يعد التواصل في كل الثقافات الأداة الأساسية لتلبية الاحتياجات الإنسانية دون شك، وحين يتعلق الأمر بالإدارة فإن ذلك يدفعنا إلى التأكيد على آلياته ومدى نجاعته، لاسيما وهو الشريان الرئيسي لنقل المعلومات وحسن استخدامها معرفيا في خلق البدائل، واحداث التغيير على مستوى المجتمع والمنطقة بصفة عامة حسب أنشطة المنظمات والجمعيات وأهدافها المدروسة والمناطة بعهدتها مسؤوليات المواطنة.
لقد بينت المدارس اللغوية وعلى راسها المدرسة اللسانية و مؤسسها تشومسكي ان العملية الاتصالية تقوم على ثلاثة عناصر اساسية بديهية هي الباث والمتقبل والقناة المرسلة او الرسالة غير ان هذه الرسالة تختلف طريقة ايصالها او تبليغها للمستهدفين حسب المناخ المعرفي والاجتماعي والثقافي والايديولوجي للطرفين وحسب مقتصيات القضية المشكل …
اما لم نتواصل فلنبدا الحديث عن دور الجمعيات في سعيها الى تعزيز الثقة بين اعضائها والفاعلين فيها وتوسيع مجال العمل وتسريع نجاعته …كذلك لتعزيز موقع الجمعية من النشاط المدني واستقطاب شركاء اكفاء ومتعاونين في المصلحة العامة ..ولا ننسى ان التواصل يخلق بيئة داخلية لتبادل المعرفة وتبيان مهام واعمال الوحدات والفروع الاخرى ودفعهم العاملين الى تبادل خبراتهم وتقديم ملاحظاتهم وهذا يكرس الشفافية والنزاهة ويثبت الاكفاء ..
اما الجانب الخارجي للجمعية فيعتمد على سعيها الى زيادة التنسيق والتعاون مع اصحاب المصالح او المستهدفين سواء المحليين كالمجالس المحلية بلجانها المختلفة والمجالس الجهوية وكل ماله صلة بالسلطات المركزية او المانحين الخارجيين حسب الشروط المضبوطة من القانون الجمعياتي او القانون الدولي وهؤلاء المستهدفين يمدون الجمعيات بقوة لا تملكها هي كتوفير الموارد المالية او اللوجستية او الفنية والاحتياجات لدعم القضية وتفنيدها مركزيا لتيسسر الحلول ..
وفي هذا الاتجاه تنحو الجمعيات الى لعب دور الراصد الحقيقي لمشاغل المتساكنين على تنوعها وتشعبهاوتتوخى طرقا مختلفة للتفاوض حولها لدى المجالس المنتخبة المحلية …
تقوم الخطة الاتصالية على عدة عناصر اساسية اهمها:
غير ان هذه الاستراتجية تستدعي نوعا خاصا من الية التواصل حسب خصائص المشكل المطروح في الجهة كمشكلة الماء او الكهرباء او التلوث البيئي او مشكلة ذوي الاحتياجات الخصوصية في تجاهل السلطات لها والامور الاخرى التي تتعلق بالتجاوزات في الرخص والصفقات وكل ما يتعلق بالشفافية والنزاهة والمحاسبة ..
وربما كان الخطاب في اطار مجادلة او مناظرة او تفاوض او حوار فكلها تستدعي حنكة ودراية باسس التخاطب لتكون الرسالة مؤثرة وفعالة …
فاما المجادلة فتعني الاختلاف على امر فتقع مناقشته كل طرف حسب اسلوبه الخاص.
وفي هذا قال ابن الزناد “ما اقام الجدل شيئا الا كسره جدل مثله”، وقال الاوزاعي “اذا اراد الله بقوم شيئا الزمهم الجدل ومنعهم العمل”.
وهذا يعني ان الية الجدل تقع في الامور غير المتفق عليها وتقع فيها خصومة فياتي الجدل للبحث عن حقيقة اما ذاتية او تتعلق بمصلحة الجماعة.
ولدينا خير مثال في نصوص التراث اهما مجادلة خولة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما صدر من زوجها عبارات تفيد في عرف ذاك العصر الطلاق فجادلت الرسول عن ما يفند ذاك في السنة من حديث وحين لم تجد حقيقة في ذلك فوضت مشكلتها الى الله حتى انزل الله سورة المجادلة قال تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير).
بينما في صلح الحديبية قد جادل الصحابة والمسلمون رسول الله في تنازله، وقبول شروط قريش ولم يعو رؤية الرسول البعيدة لتحقيق الهدف في توسيع مجال الدعوة مقابل تاجيل العمرة والحج، وانتهى الجدل بتوقيع الصلح وكانت غاية الصحابة من الجدل مصلحة المسلمين لانهم لم يدركوا قيمة التنازل من قبل رسول الله.
