لقد ترددت كثيرا قبل الكتابة في هذا الموضوع، وكنت في كل مرة أهم بالكتابة اتراجع، ولكنني أعود مرة أخرى للتفكير في الكتابة بدافع اخلاقي يشغلني، ويشغل الكثير من أعضاء هيئة التدريس والطلبة بل يشغل المجتمع باكماله، فكل بيت يكاد لا يخلو من معلم أو متعلم غاب عن جامعته أو مدرسته بفعل الكورونا؟.
ازعم في مقالتي هذه بأن التعليم والتعلم بعد كورونا لن يكون كما كان قبل كورونا، وستشكل كورونا مفصلا تاريخيا في تاريخ التعليم والتعلم وسيؤرخ للتعليم قبل كورونا وبعد كورونا، وستؤرق الجميع فكرة أنه لم يعد كافيا للمتعلم أن يتعلم بل لا بد له أن يتعلم كيف يتعلم ليبقى متعلما معتمدا على ذاته في ظل غياب التعليم التقليدي بكافة صوره وأشكاله منذ بداية أزمة كورونا.
لقد تسنى لي في أيام حظر التجول، والذي فرض بموجب القرار رقم (2) من قانون الدفاع الأردن، أن اتابع على شبكات التواصل الاجتماعي تجارب في التعلم عن بعد لزملاء نجلهم ونحترمهم، وهذه التجارب شملت برامج فرضت من الجامعات للتعلم عن بعد مثل زوم وميكروسوفت تيم،… واجتهدات من البعض في التعلم عن بعد باستعمال الفيسبوك والواتس اب، وسكايب، … وبغض النظر عن نجاح هذه التجارب أو فشلها فهي تجارب غنية فرضها واقع الحال على الجميع، ولا بد من التأمل فيها، واعادة النظر في جوانبها مرة بعد أخرى وصولا إلى ممارسات أفضل.
يقودنا الطرح السابق إلى مناقشة دور المدرس الجامعي، ذلك الدور الذي نزعم أنه تحول من دور الملقن إلى دور المسهل والميسر والمصمم للبرامج التعليمية، ببساطة هذا الدور وتعقيداته، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل حدث فعليا هذا التحول؟ ولعل كورونا بتداعياتها المختلفة نجحت في تعرية الممارسات التدريسية، وجعلها في بيت زجاجي يشف عنها، ويجعلها مرئية للجميع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر ما نسمعه أو نشاهده من تجارب حية، وجعل التعليم مرئيا ليس بالمطلب السهل، وهو ما نادت به مدارس الجودة في التعليم بكافة أشكالها.
وللأسف فشلت الكثير من مؤسسات التعليم العالي في جعل التعليم مرئيا، وذلك لاتجاهات تأصلت عند بعض المدرسين بأنهم أفضل من يدرس، وأن تدريسهم يتم بأفضل طريقة، فمن الذي يحق له أن يطلع على تدريسهم ويقيمه؟ وبعبارة أخرى من منا يقول عن زيته عكر؟.
نعيش اليوم في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ولكن البعض ما زال يدرس بأساليب تعود لقرون خلت، وهذا قد أفقد التعليم ألقه، وأثر سلبا في دافعية المتعلمين، وليس أدل على ذلك من أن طلبتنا يأتون إلى المحاضرات متثاقلين، ويغادرونها فرحين، وفي نفس الوقت تحتاج إلى عتلة لنزع الطلبة من أمام الشاشات بأنواعها وأولها الهواتف الذكية، بينما تحتاج إلى ملاطفتهم وتقديم الحوافز لهم ليمسكوا كتابا، وللأسف لم تستغل المؤسسات التعليمية الفرص المتاحة المتعلقة بتعلق الطلبة بالشاشات لجعل التعليم أكثر إثارة لدافعيتهم نحو التعلم، وما قدم من تعليم إلكتروني أو تعليم عن بعد في جامعاتنا ما زال متواضعا من حيث الشكل والمضمون.
وفي الختام، إن تجربة التعلم عن بعد التي ترافقت مع جائحة كورونا تحتاج إلى تقييم ومراجعة شاملة، تتضمن إعادة النظر في ما نعلم؟ وكيف نعلم؟ ودور المعلم، ودور المتعلم، لعل هذه المراجعة تعيها أذن واعية فتحدث ثورة في التعليم والتعلم، وتؤثي ثمارها ولو بعد حين.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد