الأدب النسوي الجزائري هل ولد من رحم المعاناة؟

بقلم: سامية بن يحي

لا شك أن اللغة والكتابة كانتا أهم الوسائل في نقل ثقافات الشعوب وازدادت أهميتهما بعد عصر النهضة واكتشاف الطباعة التي ساهمت بقسط وافر في ظهور الأدب الحديث القائم على التدوين وماصاحبه من ثورة إبداعية جسدها فن الأدب.

الأدب

ومن خلال بحثي في تأثير الأدب على حياة الشعوب وجدت أن الأدب ركيزة أساسية في بناء الحضارات والمجتمعات وقد استطاع أن ينقل الانسان من غريزته القائمة على الصراع إلى جمالية الذوق والإبداع والعاطفة، فنبغ في الشعر والنثر والمسرح والرسم وغيرها من الفنون، فبدون مبالغة نقل الأدب صورة عن حياة تلك الجماعات و الشعوب والحضارات بل أكثر من ذلك كان المرآة التي عكست براعة الإنسان في استخدام اللغة والكتابة حيث قال وليام هازلت 1778/  1830  الكاتب والناقد الإنجليزي “إن أدب أي أمة هو الصورة الصادقة التي تنعكس عليها أخلاقها”.

الأدب والشعوب

لقد كان فن الأدب وسيلة للتعبير عن كل مكنونات الإنسان من هواجسه وأفكاره وخواطره وعواطفه وأسلوب حياته عبر مختلف العصور بل تجاوز ذلك، حيث كان الأدب صورة فنية لطالما استنطقت واقع الإنسان الذي ترجمته اللغة بأرقى الأساليب لتصبح فنونا عالمية كالرسم والغناء والشعر والنثر والقصة والخطابة والرواية والمقال والمسرح، لذا يعد الأدب رؤية للحياة البشرية ووسيلة ربطت بين مختلف الشعوب و ساهمت كثيرا في تنمية قدرات الإنسان.

الأدب وقضايا المجتمع

كما استطاع الأدب أيضا أن يغير الواقع المعاش من خلال نقل قضايا المجتمع وأحداثه للعالم، فالأديب العربي كغيره في الساحة العربية حاول التأثير من خلال جهوده في تغيير أحداث واقعه عبر مختلف ألوان الأدب ونقل قضايا وطنه للعالم للحصول على تأييد ومساندة الرأي العام العالمي والأسماء كثيرة منها على سبيل الذكر لا الحصر، أحمد شوقي، غادة السمان، جبران خليل جبران، محمود درويش من خلال الشعر الملحمي، طه حسين، محمد حسن هيكل، نجيب محفوظ، مفدي زكريا كلهم ناضلوا ضد الظلم والاستبداد ونادو بالتحرر والوحدة القومية وحقوق الانسان والمرأة والطفل العربي، وكمثال غير بعيد التجربة التونسية التي استطاعت من خلالها المرأة الحصول على العديد من الحقوق انعكست على مساهمات الكاتبة نافلة ذهب عبر مختلف قصصها القصيرة، وبالتالي جسد الأدب صورة مشرقة عن واقع الشعوب ولا شك أن الأديب هو مرآة مجتمعه ولسانه الناطق وأبرز مثال قريب الأدب السوري الذي استطاع ايصال معاناة سوريا عبر موجة من الأدباء والأديبات الذين كانوا شهودا على مآسي الحرب نذكر منهم الكاتب والقاص وليد العايش، والشاعرة نرجس عمران، وغيرهم.

فهل استطاعت الأديبة الجزائرية القيام بمثل تلك الأدوار؟

الأديبة الجزائرية بين  تجربة الماضي وآمال المستقبل

إن الحديث عن مساهمات الأديبة في الجزائر ذو شجون ولا يمكن أن تختصره  بضعة أسطر لأنها مرت بتجربة عميقة اتسمت بالمعاناة خاصة تلك الناتجة عن ويلات الاستعمار، فكانت أولى مساهمتها الأدبية محتشمة، وركزت على قصائد الشعر الملحون حول الثورة، وبعد الاستقلال خاضت المرأة الجزائرية بشكل عام المعركة الثقافة والاجتماعية والسياسية لتفرض وجودها ودورها في المجتمع-  ألقت بظلالها على المرأة الأديبة أيضا-  فبرزت جمعيات نسوية، كما استطاعت الدفاع عن حقوقها خاصة من ناحية التمثيل السياسي والحياة العملية في كل المجالات والقطاعات لتصبح وزيرة وممثلة برلمانية ..الخ.

وعلى الصعيد الأدبي  برزت عدة أسماء مثلت الأدب النسوي الجزائري على غرار الروائية ليلى الصبار، آسيا جبار، مليكة مقدم، زهور ونيسي، أحلام مستغانمي، حيث حاربت المرأة كثيرا على  الساحة الأدبية الجزائرية وكسرت طابوهات الانغلاق والعرف والتقاليد بل وصل الأمر  للبعض بتجريم وتحريم كتابة المرأة وحوصرت كل من تحاول ابراز اسمها في مجال الرواية والشعر لمدة، رغم ذلك تواصلت  جهود المرأة الجزائرية في كفاحها ضد تسلط الثقافة الذكورية ودفاعها عن حقوقها ورفض  تهميشها بل جاهدت في كسر- كما ذكرنا آنفا – طابوهات التقاليد والنظرة غير المنصفة في حقها، وفرضت الروائية زهور ونيسي نفسها كأول أديبة عربية جزائرية ثم النقلة النوعية التي أحدثتها الروائية أحلام مستغانمي على الرواية في الجزائر وأوصلتها للعالمية، ومع ذلك كله لا تزال الأديبة في الجزائر لم تصل بعد الى النتيجة المرجوة في اثراء الساحة الأدبية الجزائرية محليا ودوليا ليبقى التفاؤل في انبعاث حركة مستجدة لجيل جديد من الأديبات الصاعدات .

الكاتبة سامية بن يحي كاتبة خواطر وقصص وقصائد نثرية وباحثة في العلاقات الدولية / باتنة الجزائر

البريد الإلكتروني :   [email protected]

 

بقلم: سامية بن يحي

أضف تعليقك هنا