أدوار الضحية ومربعات المؤامرة؟

الجزائر

تجتهد فئة من الجزائريين في تأدية أدوار ببراعة كاملة لشخصية الضحية !
وهي فئة ممن اشتغلوا  بالسياسية منذ زمن بعيد يعود إلى ما تلا الصراخ الاكتوبري سنة 1988 لعل أسماءهم  مشهورة جدا، فقد كانت بارعة في تأدية دور الضحية قبل أن يكتشفها  الجزائريين أنها كانت مجرد أسماء  أقرب إلى توصيف العملاء والمتآمرين منها إلى  شخصيات سياسية ، ولعله الحراك الذي سطع بفرح الأجيال الجديدة الحالمة قد عرى بعضهم إذ اكتشفوا أنهم نشطاء ضد الحراك الشعبي العام ويطمحون إلى فرض حراكا على مقاسات فئوية تسمى بالأقلية السياسية.

الضحية السياسية

وان تأدية  أدوار الضحية  السياسي  ليست بالسهلة وفي المتناول وهي متكررة عبر الأوقات و العهود وفى مختلف البلدان، بل إن تأديته  يتطلب مربعات من الدوغمائية الاشهارية السياسية وتجبرك أن تمشي في مسارات مريبة وتطرق أبوابا بجرأة  الخروج  على العرف والهوية ، وطبعا  هذه الأدوار محروسة  من رعاة  مقتدرين  لكي يصير الأداء  السياسي  للضحية  مقنعا ولا يدخله الشك ما بين يديه .وعلى الضحية طوال هذا المضمار أن لا يتردد في توظيف الاكسسورات المتنوعة من الثقافي إلى التاريخي إلى الحداثي العصري ،وعليه  إظهار عشقا للحرية  بجنون الكلام  مرفوقا ببغض للسيطرة والديكتاتورية! وان لا يتردد لحظة في سلك مناهج   مستمدة رأسا مما قد يعرف بالحداثة السياسية في الغرب كان  يكثر من التصريحات المثيرة  المخالفة لعرف  وثقافة الناس!

تصريحات

كأن يكثر  المقبل على أداء ادوار الضحية السياسية من إرسال التهم  المستخرجة من تاريخ البلد الذي يريد أن يصير  ضحية قمع سياسي، اتهامات أخرى  يجب أن  تبدو قادرة على إثارة  الانتباه  تبدأ بالطعن التصريحي في مقومات البلد التي يريد أن يجابه سلطتها في تاريخيها  وحداثتها  ومعتقدها  وبعدها  تأتي الأسئلة الهلامية  المفبركة عن شجاعته  ورجولته  ووطنيته  مجسدة في الضحية؟ ولعل تصريحا مثيرا تناوله التواصل الاجتماعي  لاحد الموقوفيين قد غدا نموذج في هذا المضمار العجيب من  صناعة الضحية السياسية للغراض بث الشك والفوض، فقد قال بأن الجيش الجزائري أضحى احتلالا للجزائريين من جيش وطني شعبي (1 تصريح سياسي شاب جزائري  في مسيرة بخراطة بالشرق الجزائري ضد الجيش الجزائري ) ، لقد كان تصريحه ه ذروة الدراما السياسية المؤدية إلى ظهور الضحية ! فقد مهدت له اعتلاء منصة البروز الاستفزازي لكي يغدو ضحية  ستفتح  حولها  جوقات  ستجعلوه  ضحية وبطل موعود!

الحراك السلمي

وجدير الانتباه إلى المسار السياسي الذي تبناه  هذا الأخير  وأظهره منذ جمعات الحراك الأولى حين بدأ  يسطو على تمثيلية ضائعة  الحراك السلمي ففشل ، وحين طرد من الشوارع عاد مرة أخرى أكثر عنفا لكن هذه المرة  عاد ضد قيادة الجيش والاختيار الشعبي الذي تبنته في المضي بالحل الدستوري إلى انتخابات رئاسية ، عاد وكأنه يريد الوصول إلى مبتغى بدا واضحا منذ  عودته ،  آلا وهي  أمنية أن يصير  نجما ضحية  ويقبض عليه ! و منه تكتمل دراما تأدية ادوار  الضحية التي تنتظرها فئة  راغبة في أداء  هذه الأدوار  من اجل عيون من ليست جزائرية  على الإطلاق ؟! وهي الفئة التي تسمي منذ الأسابيع الأولى من  الحراك بالأقلية السياسية التي حاولت فرض الفترة الانتقالية ففشلت ، وحاولت فرض المزج بين الانتخابات والفترة الانتقالية وفشلت ، وحاولت وضع خريطة طريق ففشلت ، ولما بدت المسارات الدستورية تأخذ في تجليها لان قيادة الجيش لأول مرة في التاريخ السياسي الجزائري الحديث تقف إلى جانب الأغلبية الشعبية ضد الأقلية السياسية لم يعجب هذه الأخيرة الوضع وتفطنت سريعا للمآلات التي ستتجلى وراء الوقوف  التاريخي جنبا إلى جنب ومعا قيادة الجيش والشعب ، فلم  تعد أمامها سوى تفعيل  خاصية تأدية  الضحية التي ستتكفل بأداء يتكرر كل مرة في تاريخ الجزائري السياسي ، فأقترف المؤدي  المختار أخطاءه فأوقف بصرامة القانون.

المقهور والمظلوم

لقد بات مؤكدا بان فئة من الجزائريين لمجتهدة جدا في تأدية أدوارا وببراعة كاملة لشخصية الضحية! وهذه الفئة برزت منذ زمن  الصراخ الاكتوبري سنة 1988واستمرت تتقن هذه الأدوار إلى زمن الحراك 2019.وتنفذ أداءها هذا بمناهج تحث على لعب دور الضحية  المقهور والمظلوم والذي يطش به من طرف قوة متجبرة ، وصورها الأكثر تداولا هي  السياسي المقموع ، والمعتقل  المغبون ، المضيق  عليه المسكين المرمي في الهوامش وهي المرادفات التي تعشقها  هذه الفئة  لأنها ببساطة  مرادفات تزيد من الرصيد البهتاني  للمؤديين لأدوار الضحية  خارج البلد ، وهنا  يكمن مربط الفرس ؟ فالرسالة  التي تريدها فكرة دور الضحية ليست أبدا للجزائريين لأنهم ادري الناس بقيمة وشعبية هؤلاء الممثلين  المغامرين ، بل هي رسائل تريد  الوصول  إلى الأوساط الإعلامية الخارجية وعلى رأس هذه الأوساط  يأتي الإعلام الفرنسي الذي ينتشر بين  صفحاته  إعلاميين  مغروزين  ينتظرون فقط أن يؤدى دور  الضحية ببراعة لمن اختير فيقبض عليه بعدما يتجاوز حدودا لا تغتفر أصلا في البلدان الغريبة فما بالك في  بلد في أهبة حراك ينتظر شعبه انتخابات رئاسية لتخلصه  من دوائر البهتان  السياسي والأحقاد التي تظهر هنا وهناك ، في اسمي تجلياتها فيمن يريدون تأدية ادوار الضحية، لان البقية معلنة ومنتظرة!

فيديو مقال أدوار الضحية ومربعات المؤامرة؟

أضف تعليقك هنا