أرسلت إحدى شركات صناعة الأحذية مندوبين إلى منطقة نائية لدراسة إمكانية التسويق هناك، وصل المندوبين فلاحظا أن القرية لا يستخدمون الأحذية ولا يعرفوها، في الليل جلس كل منهما يكتب تقريره إلى الشركة:
يشير تقرير الأمم المتحدة إلى أنه:” من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من سبعة مليارات نسمة إلى ثمانية مليارات ونصف المليون نسمة بحلول عام 2030م.[1]، وأن عدد سكان العالم سينمو بمعدل مليار شخص خلال الـ 13 عاما القادمة، وسيصل إلى 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050م.[2]
وإذا كان المعدل العالمي: طبيب واحد لكل 400 شخص أو قريباً من ذلك[3]، وإذا أخذنا النسبة نفسها لكل داعية، فهذا يعني أننا نحتاج إلى 20 مليون داعية عام 2030م!!، فليست سلامة الأجساد بالدنيا فقط أولى من سلامتها بالدنيا والآخرة.
هذا في الوضع الطبيعي، فما بالك إذا كان هؤلاء المليارات في عملية بحث عن دين ينقذهم ومنهج يرشدهم، فأثناء قراءتك للمقال (دقيقتين) هناك 3 حالات انتحار[4]، هم لا يريدون أي دين بل دين يحقق الفاعلية في الحياة، ولا يقبلونه من أي شخص بل من شخص متقن لكم ٍمن المهارات، لعل من أهمها:
الأسئلة: مما يُميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية هو السؤال، والسؤال هو مفتاح الحضارات، والسؤال هو بوابة الدخول إلى عالم المعرفة الحقيقي، فالداعية الموفق هو الذي لا يتردد في طرح الأسئلة مهما كانت، ثم يبحث عن الإجابات العلمية عليها، ولا يقبل الإجابات إلا بأدلة وبراهين ” ..قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين (64)“. سورة النمل، فلا يقف عن “يقولون”، ولا يستسلم للمقدَسين من البشر[5].
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين (64)“. سورة النمل
المرونة: وتعني الفاعلية في التعامل مع المتغيرات من حيث القبول والتوظيف، فالبشر يختلفون في كل شيء تقريباً، ومن المستحيل حملهم على رأي واحد في قضية واحدة، فكيف بقضايا متعددة، وداخل دائرة البشرية هناك مساحات واسعة للحوار والنقاش.
فالخلاف الفقهي والخلاف المنهجي، بل وحتى الخلاف العقدي يتطلب لغة تستوعب وتستمع وتأخذ فرصتها لتعطي البلاغ المبين[6] لجميع العالمين، وليكن شعارنا كما قال ربنا “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)“سورة الأنبياء، ونحن على خطاه نسير، يا تُرى كيف ستكون لغة الراحم!؟، ألا فما أجمل التمهير على لغة الرحمة للعالمين.
الموسوعية: لقد مُدح العلم في القرآن الكريم في أكثر من 100 آية، ولم يخصص القرآن علماً محدداً ولا فناً خاصاً، والعلوم مثل جسد الإنسان بينها ترابط وتآزر، وعلى مقدار التناغم بين عمل هذه الأعضاء يكون اكتمال صحة الإنسان، وعليه فلابد لمن يسعى لنهضة البشرية واستخلاصها من عبودية غير الله أن يجمع مختلف العلوم ويدرس شتى أصنافه، فلا يقف عن فن واحد أو مجموعة بل يُشبِّك بينها ليكتمل جسد المعرفة، فعلم الإلهيات وعلم الاجتماع وعلم النفس والاعلام والاقتصاد وغيرها يُكمِّل بعضها البعض، فمن البديع التمهير على النظر إلى الصورة الكاملة وليست الجزئية.
لقد مُدح العلم في القرآن الكريم في أكثر من 100 آية
المشاريع: “الناس لن يستجيبوا لدعوتنا إلا حين يرونا نجتهد علماً وعملاً من أجل إنقاذهم”، فإذا كانت لغة الرحمة ترسل كلاماً فإن المشاريع تكمل الصورة بالعمل ،نعم لابد من أرضية معرفية قبل العمل ، لكن لا ينبغي ألا نقف على المعرفة دون عمل، فالقيم والمبادئ والمُثل الجميلة التي ننادي بها لابد من تجسيدها على أرض الواقع.
ومن هنا كان العبد الموفق هو الذي يستطيع تحويل القيم إلى مشاريع عملية يراها الناس أمامهم، تلك مهمة ليست بالسهلة لكنها ممكنة بالتمهير والتدريب بعد المعرفة والدراسة، ومن أبجديات المشاريع العمل الجماعي والمؤسسي بكل تبعاته، فتغيير العالم بحاجة لضخ كمٍ كبير من المشاريع الواقعية التي تساهم في نقلهم إلى دائرة الايمان الفاعل الحركي في الحياة وليس الجامد في النفوس ، ولنكسب الأسبقية في ذلك لابد من التمهير على طرح المشاريع.
الناس لن يستجيبوا لدعوتنا إلا حين يرونا نجتهد علماً وعملاً من أجل إنقاذهم
الإبداع: الإبداع هو نقلة نوعية جديدة غير مرتقبة، وهو ليس حكراً على الأدوات المادية، وإنما يشمل معها الأفكار، بل وحتى القيم، غالباً ما تصطدم الأفكار الإبداعية بالواقع التقليدي والمتجذر بسب الزمن وليس بكونه الأفضل، ولعل هذا أكثر ما واجهه الأنبياء – عليهم السلام- فجُلُّهم إنما كان رفض دعوتهم لكون ما طرحوه فكرة جديدة تكسر ما اعتاده الناس لسنين عديدة ” أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)” سورة ص.
والتغيير غالباً ما يكون نتيجة الأفكار الإبداعية، كما أن الأفكار الإبداعية قد تقفز حاجز الزمن وتختصره، وتفتح الباب لفكرة تغير العالم ، فالداعية الموفق هو الذي يسعى في استثمار مواهبه لتحقيق قفزة في عمل أو مشروع أو فكرة تحقق شفاء قلوب الآلاف وربما ملايين، هذا إنما يكون حين نكتسب مهارات الإبداع.
الآن بعد أن عرفت جزءاً من واقعك، عليك كتابة تقريرك، فهل سترحل أم ستبقى؟
جمال يوسف الهميلي – 1439هـ -2018م
المراجع:
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد