لماذا يفشل الأشخاص غير الأكفاء في إدراك عدم أهليتهم

تتمثل القراءة الشائعة لأثر دانينج كروجر “Dunning-Kruger” في أن الأشخاص الأقل كفاءة في مهمة ما يصنفون أنفسهم في الغالب على أنهم من أصحاب الأداء العالي لأنهم يجهلون عدم معرفتهم بخلاف ذلك.

“وهذا ما نستخلصه من مقولة المفكّر والفيلسوف الإنجليزي “برتراند راسل”

“المشكلة الرئيسية في العالم الحديث، أن الجهلة والأغبياء واثقين من أنفسهم تمام الثقة بينما العلماء والأذكياء مترددون يملؤهم الشك”

  • فما هي هذه الظاهرة؟
  • ما تأصيلها في علم النفس؟
  • لماذا يحدث تأثير دانينج كروجر؟
  • لماذا هو مهم معرفة هذه الظاهرة؟

تأثير دانينج كروجر

يعتقد الأحمق أنه حكيم، لكن الرجل الحكيم يعرف نفسه أنه أحمق. “ويليام شكسبير

يشير تأثير Dunning-Kruger إلى النتيجة التي مفادها أن الأشخاص غير المهرة نسبيًا أو غير المعروفين في موضوع معين يكون لديهم ميل في بعض الأحيان إلى المبالغة في تقدير معارفهم وقدراتهم. وهذا ما يطلق عليه ثقة الجاهل.

يقول الشاعر ألكساندر بوب ” القليل من المعرفة أمر خطير ”

ويقول تشارلز داروين: ” الجهل يولد الثقة في كثير من الأحيان أكثر من المعرفة ”

إذا طُلب منك تقييم مدى استطاعتك جعل الناس يضحكون، فأنت على الأرجح لن تقول إنك ممثل كوميدي قائم بذاته، لكنك ستقول انت أكثر تسلية من الشخص العادي.

المشكلة ما تعريفك لشخص العادي؟ وهل في الواقع انت أكثر او اقل؟

كذلك الحال بالنسبة لمعظم الناس سيرددون نفس الجواب، وربما معظمنا ليست مضحكة.

تأصيل علم النفس لتأثير دانينج كروجر

المعرفة الحقيقية هى أن يعلم الإنسان مدى جهله”.. كونفوشيوس

مقالات متعلقة بالموضوع

برغم من ان هذه الظاهرة قديمة ومتجذرة في المجتمع مند قديم الزمان ووجود اقوال مأثورة وكتابة عنها لعديد من الفلاسفة والحكماء والمفكّرين، إلّا أن العالم النفسي “ديفيد دانينج” يعتبر أول من تناول الظاهرة بالبحث والدراسة والتجربة من منظور علم النفس، بالاشتراك مع مساعده وتلميذه “جاستين كروجر”، ولذلك سُمّيت الظاهرة بتأثير دانينج-كروجر على اسميهما.

البروفيسور ديفيد دانينج استوحى الفكرة من حادثة غريبة جدًا ومثيرة للضحك الهستيري حدثت سنة 1995، حيث قام لصٌّ اسمه “ماك أرثر ويلر” بسرقة بنكين في وضح النهار بعد أن دهن وجهه بعصير الليمون معتقدًا أن ذلك سيخفي وجهه عن كاميرات المراقبة لأن عصير الليمون يستخدم في عمل الحبر السري، عندما قُبض عليه – بكل سهولة طبعًا – ومواجهته بتسجيلات كاميرات المراقبة التي يظهر فيها وجهه بكل وضوح كان السيد ويلر في غاية الذهول وعدم التصديق من فشل خطته التي راهن عليها بكل ثقة.

وجد Dunning and Kruger هذا التحيز من خلال اختبار الطلاب في مجالات الفكاهة والقواعد والمنطق ومقارنة النتائج الفعلية مع تقديرات كل طالب عن مدى جودة تسجيلهم. كانت النتائج أن أولئك الذين سجلوا أقل تقدير قد بالغوا في تقدير نتائجهم، في الحين أن أولئك الذين حققوا أفضل تقدير قللوا من أدائهم. تم توضيح ذلك في الرسم البياني أدناه والذي يوضح أن الأشخاص غير الأكفاء يعرفون ذلك تمامًا ولكن أولئك الذين لديهم مستوى أدنى من الكفاءة يبالغون في تقدير قدراتهم إلى حد كبير. أولئك الأكثر كفاءة هم أكثر وعياً بالفجوات في معرفتهم، حتى درجة الكفاءة العالية حيث يدرك العباقرة مستوى مهارتهم.

لماذا يحدث تأثير Dunning-Kruger؟

“قليل من المعرفة شئ خطير” ألكساندر بوب

في مقابلة مع مجلة فوربس، يشرح ديفيد دونينج أن “المعرفة والذكاء المطلوبين ليكونوا جيدين في مهمة ما غالبًا ما تكون نفس الصفات اللازمة للاعتراف بأن المرء ليس جيدًا في هذه المهمة.” وبعبارة أخرى، إذا كان شخص ما يعرف القليل عن موضوع معين، قد لا يعرف حتى ما يكفي عن الموضوع لإدراك أن معرفته محدودة.

الأهم من ذلك، قد يكون شخص ما له مهارة عالية في موضوع محدد، ولكن يكون عرضة لتأثير دانينج-كروجر في مجال آخر. هذا يعني أنه من المحتمل أن يتأثر الجميع بتأثير دانينج-كروجر: يشرح ديفيد دانينج في مقال لـمجلة “Pacific Standard” أنه “قد يكون من المغري للغاية الاعتقاد بأن هذا لا ينطبق عليك. لكن مشكلة الجهل غير المعترف به هي الفكرة التي ترودنا ولا نعترف بجهلنا. ” وبعبارة أخرى، فإن تأثير ديفيد دانينج هو شيء يمكن أن يحدث لأي شخص.

لماذا هو مهم؟

“أن تكون متعلمًا يعني أن تكون قادرًا على أن تفرق بوضوح بين ما تعلم وما لا تعلم”.. وليام فيذر

يمكن أن تكون التحيزات البشرية مثل المبالغة في تقدير قدراتنا طريقة جيدة لزيادة ثقتنا، لكن يمكن أن يؤدي التأثير أيضًا إلى تدني أداء الأفراد لأنهم لا يدركون ما يمكن أن يفعلوه بشكل أفضل، أو حتى انهم يجهلون مفهوم الأداء الجيد. إذا تمكنا من إدراك إخفاقاتنا، فسنكون أكثر تقبلاً للنقد البناء ونبدأ في إصلاحها.

فيديو مقال لماذا يفشل الأشخاص غير الأكفاء في إدراك عدم أهليتهم

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