إدارة المعرفة في المستشفيات

بقلم: الصادق جمال الدين الصادق

قد واجه المجال الطبي في السنوات الأخيرة ضغوطاً متزايدة من أجل انخفاض التكلفة وزيادة نوعية الرعاية الصحيحة، ومن ثم فإن إدارة المعرفة في المؤسسات الصحية أمر بالغ الأهمية، لتحقيق الإنجاز الأصيل وخفض تكلفة الخدمات ذات الجودة الأعلى، ويركز هذا الفصل علي تطوير وتعزيز نموذج عملية إدارة المعرفة، ثم ننظر إلي الحواجز الرئيسية التي تعترض منظمات الرعاية الصحية من أجل إدارة المعرفة بشكل كامل.

مقدمة

صناعة الرعاية الصحيحة هي معلومات مكثفة، والاتجاهات الحديثة في هذه الصناعة قد أظهرت أن هذه الحقائق معلومات (موريس 1990، ريوزا 2001م)، يستخدم الأطباء حوالي مليوني قطعة من المعلومات لإدارة مرضاهم، حوالي ثلث وقت الطبيب في تسجيل وجمع المعلومات وإنفاق ثلث تكاليف مقدم الرعاية الصحية على التواصل الشخصي والمهني.

هناك نتائج واكتشافات علمية جديدة تجري كل يوم، وتشير التقديرات إلى أن المعرفة الطبية تزيد من زيادة العمر المهني، مما يعني حتماً أنه لا يمكن للطبيب أن يمارس الطب عالي الجودة دون أن يحدث معرفته باستمرار، الضغوط على التخصص في المجالات الطبية أيضاً قوية وبالتالي يصبح من الصعب إدارة العديد من المرضى الذين يتطلبون نوعاً معيناً من الرعاية يتجاوزون الطرق التقليدية.

ومع التقدم التكنولوجي في الآونة الاخيرة أصبح المريض أكثر وعياً بجودة العلاج، وخيارات العلاج المختلفة، وخيارات الرعاية المختلفة، ومن ثم فإن إدارة المعرفة في مؤسسات الرعاية الصحية أمر بالغ الأهمية لتضمن الإنجاز الأمثل في خفض تكلفة الخدمات ذات الجودة الأعلى، والقطاع الطبي يشكل شبهاً كبيراً من ميزانية البلد والناتج المحلي الإجمالي، فإن أي تحسينات تساعد على خفض التكلفة ستؤدي إلى فؤائد كبيرة.

عملية إدارة المعرفة

يجب أن تكون هناك عملية جيدة التنظيم لإدارة المعارف بنجاح وتقسيم العملية إلى الخطوات التالية:

  • إنشاء المعرفة والاستنباط، تليها التقاطها أو تخزينها، ثم نقلها أو نشرها، وأخيراً لاستقلالها.
  • تحتاج المعرفة إلى خطتها والتماسها من عملية إدارة المصادر، لإنشاء المعرفة يجب أن نبدأ من الحذر، يجب جمع البيانات ذات الصلة من مصادر مختلفة مثل (المعاملات، والمبيعات، والفاتورة، ونظم التجميع)، وبمجرد جمع البيانات ذات الصلة يجب معالجتها لتوليد معلومات مفيدة، يجب جمع المعلومات من مصادر مختلفة، ومن الاعتبارات الهامة التي يجب مراعاتها أن المعلومات يمكن أن تأتي من مصادر خارجية بالإضافة مصادر داخلية، ومن الضروي دمج المعلومات التي تجمع مرة واحدة.

مهمة تفويض المعرفة يمكن أن تفوض إلى الموظفين، ومن البدائل استخدام تقنيات الحوسبة الاصطناعية المستندة الى الاستخبارات للمهمة مثل (الخوارزميات الجينية، والشبكات الاصطناعية، والذكاء الاصطناعي)، تشبيه التعدين يشير الى القربلة من خلال كميات كبيرة من خام البيانات للعثور على شيء قيم، بل هو خطوة متعددة، عملية استقراتية تكرارية، وتشمل مهام مثل (تحليل المشكلة، واستخراج البيانات، واعداد البيانات، والتطبيق، والحد من البيانات، وتطوير القاعدة).

