يقين هو ما يدفعنا للمسير, هو من يحرك فينا سهم الساعة ليشير إلى قبلة الوجهة , يقين و حسن ظن بأن الغد جميل رغم تيه الحاضر فالوصول قريب.
هذا المزيج هو ما كان يردده مسافر أنهكته الخطوات و رسم الغبار على ملامح وجهه خطوط الزمن و لكن حسن الظن كان يرفع هامته و يرشد زرقة عينه رغم حمرة الطريق , رايته على كتفه يهزها الريح فيعري نقشها … تصبر كما يصبر , بل تغني كلما إشتد العصف فهو لم يملك غيرها إذا انكسر عوده أسندته و إذا اشرقت شمس سكنت لتمنحه الظل . هذا المزيج الغريب و هذه الرفقة الدائمة تعود لتحرك داخل المسافر بل و داخلي هواجس التيه و البعد و الخوف من الإدراك فكلينا يحمل بصدره كلمات لم يقدر الزهايمر فينا على إتلافها.
إن الجمع ينتظر منا الوصول و نحن نعبر اليوم صحراء الواقع و نصمت لنفكر بصوت عالي يحفز بل و يسرع فينا منابت الكلمات و اليوم نرافق المسافر و رايته و نسترق النظر لنقشها كلما عرتها الرياح و نصمت لنستمتع بغناءها و هي تقول لنفهم و تعيد لندرك طبيعة المزيج فينا بين الزهايمر و التيه و ذلك اليقين.
دعني اخبرك صديقي بأن ضمان التوازن اليوم هو أن نحافظ على إستقرار المادة و ثبات النفس في واقع متقلب تحكمه الهزات و توابع الإهتزازات , إن سلمنا أن الكائن البشري في بحث دائما على التطور مع نزوعه للحفاظ على التوازن و عليه من المهم الإدراك بأن الفعل المستمر للمادة بل و تغيرتها الطبيعية تجعل منا بحكم الأصل و التكوين جزء من سيرورة المادة حتى و إن لم يتغير فينا الظاهر فالأكيد أن الباطن قد تغير ليأقلم فينا المادة و كلما تأخر التحول زادت غربة المادة فينا و عزلتنا عن الكون البسيط و المركب و أبقتنا على قيد الحياة و لكن بإضطراب دائم.
إن أصل التكوين فينا يمنحنا صفات البناء و الترميم و الإحتواء و الحياة حتى و إن إختلفت تركيبته فالمزيج واحد و متجانس و هنا كل تغير بجانبك لا يجانبك بل يخترقك ليأثر فيك و يأقلمك ليحافظ بك على توازن انت جزء منه فتأكد أن كل مقاومة لن تنتج الا تشويه للمادة داخلنا قد يسايره الخارج أحيانا أو يكتمه ليسرع كما سبق و ذكرت في عزلتنا و حتى فنائنا … إستسلم لطبيعة تكوينك و صفات مزيجك و اترك لتوازن الطبيعي و الآلي أن يعمل بصمت على استقرارك.
إن مرحلية الخلق فينا استوجبت إستقرار تربتنا و تصلب مزيجنا و حتى توازن المادة فينا ليكون المسكن ملائم لساكن و لينتج إندماج و تقبل ثم الفعلية و لذلك العمل على ثبات النفس لن يكون و لن يطرح الا بإكتمال مرحلة سابقة استوجبت استسلامنا الإرادي و الصامت لتوازن الباطن و الظاهر لتكون مرحلة السكن و السكون للنفس التي نجهلها حتى و إن أدركنا بعض آليات عملها.
النفس هي منفذ و رابط تواصل مع نقاء الأصل فينا و آلية تشغيل للمادة البشرية و جهلنا لها من عدمه لن يردعها من الفعل و التأثير , أما الروح و نقائها فسرمديتها تمنعنا بل تصدنا عن النفاذ من أبواب الإدراك فلا بداية نعلمها و لا نهاية نتوقعها … أما النفس و مدى ثباتها هو رهين اتقاننا لنواقل الفعل بينها و بين الجسم و نتاجها الصراع الوجودي بين الخبث و طيبة الإطمأنان. فشراهة الذات و صبيانيتها يجعل منها المجرب الفاشل أحيانا الذي ترميه رغبات الممكن و شهوات الممنوع في طريق معبد بحجارة تثقل خطوات المسير و ترهق فينا نبض القلب فنظل الطريق و نفقد إيقاع العيش.
لا يمكن تجاهل تحفيز الخارج الذي يغرينا بفنون العيش و يرسم لليد سبيل و للخطى مسير و للعين رؤية و وجهة نظر ليزيد الطين بلة و يزيد الأصل ميوع و تزيد فرقة الروح و النفس فتكابد الأولى غربة المسكن و تحيد الثانية في زحمة الحياة بعدما أتقنت حركات المادة و نشوزها و ابدعت في التحكم في آليات التواصل و نواقل الحركة و بالتالي تثبت أن الجسد المادي هو رهينة و ربما يرتقي لشريك في الجريمة ببعده و حياده و تنكره لنقاء الأصل و طيبة المزيج و نسيانه انه من عالم أدنى من عالم الروح فعلمه محدود و عمله محدد.
اعذرني صديقي المسافر فذلك الزهايمر اللعين ينسيني أداب الرفقة فقد استرسلت في التفكير و في حوار الذات و التيه و هواجس النفس و المزيج و لم احمل عنك الراية , ام أنك تخشى ان أطلع على نقشها … او ربما فعلت و نسيت أين أنت صديقي ؟ هل مللت رفقتي أم أنك رحلت في صمت تاركا لي هذا الظل … لقد هدأت العاصفة فينا و حولنا و سكنت الراية , فدعنا نصمت حتى ندعها ترتاح و نواصل المسير فالجمع ينتظرك صديقي و أنت حامل الراية.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد