرقبة. أما استمرار الأزمة النفسية والاجتماعية لفترة أطول نسبيا دون علاج، فإن هذه يزيد من احتمالية الإصابة بمشكلات صحية أكثر خطورة، منها على سبيل المثال لا الحصر، اضطراب مستوى سكر الجلوكوز بالدم أو خلل بمستوى ضغط الدم.

نصائح لإدارة الأزمات النفسية والاجتماعية

لإدارة الأزمات النفسية والاجتماعية، وللتعامل معها بطريقة منهجية صحيحة، ينصح باتباع ما يلي:

  1. التحلي بالواقعية في مواجهة الأزمات النفسية، وعدم تضخيم الأمور ووضعها في نصابها الصحيح، مع التحلي بالمرونة وتقبل حقيقة التغيير، والقناعة بأن النمطية وثبات الحال ليس أمرا مسلما به. هذا بالإضافة إلى ضرورة التحلي بالإيجابية والنظر إلى الجانب المشرق للأمور، فالتفاؤل والشعور بالإيجابية شرط أساسي لتجاوز الأزمات النفسية والاجتماعية التي قد تواجهنا من حين لآخر.
  2. لا مانع من طلب الدعم والمساعدة من المحيطين، كالأصدقاء وأفراد الأسرة والأقارب. كذلك يمكن الاستعانة بالمشورة الطبية المتخصصة، وذلك من خلال جلسات الطب النفسي السلوكي التي تعمل على تبسيط المفاهيم وإعطاء رؤية واضحة لأسباب وتداعيات الأزمة النفسية القائمة، مما يساعد في إيجاد حلول يمكن من خلالها القضاء على مسببات الأزمات النفسية بشكل نهائي.
  3. التهيئة النفسية والحد من الاستجابة للتوتر، وذلك من خلال الاستعانة بجلسات الاسترخاء واليوجا والتأمل. أيضا قد يصف الطبيب النفسي بعض الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب، والتي تجدي نفعا كبيرا في مثل هذه الحالات. وعلى نفس السياق، يرى خبراء الطب النفسي أن الانخراط في الحياة الاجتماعية وممارسة بعض الهوايات المحببة قد يسهم بشكل فعال ومباشر في إزالة التوتر وإدارة الأزمات النفسية والاجتماعية بشكل إيجابي.
  4. الحرص على أخذ قسط كافي من النوم ليلا، وتجنب السهر لوقت متأخر من الليل، مع انتهاج سلوكيات صحيحة للحصول على النوم الصحي، مثل: تجنب الأطعمة الدسمة ليلا، عدم الإفراط في مشروبات الكافيين ولاسيما قبل موعد النوم المقرر، تهيئة كافة وسائل الراحة في غرفة النوم (درجة حرارة مناسبة، فراش مريح… إلخ)، التوقف تماما عن التفكير في أي مسئوليات أو التزامات عند التوجه إلى الفراش، عدم اصطحاب الهاتف المحمول أو أي أجهزة أخرى إلى غرفة النوم.
  5. اتباع نظام غذائي صحي، والإكثار من شرب الماء وتناول الفواكه والخضروات الطازجة.
  6. تجنب التعرض للضغوطات النفسية والبدنية قدر المستطاع.
  7. الإقلاع تماما عن التدخين.

بقلم: قاسم الجهني

 

أضف تعليقك هنا