نشر التطبيق ـ نقل ـ التقاط ـ خلق

ردود الفعل

عموماً يتم التعامل مع استخراج البيانات كمرادفات إلى العملية برمتها في الانتقال من البيانات الى المعرفة، والهدف من استخراج البيانات هو استخراج معلومات قيمة من البيانات مع الهدف النهائي من اكتشاف المعرفة، يعتبر الجو التنظيمي الجذاب أمراً أساساً في طلب التماس المعرفة، يجب أن يكون الأفراد على استعداد لتبادل خبراتهم مع زملائهم دون خوف من فقدان القيمة الشخصية وإنخفاض الأمن الوظيفي.

الالتقاط والتخزين

ولتمكين التوزيع والتخزين، يجب تدوين المعارف التي يتم في شكل قابل للقراءة آلياً. وتدوين المعرفة يدعو الى نقلها بشكل صريح في التقارير الورقية أو المستندات اليدوية والوثائق الإلكترونية.

نقلها ونشرها

واحدة من أكبر العوائق التي تحول دون استخدام المعرفة التعظيمية هي عدم التواصل بين مقدم المعرفة والباحث، وتنشأ الحواجز من أسباب مثل الموقع الزماني، أو عدم وجود حوافز لتقاسم المعارف.

استخدام كلمة السر والخوادم الآمنة أمر مهم جداً، ويجب أيضاً أن تكون أليات الوصول سهلة الاستخدام من أجل تشجيع استخدام مستودعات المعرفة.

الاستقلال والتطبيق

يعد استخدام الموظفين لمستودعات المعرفة لأغراض الداء التنظيمي مقياساً رئيسياً لنجاح.

إدارة المعرفة في المستشفيات

ونحن نركز اهتمامنا على المستشفيات، على الرغم من أن معظم المناقشات يمكن تطبيقها على مؤسسات الرعاية الصحية الأخرى، ويمكن تصنيف المعرفة الصريحة الى داخلية وخارجية، داخلية؛ هي ذات الصلة بممارسة الطب مثل المجالات الطبية والتقارير البحثية، أما المنشورات الخارجية؛ فهي منشورات قانونية وحكومية.

خلق المعرفة والتقاليد

يمكن التعامل مع إنشاء المعرفة واستنباطها في أحد وضعين: شكل خاضع للرقابة واخر حد، خاضع للرقابة مثل (السجلات الطبية) في معظم المستشفيات مسئولة عن تخزين مركزي لمعلومات المريض، أما النموذج الحر: يكون كل فرد مسئول عن الاسهام في مورد معارف المنظمة، وسيترك الأفراد كمستخدمين نهائيبن للموارد التنظيمية في عبء متساوي للمساهمة في الأصول.

التقاط المعرفة والتخزين

وحالما يتم جمع المعرفة يجب التقاطها وتخزينها للسماح بنشرها ونقلها، وهناك استراتيجيان شائعتان للقبض والتخزين، (التدوين والتخصيص)، وتستند استراتيجية “التدوين” إلى فكرة أنه “يمكن تدوين المعارف وتخزينها وإعادة إستخدامها”، وهذا يعني أن المعرفة مستخرجة من الشخص الذي طورها.

في المجال الطبي غالباً ما يتم التأكد على استراتيجية التعديل لأن الممارسة السريرية هي نفسها من طبيب إلى طبيب، على سبيل المثال: علاج التواء الكامل هو نفسه في لندن، نيويورك او طوكيو، ومن ثم فإنه من السهل على المعرفة السريرية أن يتم التقاطها عن طريق التدوين وإعادة إستخدامها في جميع انحاء المنظمة.

في الآونة الاخيرة هنالك تقدم في تكنولوجيا السجلات الطبية الالكترونية، إن تقاريرها الاستجابة الفورية هي محاولة لترجمة المعلومات من السجلات الورقية إلى تنسيق محوسب.

