الانقسام يضعف الدولة

بقلم: صلاح الشتيوي

قد تختلف آرائنا ومشاربنا وتوجهاتنا وتتنوع اصولنا وتتعدد طوائفنا و لكن الوطن والولاء والانتماء اليه ﻻ يتغير فالوطن للكل ،الوطن كلمة تنطقها فتخرج من فيك بصدق معبرة عن حبك لوطنك، كما تخرج كذبا ونفاقا بدون شعور فتكشف غدرك  لوطنك، هاته الكلمة وطن لها مفهوم عظيم ، الوطن فهو الفضاء الجميل الذي يجمعنا في رقعة واحدة بارضه وسماه وهواه ، هو الجبل هو البحرهو ضل الشمس واشعتها هو الرياح هو الرعد هو الامطار و الاودية هو المراعي والغابات هو نسمات الهواء العليل، انه المكان الواسع الذي نسعد عند العودة اليه، انه المكان الذي يجمعنا اناثا وذكورا صغارا كبارا شبابا وشيبا هو مستقبل احفادنا وميراث اجدادنا ،فالوطن ليس حروف او كلمة انه اعظم من ذلك ، ان حب الوطن فطري يبدا بحب الطفل الصغير لامه ثم لبيته فالحي ثم المدينة فالوطن كله.

الانقسام

ما سبب انقسامنا ونكبتنا منذ سقوط الامبراطورية العثمانية الى اليوم، في اواخر القرن التاسع عشر كان الاغلبية من المفكرين المسلمين يجزمون بان الاسلام يجب تجديده، وبدا ذلك عن طريق العديد من المصلحين في نهاية الإمبراطورية العثمانية، وكان في ذلك الزمن هناك صراع بين العرب والمسلمين من جهة، والغرب من جهة اخرى.
وكان من جملة ما طرح في تلك الفترة العلاقة بين الاسلام ومشاكل المجتمع، وكان نتاج ذلك تكون الحركات الاسلامية على اساس الخلافة واصلاح الدولة، وحركات قومية على اساس الاستقلال عن الدولة العثمانية وبدا الانقسام.

الحركات الإسلامية والدولة

وكانت الحركات الإسلامية مكبلة بمنطلقات كانت تعتقد أنها من اساسيات الدين الإسلامي كدولة ومجتمع وكان من أهمها:

– الارتكاز على ان ما قام به الصحابة بعد وفاة نبينا محمد “صلى الله عليه وسلم” على اساس انه من أساسيات الاسلام، وهو يعتبر اجتهادا انساني يرتكز عليه اسس الدولة والمجتمع على ادوات المعرفة والبحث المعاصر.

– عدم التفكير في مراجعة اصول الفقه والتشريع، وتركيز اصول جديدة مختلفة على الطرق المعرفية القديمة التي تم وضع اصولها في القرن الثاني والثالث من الهجرة.

– ربط الاسلام بشخصيات تاريخية، ولم يتم ربطه بمؤسسات.

-الاسلام السياسي لم يقدم سياسة ومؤسسات تتركز على حرية الراي والتعبير وقبول الاخر.

وبالتالي لم يقدم الاسلام التاريخي مؤسسات تشريعية وﻻ قضائية مستقلة عن التشريعية.
وكان نتيجة ما سبق ذكره مؤسسة بديلة لها وهي مؤسسة الاستبداد السياسي لقد تم ترسيخ هذه المؤسسة في عهد الأمويين ثم استمر هذا الفكر الى عصرنا هذا.

ثقافة الدولة

ان ما نراه من انسداد سياسي متزايد وطغيان التفكير الايديولوجي يستوجب علينا التفكير الجدي والنير في مسائل الدولة والسلطة والمجتمع المدني واداخله في ثقافتنا، وامام ما نراه من نقاشات حول الجدال المتعلق بالانقسام السياسي في وطننا قد يادي الى فتن داخلية ونتائج كارثية على المجتمع.
ان الانقسام يادي الى ضعف الدولة وتفتتها لذا وجب التفكير في مساله الدولة والنقد المزدوج للدولة والمجتمع واخيرا دعوة النخب السياسية الى الانتباه الى ما يدمر مجتمعنا والوقوف ضد الفتنة والانتقائية الايديولوجية والوقوف ضد الخمول والكسل المعرفي.

