موقع مقال موقع تواصل اجتماعي يتخذ من المقال وسيلة تعبير وتفاعل، وينتج فيديو عن كل مقال
تشوه المفاهيم في عصرنا الحاضر
كنت صغيرة، وكانت معلمة التاريخ تسألني: هل تعلمين من فتح القدس؟ فأجيبها طبعا وهل هناك من لا يعرفه! أرطبون العرب عمرو بن العاص رضي الله عنه، وتقول رائع هذه الشخصيات يجب أن تعيش معكم لأنها عملت الشيء العظيم للدين والدنيا معا، وقد ظلت رمزا في ذاكرتي.
وذات يوم فتحت إحدى القنوات، وقالوا إنهم سوف يستضيفون مشاهير، ففرحت، وعرفت أنني سوف أتعرف على مشاهير هذا العصر، لأني كنت منغمسة في عملي وبعيدة جدا عن العالم وأخبارهم، قلت في ذاتي لا بد أن يكون مخترعًاً أو مؤلفاً أو طالباً عبقرياً فاز في إحدى مسابقات الألومبياد العلمية، أو عالماً في إحدى العلوم أو مهندساً، أم لعلهم من الرسامين المشهورين …الخ.
فتجهزت للجلسة لكي استمع، وأستفيد. وبدأ البرنامج، وإذا بالضيوف شباب في عمر المراهقة لم تتجاوز أعمارهم السابعة عشرة بقصات غريبة وجلسة لا تنبئ عن اتزان، فقلت في ذاتي المظهر دوما يكون غير الجوهر والمذيع يعظم، ويمجد، ويعرف بالأسماء، فقلت الآن سوف يبدأ بذكر إنجازاتهم واختراعاتهم.
تصدير شخصيات فارغة في الإعلام
بدأ المذيع بسؤال احدهم: كيف أصبحت ضمن خط المشاهير حيث وصل مشاهدوك إلى المليون؟ وهل تتعرضون إلى المدح والذم؟ وهل تم عرض عروض عليكم من شركات لدعايات إعلانية؟ ثم فجأة تم عرض مقاطع لبعض سنابات هؤلاء، لا تعلم حقا هل كانت مقاطع لمهرجين تترواح بين مقلد لصوت عجوز أو مقلدين لنساء أو مستهزئين بأشخاص، ومقاطع أخرى يعملون كالدجالين يسوقون لمحلات همها الكسب المادي على حساب المواطن المغفل الذي يتابع هؤلاء.
وما صدمني أكثر تلك النظرة التي تعتلي محيا المذيع، فعرفت حينها أن ما جعل هؤلاء المراهقين مشهورين ليس سوى وجود أشباه الرجال أمثاله، وكذلك الكثير من أشباه النساء التي تصفق لهم.
خطورة تشوه مفهوم الشهرة لدى الأجيال القادمة
فالتفت أعيد سؤال معلمتي في الماضي على ابن أخي: من فتح القدس؟ فقال: يا عمة أنت في زمن قديم ما عاد أحد يسأل، ويهتم بهذه الأشياء شاهدي فلان وزوجته وشاهدي المحل الفلاني والمشهور الفلاني والبلد التي يسافر إليها والمطاعم التي يدخلها والملابس التي يرتديها و ،و …الخ. ابحثي عن الشهره هذا هو عصرنا.
لا أخفيكم منذ شاهدت البرنامج، وتحدثت إلى الصغير، وأنا أتألم لأني أرى عقولا يتم محوها بالدجل، وتأخذ منحنى سوف يؤدي إلى التهلكه في قيمنا ومبادئنا، بل الأدهى سوف يمس عقيدتنا مع مرور الزمن.
ليتنا نزرع في قلوب صغارنا أن الشهرة الحقيقية هي علم ينتفع به، أو عمل صالح ينفع أمتنا، أحبتي دعونا معا ندافع عن مفهوم الشهرة الحقيقية، ونعيدها إلى مكانها الصحيح في عقول أبناء هذا الوطن وبناته، دعونا معا يدا بيد ندافع عن حقيقة مفهوم الشهرة حتى لا نسمح لأولئك أن يسرقوا ما ليس لهم.