نقل المعلومة ونشرها

ريثما تم تخزين المعلومة في المستشفى مركزياً؛ يجب أن تكون متاحة للاستخدام والوصول إليها عبر مختلف الأعضاء التنظيمية واحدة من أهم الاعتبارات هنا “الأمنية والسرية”، يجب أن يدرب الموظفون لإشباع طرق أمنية مثل (تغير كلمات المرور من حين لأخر).

تطبيق المعلومات واستقلالها

المرحلة الأخيرة والمهمة هي استقلال وإستخلاص المعارف، ينبقي تطبيق المعرفة والاستقلال علي جميع المستويات من الفرد إلى المجهودات المشتركة بين المنظمات، مع جعل المعلومة سهلة وفعالة هنا يمكن أن يزيد نوعية الخدمة فقط.

عندما تقوم الممرضة بإجراء الاختبارات الأولية على المريض يمكن أن توفر معلومات جيدة عن الحالة الصحية للمريض، يقوم أطباء الرعاية الصحية الأولية بإحالة المرض إلى الرعاية الصحية بالمستشفى.

العوائق والحواجز  لإدارة المعلومة

على الحقل الطبي أن يتخطى ويتقلب على عدد قليل من العقبات من أجل تحقيق الفوائد المحتملة من الربط المفتوح، لتبادل المعرفة بين الشركاء، مثل (الأطباء، والجراحين، والممرضين، وما إلى ذلك..)، نحن الأمن نسلط الضوء على ثلاثة من إبرز القضايا.

توحيد المفردات الطبية اللغوية

بدون توحيد للمفردات تبادل المعرفة يصبح قريباً من المستحيل، هناك تنوع في المفردات الطبية الحيوية، والباحثين، والأكادبيس والمتغيرات في نظم المعلومات، تختلف الخبراتبين مستخدمي المعلومات الطبية اختلافاً كبيراً، قد يسخدم باحث في علم الأعصاب مصطلحات دقيقة، في حين إن ممارس عام قد لا يستخدمها.

الأمن والخصوصية

مع مشاركة البيانات يأتي خطي التلاعب والقضايا الامنية، أمن بيانات المرضى؛ ومنهم دخول الأيدي الخطأ، هي مخاوف كبيرة في هذا المجال، ويجب وضع ضوابط صارمة قبل أن يتم الاتصال المفتوح، أي تلاعب أو نشر لمعلومات مريض غير مصرح به له عواقب وخيمة، وستحتاج الحكومة والهيئات التنظيمية الأخرى إلى وضع قوانين مناسبة للمساعدة في إدارة نقل البيانات وأمنها، ويمكن اعتبار قانون التأمين الصحي قابلية التأمين، والمساءلة واحدة من العديد من التدخلات الحكومية في مجال حماية حقوق المستهلك.

الثقافة التنظيمية

في كل منظمة يمكننا أن نرى تطبيق قاعدة 80/20، ويشكل مقدم المعرفة 20% من القوى العاملة، وخبرات استثنائية وأفكار مفيدة للمنظمة، أما أن 80%الباقون فهم مستهلكون لهذه المعرفة، وغالباً ما يتردد مقدمو الخدمات في تقاسيم أو مشاركة المعرفة ونقلها لأنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى جعلها أقل قوة أو أقل قيمة للمنظمة.

الخلاصة والاستنتاجات

لتحقيق القيمة الموعودة، يجب على إدارة المعرفة والمعلومات معالجة القضايا الاستراتيجية، وتوفير مزايا تنافسية في المؤسسات، يجب أن تنفذ مبادرات إدارة المعرفة بشكل جيد في معظم مؤسسات الرعاية الصحية، ويمكننا أن نتوقع زيادة عدد وأهمية هذه الجهود على مدى السنوات القليلة القادمة، وتشمل مجالات البحث المستقبلي المستمر (تقنيات البحث وإسترجاع المعلومات المتوفرة، ومعلومات الرعاية الصحية، وتنظيم مراقبة المريض الذكية، والتمثيل الامثل للمعرفة).

بقلم: الصادق جمال الدين الصادق

 

أضف تعليقك هنا