القانون لا يحمي المغفلين.

القانون لا يحمي المغفلين.

مفهوم الاستراتيجية

تعتبر المقولة المنسوبة ل “جاري-إل-جورتنر” أحد المتخصصين في الدراسات الأمنية والاستراتيچية أن “الإستراتيچية الجيدة لا تعترف بمفهوم النصر. ليس هناك انتصارات؛ ولكن فقط خطوط مرحلية في صراع دائم لتعزيز مصالحنا الوطنية وتوضيحها.” هي وصف بالغ الدقة لبراجماتية النظم السياسية منذ قديم الأزل وكذلك الطابع الحربي لحضارة أوروبا وقارات العالم الجديد..

وإذا أضفنا ما قالته هيلاري كلينتون في “خياراتها الصعبة”….

أن الكابوس الذي يخشاه الغرب هو إستيقاظ الدب مرة أخري، فالغرب بالكاد يستطيع التعامل مع الصعود الصيني لأنه تعطل في ذلك لأعطاء إستقرار منطقة الشرق الاوسط وضمان أمن اسرائيل الأولوية. فالناتو عليه أن يبقي موسكو دوماً محاصرة، نائمة، خلف مناطق عازلة تأخذ الهيئة السياسية والتكييف القانوني للدولة.

فسيبدو أن صناع القرار في المجتمع الدولي أخذوا بنظرية جوزيف ناي أستاذ العلوم السياسية وأحد رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية السابقين، حول القوة الناعمة، والتي تقسم القوة الي نوعان الأول صلب متمثل في الإقتصاد والآلة العسكرية والآخر ناعم يتمثل في الجاذبية الثقافية. وعلي الولايات المتحدة أن تلجأ للأخيرة حتي تتجنب مزيداً من إنحسار شعبيتها ورونقها باعتبارها حارس الديموقراطية وحقوق الانسان، والتي قالت عنهما “كلينتون” أنهما جوهر الثقافة والحضارة الامريكية.

إغتيالات قانونية..! سورية إنموذجاً..

لنتعرف علي طريقة الاغتيال القانوني في حالة مثل الحالة السورية سنتساءل تساؤلين في غاية البراءة:
ماذا إذا كان في مصلحة طرف أو أطراف أن تتعقد الأوضاع وتتسارع وتيرة العنف في سوريا بعد موجة الإنقسامات داخل الجيش السوري وميلاد فصائل مسلحة في صيف ٢٠١١..؟
وماذا لو أراد تخليق فصائل وأطراف بمواصفات معينة تخدم مصالحه بالدرجة الأولي..؟

– في الحقيقة أن التعقيد الذي يفيد طرف من الأطراف دون تدخله المباشر فذلك يتطلب وجود كيانات متعددة الأسماء والوظائف علي الأراضي السورية، تعطي لطرف -سواءاً كان دولة أو حلف- ولنسميه “أ” اختيارات عديدة في ممارسة الضغط علي الطرف “ب”، وتشكيل الخارطة السياسية السورية المنتظرة بالقدر الكافي لتحقيق مصالح تلك الدولة أو دول ذلك الحلف؛ وذلك في مستقبل استثمارات خطوط الغاز والنفط، ومايزيد عن ٢٠٠ مليار دولار تقريباً استثمارات تنتظر الشركات العابرة للقارات لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في سوريا، إضافة إلي شريط ساحلي مميز علي المياه الدافئة وممرات جوية إستراتيچية آمنة والمزيد من الموارد البشرية والطبيعية.

إضفاء شرعية التمرد

– ولكي يتم إضفاء شرعية التمرد علي الكيانات والفصائل المُخلقة الجديدة وتُمنح مراكز قانونية، وبالتالي الحق في المطالبة بالاستقلال بعد إفشال أي تسوية لا تتضمن رحيل الأسد، وجب استخدام القاعدة القانونية المناسبة، والتي منها؛ علي سبيل المثال لا الحصر: الاتفاقات التي أُبرمت في خصوص حماية ضحايا النزاعات المسلحة في چينيڤ والتي تحوي حلقة الوصل الأولي في مادتيها ٤٣ و ٤٤ من البروتوكول الأول الإضافي من ذات الإتفاقية، والخاصتين بماهية القوات المسلحة ومركز “المقاتلين” التابعين لوحدات نظامية لها قيادة مركزية حتي إن لم يكن معترفاً بها من قِبَّل الخصم. حيث توفر لفظة “المقاتلين” التي أشارت إليها المادة ٤٣ لتلك المليشيات غطاء قانوني مناسب. هذا إلي جانب الاستفادة من بعض الثغرات القانونية الأخري التي تمكنت أجنحتها السياسية من خلالها حضور ثُمانية چينيڤ، وسوتشي من بعدهم في إطار الجهود الرامية للتسوية.

أضف إلي ذلك ملحوظة أن التدخل العسكري في سوريا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي جواً وبراً والذي أتاح للأطراف تعزيز التواجد لحماية المصالح الحيوية بالمنطقة بأسرها سواءاً في الطاقة أو تأمين خطوط النقل والمواصلات الكوكبية.

ما أشبه اليوم بالبارحة..

في أواخر القرن التاسع عشر، حين حصلت فرنسا علي امتياز حفر قناة السويس من الباب العالي رحبت الشركات البريطانية العابرة للحدود وأكبرها شركة الهند الشرقية البريطانية بهذا المشروع، لتسهيله حركة الملاحة من وإلي الهند، درة التاج البريطاني، رغم معارضة الحكومة البريطانية علي هذا المشروع الذي يمنح فرنسا النفوذ في مصر.
حيث يتجلي في هذا الحدث سيطرة المال علي التصرفات التي تجريها الدول مهما كان حجمها داخل المجتمع الدولي، حيث المال الذي يمنح الحكومات مزيداً من الدعم لتحقيق مكاسبه السياسية التي لا تنضب.

أما بعد …

حتي الآن ياعزيزي لا نصدق كيف أن التاريخ يكرر ذاته..!

مسألة شرقية جديدة وبلقْنة أخري تتكرر، وعملية تحولٌ ديموقراطي -كما يطلق عليها ساسة الكُتلة الغربية- أو ثورات الربيع العربي -كما أطلق عليها الساسة والإعلام العربي جهلاً أو عمداً- لا تزال قيد التفعيل، وقد تستغرق من ١٠ الي ٢٠ عاماً وفقاً لتصريح ويليام تايلور مبعوث إدارة أوباما لعملية التحول الديموقراطي في لقاء صحفي مع مصطفي حجي نشر في جربدة المصري اليوم في أكتوبر 2011.

أضف تعليقك هنا