أثناء عملي في الحي الصناعي، تعلمت انني يجب ان ابدأ عملي بالأمور التي نراها جميعاً تافهة، او لا تليق بالمقام، كنت أنظف برادة الحديد من على ماكينات المعمل الخاصة بالخراطة، وكنت الملم قطع الحديد وبقايا اعواد اللحام من على الأرض، واجمع وأنظم ماكينة اللحام واعيدها الى مكانها بعد العمل، مع باقي الأجهزة الأخرى، كقاطعة الحديد والمثقاب، والعدد اليدوية، وفي الصباح او بعد انتهاء استراحة الظهيرة، كنت اعيد ربط الأجهزة وتهيئتها للعمل.
رغم ان العمل الذي أقوم به كان يعتبر عملاً وضيعاً، والقائم به يعتبر من الدرجة الأخيرة في سلم التوصيف الوظيفي في الحي الصناعي، الا انني من هنا تعلمت، وتقدمت خطوة الى الامام، بعدها أصبحت قادراً على اللحام واستخدام الماكينات والآلات، وشيئاً فشيئاً استطعت ان أصبح مساعداً لمسؤول الخراطة.
الحال نفسه تكرر معي في كثير من الأماكن والاعمال التي عملت بها، في البسطة حيث كنت انقلها وأرتب الأغراض فيها وبعدها اعيد جمع الأغراض واقوم بتغطيتها وركنها في السوق، كنت اكرر العمل ثلاث مرات يومياً، لم ابع أي شيء في ذلك الوقت، ولكني تعلمت من عملي البسيط أي المواد تباع أكثر من غيرها، واي الماركات يفضلها الناس.
وعندما انتقلت الى العمل الإداري، وجدت ان الفكرة هي نفسها، ولكي تنجح في التقدم والصعود لابد ان تبدأ من الأسفل، وان لا تتكبر او تتعالى على العمل، فقط المغرور من يظن بانه قادر على البدء من القمة، فالنجاح مرهون على ما تكتسبه من فكرة حينما تعمل في توزيع البريد، وانت تسمع وترى ما يعانيه الاخرون من أخطاء ومشاكل، ستجد ما نفع وضرر الالية التي تعمل بها في توزيع البريد، لذلك عندما ترتقي مستقبلاً الى منصب اعلى، فإنك بالنتيجة ستكون على دراية بكيفية الارتقاء بالعمل ايضاً.
ليس في ميدان العمل شيء اسمه عمل وضيع او حقير، ما دمت تعمل في اختصاصك، فكل تفصيل في عملك هو شريف وذو قيمة ومهم، ولو ان في تخصصك عمل وضيع ولا يليق بك، فانه بالنتيجة سيكون تخصصك وضيعاً ايضاً، والمدراء الناجحين بقيادة اداراتهم، هم من يبدأ او بدء من الصفر.
الكلمة موجهة الى الشباب الذين يخوضون الان معركة الحياة، ويمسون محملين بأعباء الوظيفة، وجراحاتهم الفكرية تدمي خلايا دماغهم المشوش، وهم يعيشون الصراع بين العرف الاجتماعي ومسميات الشارع للمهن، وبين تسلق المتملقين الى السلطة، وبين فساد وتكاسل الإدارات وخاصة في القطاع الحكومي، وبين طموحهم للتغيير والتطوير والنجاح.
سرّ النجاح ان تبدأ من نقطة الانطلاق، ان تتسلق من الأسفل، لا ان تستخدم المروحية للوصول الى القمة، كن انت ولا تتملق، لا تستنكف، ولا تسمع لصوت الضجيج، انا متأكد بانك ستنجح، نعم ستنجح عندما تعتقد بان الصعود يبدأ من الأسفل.
والحمد لله رب العالمين
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد