أسوأ تنبُّؤ في تاريخ الفيزياء

الثوابت الفيزيائية هي إحدى أهم العناصر الأساسية التي تدخل في تركيب المعادلات الرياضية للفيزياء الحديثة، كثابت بلانك planck 1 أو ثابث افوگادرو2…والعدد الذهبي…الخ،تتألف بشكل إستثنائي من قيم عددية متناهية في الصغر .وهي تتحكم في توازن الكون الذي نعيش فيه .أي تغير طفيف في هذه القيمة سيكون تغيرا كبيرا جدا في الكون ،وفي نشأته و نشأة النجوم و الحياة و غيرها.

حطورة تغيُّر الثوابت الفيزيائية على الكون

ربما ينتج عنه ظهور كون مغاير لهذا الكون الذي يستوعبنا …وهي دليل قاطع على التصميم الدقيق والمحكم لكل شيء في هذا الكون من أصغر الدقائق الى أكبر المجرات…نأخد كمثال،ثابت الجاذبية الذي يساوي0.0000000000667، لكن لو قمنا بتغير طفيف في هذا الرقم بنسبة 0.00000000001 فان الذرات لن تكون قادرة على التشكل ،وبالتالي نحصل على بلازما كثيفة من الجزيئات الدقيقة والطاقة الهائلة.. الأكيد أنه سيكون شيء ما،ولكن لن نتعرف عليه ولن يشبه كوننا الذي نعيش فيه.

ثابث آينشتابن

الثابت الكوني هو قيمة عددية (Λ) ,أستخدمه البير إينشتاين في معادلة النسبية العامة سنة 1915، والتي تصف انحناء الفضاء والزمان و كيفية توزيع الكتلة والطاقة في الكون، حيث كان الهدف الأسمى لأينشتاين هو اعطاء وصف رياضي وفيزيائي لبنية الكون عن طريق معادلة رياضية سماها معادلة المجال للجاذبية.علماء الرياضيات والفيزياء النظرية وغيرهم على حد سواء ينجذبون إلى شكلها الجمالي والانيق، ولهذه التعبيرات التي تضم رموز رياضية معقدة وغامضة.

إلى ماذا توصّل آينشتاين في معادلته؟

توصل اينشتاين عن طريق هذه المعادلة الى ان قوة الجاذبية ماهي الا انحاء للفضاء وتمدد للزمان بوجود كتلة ضخمة تؤثر بشكل كبير على حركة الموجات الكهرومغناطيسية، بما فيها الضوء.اينشتاين وعند صياغته لهذه المعادلة سنة 1915 استنتج ان الكون يتمدد والمجرات تبتعد عن بعضها البعض بسرعات كبيرة، واضطر الى اضافة ثابت غريب سماه الثابت الكوني ليضمن التوازن والسكون في الكون.

من أين جاء “الثابث الكون” (Λ)؟

جاءت الصيغة الأولى الغير المعدلة لمعادلة النسبية بدون ثابت كوني، لتعطي للكون شكل غير مستقر وغير ثابت، وهو ما لا يتناسب مع ملاحظات عمال الكزمولوجيا في ءالك الوقت، بحيث اعتقد أينشتاين انذاك أن الكون ثابت، لذلك وضع رمزا رياضيا يسمى “الثابت الكوني constante cosmologique” يرمز إليه بالحرف الأثيني “لامدا” (Λ)، كتصحيحٍ لمعادلة مجال الجاذبية في النسبية العامة، لتلائم بعض الافكار السائدة انداك التي تقول ان الكون غير متحرك وثابت الى الابد، وهذا الثابت الكوني يمثل كثافة طاقة ما (لم يعطيها العلماء تعريف محدد ) موجودة في كل الكون تعاكس تأثير طاقة الجاذبية، ليكون الكون ساكنا.

لكن في سنوات العشرينات استنتج عالم رياضيات روسي اسمه “اليكساندر فريدمان”، نموذج اخر لكون آخذ في التوسع،توطرت هذه الفكرة على يد العديد العلماء و سميت بعد ذالك بنظرية الانفجار العظيم “Big Bang”، وعندما أظهرت حسابات المراقبة الفلكية للعالم الامريكي إدوين هابل”Edwine Hubble “ أن الكون آخذ في الاتّساع والتشتت، غضب إينشتاين على تعديل نظريته الأنيقة، ورأى أن إضافة ثابث كوني في الصيغة الأولى لمعادلته هو “اسوأ خطأ ارتكبه في حياته”.

لكن خلال سنوات التسعينات تم الرجوع إلى فكرة الثابت الكوني، بعد ملاحظة أن الكون لا يتمدد فقط، بل يتسارع بشكل كبير في الاتساع امثر منا نتخيل ،اختار علماء الكوزمولوجيا اسما لملاءمة الاكتشافات الحديثة ، “Big Rip “او التمزق الكبير للكون.

مازال المهتمين وعلماء الفيزياء يجهلون النظرية وماهيّة هذه الثابتة

مازال المهتمين وعلماء الفيزياء النظرية يجهلون ماهية هذه الثابتة، رغم بعض التفسيرات التي قدمت، كان أشهرها تلك التي افترضت أنها تعبير عن طاقة المكان نفسه، إذ حسب نظرية الكوانتا “théorie de quanta”، لا يوجد هناك فراغ، فالفراغ يتكون من جزيئات تخيلية (particules virtuelles)، تظهر للوجود وتختفي في لحظات متناهية من الصغر. هذه الجزيئات هي التي تشكل طاقة الفراغ او البناء الأول للمادة “des brins”، يعرفها العلماء بكثافة طاقة الفراغ (l’énergie du vide).

واستنادا للنسبية العامة، فان طاقة الفراغ، تخلق قوة مضادة للجاذبية، التي تدفع المكان نفسه للتمدد والتوسعيسميها الباحثون مجازا بالطاقة السوداء، وهي طاقة غير معروفة ولا تخصع للقوانين الفيزياء الحالية، في وقت مازالت فيه الدراسات منكبة لفهم هذا اللغز.

المصادر العلمية

كتاب قيمة العلم ،هنري بوانكاري.

*L’infiniment peti tle passage de la certitude au probable. Les « incertitudes d’Heisenberg ». Relations avec les sciences de l’éducation et avec la psychologie.

*Pour la science , décembre 2000, article
l’ infiniment petit en physique.

*كتاب الواقع الخفي تأليف براين گرين

*الزمن بين الوهم والواقع تأليف د.حفيظ بوطالب جوطي

*كتاب مبدأ الريبة تأليف ديفيد لندلي.

مسألة غامضة ،وحيرة كبيرى.

فيديو مقال أسوأ تنبؤ في تاريخ الفيزياء

أضف تعليقك هنا