مجتمعنا بيتنا

فليكن مجتمعنا بيتا نَهُمُّ ببنائه، وكل واحد منا لبنة أساس، إذن بالتأكيد نحتاج إليك وإليها وإليهم جميعا، حتى يقوم البناء، ويشتد ويقاوم الرياح القوية والأمطار العاصفة والشمس الحارقة. كلمة مشجعة، أليس كذلك؟ ماذا إذن لو زرعناها في قلب الطفل والمراهق والراشد بدل الخطاب البائس والمتشائم المنتشر في الإعلام والمدارس، الذي يحدد المستقبل الزاهر وفاعلية الإنسان ونجاحه في أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو أستاذا أو شرطيا.

و هنا تقف القائمة، فما غير ذلك ليس مفيدا، وليس مهما، فيضحي ذلك الطالب محتجزا بين هذه القضبان الأربعة لا يعرف غيرها، فتجده يجيب وهو ابن الستة أو السبعة أعوام عن حلمه في المستقبل ” أريد أن أصبح طبيبا ”. فيبستم في وجهه الجميع، ويصفقون له ولا أعارض فالتشجيع ضروري، لكن لا نجعله رهينا بمستقبل مجهول، فيتوقف ويصبح توبيخا وتحقيرا، إذا ما أخذت الحياة منحى آخر مع هذا الطفل. فبدل أن يصبح طبيبا أصبح عاملا بسيطا أو مهنيا أو بائعا متجولا، وربما حتى عاطلا رغم بذله للجهود و تحديه للصعاب؛ وكأن البناء يحتاج للإسمنت فقط.

لكل فرد مهمته

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في رواية للإمام أحمد ” كُلُّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَه “، فلكل واحد منا قدرات مادية وبدنية ونفسية، وتحديد مستقبل واحد لأفراد مختلفين معادلة لا حل لها، لأن المجتمعات الناجحة تعمل على تطوير الفرد بقدراته الخاصة منذ نشأته. وفتح مجالات الدراسة وكذا العمل له لدمجه في المجتمع وتعزيز الثقة في نفسه إثر تحسيسه بأهمية ما يقدمه وتحميله مسؤولية إنجاح عمله من أجل نجاح مجتمعه؛ معادلة متساوية الطرفين.

وإننا في عالمنا العربي نطمح لبناء مجتمعات طاهرة تخلف المجتمعات الفاسدة التي لا بد له أن تسقط بسقوط المفسدين، وتعويضهم بصالحين وصالحات في شتى الميادين، في الطب والهندسة والتعليم والأمن والبيئة والتجارة والفن إلى غير ذلك، فاعلون إيجابيون في المجتمع واثقون بقدراتهم مؤمنون بأحلامهم وأهدافهم التي يسعون لتحقيقها بالتخطيط.

مقالات متعلقة بالموضوع

التقوى والإنقاق

وصدق الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة و السلام حين قال: “اليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُفلًى “ رواه حكيم بن حزام رضي الله عنه، فلم يجعل عليه الصلاة والسلام نوع المهنة هي معيار التمييز بين الناس، و نستثني من هذا طبعا المهن المحرمة والمشبوهة، بل حدده في الاجتهاد والعمل والكَدِّ بدل الاتكال على معيل فيد المعطي خير من يد الآخذ.

فانهض بحالك، واعمل من حيث أنت بصفتك فرد في المجتمع، وغيابك يعني تأخر بناء المجتمع الذي تتمنى رؤيته اليوم قبل الغد و“لا تستمر في حساب الأيام، ولكن اجعل تلك الأيام تُحسَبُ لك “ كما قال محمد علي كلاي، واعلم في الأخير أنه “لا تُؤخذ الدنيا بالتمني ولكن تُؤخذ الدنيا غَلابا “، وأن “من يتوكل على الله فهو حسبه” –{ سورة الطلاق الآية 3 }– و “إذا عزمت فتوكل على الله “– {سورة آل عمران الآية  159}. وفقنا الله و إياكم للخير.

فيديو مقال كن أنت اللبنة

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