المثقف ودوره في تغيير الذهنية العربية الإسلامية 

إن نقد الذهنية العربية الاسلامية التي تكونت عليها مجتمعاتنا المتخلفة تفرض على المثقف تحديث المجتمعات وتشكيل وعيا ثقافيا وحضاري، على مثقفينا ودارسينا ونقادنا دراسة التراث العربي الاسلامي الذي انقسم بشأنه النقاد حيث يرى البعض على انه سبب تخلفنا وتكلس مجتمعنا فيما يرى البعض الاخر انه صمام الامان لهوياتنا المعاصرة.
ان نموذج الحداثة ونموذج التراث يستوجب علينا النقد والدراسة لان كلهما مفروض علينا ولا نملك قدرة الاختيار.
يجب تفكيك مشكل الازدواجية التي ترافق حياتنا المادية والفكرية وتخليص الذهنية العربية منها.
ان النقد المزدوج يستوجب نقد كل من النموذج الغربي والنموذج التراثي العربي الإسلامي لتكوين حركة مزدوجة اقل سلبية وأكثر تكيفا مع خصوصيات المجتمع العربي.

لا للسقوط في فخ التفرقة

ان السقوط في فخ التفرقة بسبب الأيدولوجيات بين المجتمع التونسي خطير، علينا ان ننسى خلافاتنا ونسعى نحو الاتحاد والتجمع لان الوطن فوق الجميع.
ان الشعوب ستقرر يوما ما مستقبلها لان استغلال السلطة لتطويع المجتمع بطريقة قانونية يخلق مجتمعا مقيد وإذا شعرت الشعوب   بانها مقيدة، ﻻ تستطيع ممارسة حريتها ستكافح بقوة تلك الانتهاكات ولن يصمت المجتمع فصمته هو قبول بالقيم الظالمة، والقبول الاجتماعي للقيم المشوهة يعني الدفع الى التفكك وانهيار الامة.

حب الوطن

حب الوطن وفخر الانتساب اليه والاعتزاز به يفرض علينا المحافظة غلى استقراره الامني و الغذائي وحمايته من المتطرفين واصحاب القلوب الضعيفة والمريضة، من يحب وطنه عليه ان يساهم في الارتقاء به الى اعلى مستوى من التقدم في العلوم والابحاث والعمل بضمير وتطوير سبل الانتاج، ان انتمائنا الى هذا الوطن العزيز يفرض علينا ترك مشاكلنا السياسية واطماعنا للفوز بالمناصب وحب الكراسي و التفكير جيدا في إنقاذ الوطن مما هو فيه من فوضى وركود و اعداد برامج هادفة وناجحة لتنمية الوطن علينا ان ﻻ ننسى من سالت دمائهم من اجل استقلال البلاد و من دافع عن وطنه من الارهاب وانتقل شهيدا الى جوار ربه، ﻻ ننسى كل من احب الوطن ولن نسكت ونغلق اعيننا عن كل من خان وباع ، وحطم البلاد و زرع فيها الخراب، سوف يكتب التاريخ كل من باع البلاد تراب وطني مسك وعنبر كلما كتبت عنك احببتك أكثر واخاف ان يغار منك من احببته بعدك وقبلك.

وطن لا يركع

وطني ﻻ يركع وطني سيصمد ويصمد رغم كل التيارات التي تعبث به، سيسبح مهما كانت الامواج متلاطمة قوية فوطني صلب ﻻ ينقسم، وطني تحمل كل الاعاصير في كل الفصول وصمد، إني اسمع قهقهة سراق وطني، ﻻ تفرحوا فلكل ناهبا لوطني نهاية وخزي ومهانة فتراب وطني ﻻ يقبل من غدر وخان.
حب الوطن شعور ﻻ يمكنني وصفه، ﻻ أستطيع حقا رسمه، فهو ﻻ يوصف ﻻ يرسم انه كرائحة المسك تشعر بها وﻻ تراها، تنتشي بها ولا يمكنك تفسير او وصف هذا الشعور انه حب وحب فقط، أنك تحبه بدون مقابل، تحبه مهما تغيرت الظروف، في الحرب والسلم، في العسر واليسر.

 

بقلم: صلاح الشتيوي

أضف تعليقك هنا