وفي كل مراحل الجدال لقد بينت النصوص الدينية والتاريخية النضج العقلي والحنكة في التمرس بدروب الجدال حتى عدت مرجعا للنصوص والاحداث السياسية في تطبيق مبادىء الديمقراطية الحديثة ..
بينما النقاش في سقيفة بني ساعدة ابان عن اختلاف وخلاف في الاراء والتوجهات وفيمن يخلف الرسول بين الانصار والمهاجرين وكل يدعي الاحقية له وفي النهاية ال الامر الى ابي بكر رضي الله عنه وهذا الاخير عبر عن ذلك بانها كانت فلتة وراها البعض من الشيعة والسنة توخي القوة والسلاح من طرف المسلمين مكنهم من ذلك ومهما كان تاويل النتائج فان ما يهم نوعية الخطاب وطرق الاقناع والادلة سواء عند الانصار او المهاجرين و الصحابة وكلها كانت في سياق ضمان المحافظة على تطبيق النص الديني والمحافظة على القيم الروحية لتحقيق العدالة بين الناس.
اما التفاوض فهو موقف تعبيري حركي بين طرفين او اكثر حول قضية يتم من خلالها عرض وتكييف وجهات النظر، واستخدام كافة اساليب الاقناع للحفاظ على المصالح القائمة.
وللتفاوض عدة استراتجيات كالخداع والتمويه والانهاك والتشتيت والتدمير الذاتي.
ويقوم على عدة مبادىء كالاستعداد في اي وقت والتمسك بالبيانات وعدم الاستهانة بالخصم وعدم التسرع في اتخاذ القرار وعدم الافشاء دفعة واحدة والابتسامة والصبر والتجديد المستمر في اساليب تناول الموضوع.
وكان اسلوب الرسول عليه الصلاة والسلام في تفاوضه في صلح الحديبية متميزا بحنكة عالية ومكنه من عدة مكاسب في اتاحة الفرصة للدعوة وحفظ النوع البشري واقامة مصالحه اضافة الى دقة معرفته بشخصيات فريق التفاوض والقيم العليا لديهم وحين وقعت المفاوضات الجادة وضع كل منهما في خلده المصالح المشتركة والتنازلات الممكنة وتم الصلح .
ما يمكن الختام به ان التواصل بين المجتمع والسلطات مكسب منذ الثورات العربية كان منعدما في السابق وتبقى مسؤولية هذا الرهان موقوفة على دور المجتمع المدني بمنظماته وجمعياته في تكريس هذا الحق بقوة التاثير لصناعة التغيير والحرص على صنع وقعها في المنطقة مهما كان مجال عملها.
ان نمط الرسائل التواصلية في الخطاب التواصلي لم يكن مبتكرا فكان النص التراثي حافلا بفن التراسل وفنون المجادلة والمناظرة وغيرها.
وكل له تكتيكاته ومقوماته وكانت له نجاعته لكن الاختلاف في نوع القضايا حسب تعاقب الازمان والاختلاف النوعي والحضاري، لقد بينت ايضا الدراسات السياسية الحديثة قيمة السيرة النبوية والنصوص التاريخية الدينية في المحافظة على النظم السياسية الجديدة حتى عدت مراجع في بناء الدولة الحديثة قد استلهمها الغرب وتعمد اقصاؤها العرب رغم ما فيه من ثوابت وبيان وعبر …
في حين ان عدم الجدية في تناول المسائل المطروحة في المنطقة سواء من طرف المجالس البلدية او المجتمع المدني –(الذي هو مكلف ضمنيا بمتابعة سير عمل المؤسسات ورصد مدى نزاهة الاجراءات الادارية وسرعة الانجاز وحسن الاداء دون طي المشاغل الملحة على حساب المصالح الذاتية)- هو الذي يقوض نجاعة عمليات التواصل ويربك كل سبل التعاون بين الطرفين..
ويمكن القول ان عدم تناول القضايا بمسؤولية كمن لا يلتفت اليها اضافة الى عدم الوضوح وعدم الدقة وعدم الواقعية في الطرح كلها عوامل فشل لعملية التواصل..
بالمقابل حين يكون فريق العمل اكفاء وبينهم التوافق وممن تمتعوا باعداد وتدريب وبيانات تفصيلية حول القضية والوقوف دائما عند نقطة هامة وهي كيف نستطيع تحقيق ما نريد ذاك هو سر نجاح مفاوضات المجتمع المدني .على المستوى المحلي او الوطني او الخارجي…
المهمة الختامية لمساق اليات التواصل مع المجتمع المدني.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد