شعوب أغنياء وحكامهم فقراء

العدل العمري وتميزه

يردد البعض كثيرا عبارة “مات عمر بن الخطاب وغاب العدل في بلاد المسلمين”، فهل يرتبط العدل بأحد أو ينتهي برحيل أحد؟
وهل الحكام حقا أغنياء أم أنهم فقراء وحالهم يدعوا للشفقة؟ العدل لا يرتبط بحياة أحد، ولا ينتهي بموته العدل باق إلى قيام الساعة، لكن ما يجعله شبه غائب هو اختلال ميزان العدل في عالمنا العربي ودول العالم الثالث علي وجه الخصوص، جراء تلك الإخفاقات من الحكام والحكومات التي تجعل الشعوب تشعر بغياب العدل، مقارنه بما ورد عن السلف والسنة عن العدل في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.

خاصة أنه لم يحكم فقط بالعدل، بل وأمر الأمراء والخلفاء أن يحكموا به وألزمهم بذلك، بل حاسبهم عليه، لكن مرور الزمن والزيادة السكانية في معظم دول العالم وخاصة في عالمنا العربي والإسلامي جعل إقامة عدل الفاروق بنفس النهج شبه مستحيل على أي حاكم. لكن هذا لا يعفي من المسؤولية الملقاة على عاتق الحكام، فالحكم بالعدل أمر من أوامر الله سبحانه.

الضمير الإنساني يدعو للعدل

وصفة ترتبط بالضمير الإنساني لذا كثيرا ما نجد شعوبا غير مسلمة يتحقق على أرض بلادهم ما هو أقرب للعدل الذي تتمناه الشعوب المسلمة، لا لشيء سوى أنهم أخذوا منا ما لم نستطع نحن فعله، ألا وهو تعاليم الدين الإسلامي التي تتمثل في الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية بل سعوا جاهدين لتحقيقها، بينما لم نسعى نحن المسلمين كما لم يستطع أغلب حكام المسلمين، رغم أن الحكم بالعدل هو أمر إلهي واختبار دنيوي.

فإما أن تكون أمام الله حجة لهم بحسن أعمالهم أو عليهم بسوء أعمالهم، تلك الأعمال والمسؤولية التي لم تعد ترتبط في زماننا بشؤون الرعية فقط بل بعلاقات دولية ومصالح مشتركة وتحديات وصراعات وضغوط وهيمنة، تجعل بعض الحكام في وضع لا يحسدون عليه، بل وتجعلهم أكثر الناس فقراً أمام الله يوم الحساب، وتجعل تلك الشعوب التي تحملت القهر والظلم هم الأغنى عند الله.

الكل مسؤول عند الله عن رعيته

فلا يمكن أن نغفل قول نبينا الكريم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” فإن كانت الرعية سوف تحاسب على سوء الأعمال عن أنفسهم ورعيتهم المحدودة العدد، ويأتي ميزان حسنات البعض أكثر جزاء للصبر والتحمل لذلك القهر والظلم، فالحكام الظالمين سوف يحاسبون على سوء أعمالهم مضافا عليها عدد المظلومين والمقهورين من شعوبهم ومن في الرقاب وما أكثر عددهم، ليقفوا أمام الله في عوز وحاجة لبراءة من كل مظلوم. لذا هم الأشد فقرا وحالهم يدعوا للشفقة، خاصة مع تعدد الآيات القرآنية الدالة بذلك الوعد والوعيد، فليتهم يتفكرون.

فيديو مقال شعوب أغنياء وحكامهم فقراء

أضف تعليقك هنا