قال تعالى ( وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدونِ) في قراءة دقيقة لما تشير إليه الآية الكريمة فنحن نقف على أعتاب مضامين عدة لا تعتمد على محور واحد فقط بالرغم من أن ظاهرها يعطي حقيقة واحدة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار هذهِ الحقيقة هي إقامة العبادة الخالصة لله تعالى خالق الأرض و السماء، وما فيهن، وما بينهن، ففيهن النعم الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى.

العبادة لها عدة أوجه

فمع تعدد الدلالات التي تحملها في جوهرها، فيمكننا القول أن العبادة تكمن في عدة أوجهٍ مختلفة كلها تصبُّ في نهاية واحدة، فهناك الصوم و الصلاة و الخمس و الزكاة و الحج و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و التعايش السلمي مع الآخرين و احترام وجهات نظرهم و الآراء التي يتمسكون بها وحتى و إن كانت بعيدة عن الحقيقة و الواقع المثالي الملموسة آثاره في الخارج.

فرب سائل قد يسأل هل أن العبادات السماوية البحتة تكون هي المفتاح المناسب للفوز بجنة عرضها السموات و الأرض؟ هل يمكن أن تكون الواجبات العبادية هي المنجية، وهي طريق الخلاص من النار؟ واقع الحال له كلمته الخاصة في هذا الإطار العام الذي يعيش فيه البشر، و يتبادلون فيه مختلف أشكال التبادل الحياتي والمعاشي والفكري والعلمي والاجتماعي وهي كلها تبقى قاصرة لا ثمرة فيها ما لم تكن الأخلاق الطيبة سيدة الموقف فيها، و في مقدمتها.

مقالات متعلقة بالموضوع

الأخلاق الحسنة روح العبادة

فما الفائدة يا تُرى من عبادة تفتقر لروح الأخلاق الحسنة التي يتحلى بها العابد؟ فالعبادة بلا أخلاق كالروح بلا جسد، الأخلاق زينة الإنسان العاقل العابد الصالح، ومن المعروف أن التأريخ الإنساني قد سجَّل المواقف المشرفة و بأحرفٍ من نورٍ.

  • فهذا نبينا الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) سيد العابدين و الأنموذج المثالي للإنسان العابد و صاحب المقام الرفيع و المستوى العالي في الأخلاق و الأدب فقال في حديثٍ له : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي )

  • وأيضاً حديث السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها ) أنها قالت: ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) فهذه الأحاديث الشريفة و غيرها تؤكد دائماً على أهمية التحلي بالأخلاق الكريمة و ترك القبائح و المنكرات و التقاليد السيئة التي تذهب بهيبة و كرامة الإنسان و تقوده نحو الانزلاق في دوامة الفساد الأخلاقي حينها تكون مقدمة لتشرذم الأسرة أولاً و الانهيار الكامل في المجتمع ثانياً وهذا مما لا يُحمد عقباه،
  • وقد حذر منه المرجع الأستاذ الصرخي الحسني في بحثه الموسوم ( روح الصلاة ) ومما جاء فيه:
    ( الواجبات العبادية لا تمنع الدخول في النار ولا ترتقي بالإنسان أن يعبر الصراط إلى الجنة، بل الأخلاق هي مَنْ تأخذ بيد الإنسان من ساحة المحشر ويجتاز السعير والوديان المحرقة وجهنم و النيران، فمَنْ تحلى بالأخلاق و ركب سفينتها عبر إلى الجانب الآخر، و صار في الجنان، ومَنْ لا يمتلك الأخلاق لا يكون في الجنة . )

فيديو مقال قال المرجع المعلم

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