كلام الأذكياء وصمت العباقرة  

أهمية انتقاء الوقت المناسب للصمت أو الكلام

ذكر أحد الاستشاريين أن زوجة جاءته حانقة على زوجها الذي تزوجها منذ بضعة أشهر فقط، وهو الآن يهملها رغم كل ما تقوم به من مجهود لإرضائه، حيث تنتظر زوجها كل يوم، وتتجمَّل له، وتحضر له الطعام، وتستقبله بُعيد عودته من العمل بشوق كبير، لكنه يأتي ليرمي جسده علىالكنبة ويرد عليها ردوداً مختصرة، وغير ذلك من تصرفات جعلتها تعتقد أنه قد يكون على علاقة بأخرى.

فطلب منها الاستشاري أن تغيّر في توقيت حديثها مع زوجها، فالكلام الملائم للرجل فور عودته من عمله هو سؤاله عن العمل، أو غير ذلك من الأسئلة التي لا تستلزم إجابات مطولة، أما الكلام العاطفي فيجب تأجيله لحين يرتاح، ويصحو من نومه بعد الغداء مثلاً.. وبعد أسبوعين، جاءته شاكرة لأنه عالج زوجها، فقد أصبح رجلاً رومانسياً، وأثبت أنه يحبّها بإخلاص.

ما المواقف التي تسلتزم منك التحدث؟

في الحقيقة، لا توجد قواعد مطلقة للصمت أو الكلام لكن توجد بعض الإرشادات القيّمة في هذا الصدد، فمن المواقف التي تستلزم منك التحدث:

1) التعبير عن الذات: بعض المواقف تحتاج منك التعبير عن أفكارك أو مشاعرك، كأن تبيَّن للناس موقفك من قضية إنسانية أو حدث معين، فالصمت في مثل تلك الحالات قد يرسل للآخرين إشارات مبهمة ويجعلك تبدو وكأنك لست صاحب رأي أو موقف.

2) تكلم عندما تريد أن تُسمع: كأن تنطق مطالباً بحقوقك بوصفك موظفاً في إحدى الشركات، وتدلي باقتراحاتك البناءة دون تردد، حتىيكون لك دور فاعل في تطوير العمل.

3) تكلَّم عندما تُسأل: كأن تكون على سبيل المثال ضيفاً في إحدى الحلقات التليفزيونية، فيُوَجَّه إليك أحد الحاضرين أو المذيع الذي يجريمعك اللقاء سؤالاً، ما يتطلب منك التحدث عن وجهة نظرك في الأمر المعروض أمامك.

4) الدفاع عن المُتنمَّر عليهم: عندما لا يستطيع شخص الدفاع عن نفسه في مواجهة شخص آخر يتنمَّر عليه وأنت طرف ثالث في الحوارالذي يجري بينهما، عندها سيكون من الجيد أن تتكلم نيابة عن الشخص المستضعف الذي يلزم الصمت.

أما الصمت فهو اللغة التي يُجيدها العقلاء، حيث أكّد الحكماء هذا بقولهم: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب».

الصمت أحد أهم الأساليب في معالجة القضايا

قصة عن الملك لويس الرابع عشر

يُحكى أنه عندما كان لويس الرابع عشر شاباً يافعاً، كان يتباهى بقدرته على الكلام والجدال، لكن حين تولى مقاليد الحُكم صار أقل كلاماً، بل كان صمته أحد أهم أسلحته، فممَّا يروى أن وزراءه كانوا يمضون الساعات في مناقشة القضايا الهامة، ثم يختارون من سيرفع الأمر إلىالملك، ثم يذهب الشخصان اللذان تم اختيارهما ليعرضا الأمر عليه ولويس يتابعهما في صمت مهيب تغلب عليه روح الغموض. وبعد أن يعرضا أمرهما، ويطلبا رأي الملك ينظر إليهما ويقول بهدوء: «سأرى»، ثم ينصرف، ولا يسمع أحد من الوزراء كلاماً حول ما تم عرضه، بل فقط تأتيهم النتائج والقرارات التي أقرَّها الملك.

وكان لصمت لويس الرابع عشر أثر بالغ في إبقاء جميع من حوله في حالة ترقب دائم لردود أفعاله، وهو ما ترجمه سان سيمون بقوله: «لم يكن أحد يعرف مثله كيف يبيع كلماته وابتساماته وحتى نظراته، كان كل شيء فيه نفيساً».

وإن لنا في المثل التالي خير دليل يرشدنا إلى انتقاء الوقت المناسب للكلام أو الصمت: «لا تتكلم إذا وجب عليك السكوت، ولا تسكت إذا وجبعليك الكلام». ولا يتأتى ذلك إلا باكتسابك الحكمة التي هي حصيلة اكتساب العلم الغزير وخوض تجارب الحياة المختلفة والتعلُّم من أخطائك الشخصية وأخطاء الآخرين.

فيديو مقال كلام الأذكياء وصمت العباقرة

 

 

 

أضف تعليقك هنا