العندليب الأسمر “أنا ابن القدر”

من منّا لم يستمع إلى أصول الطرب بلسانٍ مصري؟ في أمّ الدنيا، ترنمت أهازيج الفرح على مسامعنا فحملتنا شوقًا للحب والمحبوب.

وأخذتنا تارةً أخرى بعبَراتٍ تشكلها الكلمات والصوت الحسن تواسينا في أوقات الحزن، وفي المناسبات الوطنيّة، كانت الأصوات المصريّة حاضرةً تنشد وتغنّي للوطن حينما لم يغنّي له أو يمجده أحد.

العندليب الاسمر

لمحة عن حياة الفنان عبد الحليم حافظ

“المصائب لا تأتي فرادى” بل جمعاء، وإذ أنّ ذلك البطل الذي نعزّي أنفسنا لغيابه قد قاوم شتّى أنواع البلاء بدءً باليتم بعد أن فقد أبوه وأمه، وانتهاءً بالأمراض التي أنهكت جسده حتى رحل عن وجه محبّيه. عايش عبد الحليم حلو الحياة ومرّها فبعد أن نضج شبابه وتقوّم ساقه، انطلق في رحلته الموسيقيّة ملتحقًا بمعهد الموسيقى العربي قسم التلحين

عمل مدرسًا لما يقارب الأربع سنوات ينقل ما تعلّمه من فنٍّ بحب وإخلاص… ولكنّه قرر لاحقًا أن ينتقل بشخصه من تدريس التلحين وانضم إلى فرقةٍ موسيقيّة يعزف آلة الأوبوا ثم العود.

علاقات “عبد الحليم حافظ” الاجتماعية العالية المستوى

أقام “حليم” كما يعرف في الأواسط الفنيّة العديد من العلاقات الاجتماعيّة الناجحة. فكوّن أصدقاءً من الملحنين والمغنين بل حتى من بعض رؤساء الدول العربيّة منهم الحبيب بورقيبة رئيس تونس آنذاك والملك حسين في السعوديّة.

بداية عمل عبد الحليم  حافظ بالغناء

بعد ذلك، انتقل حليم إلى الغناء فبدأ أصدقاؤه من الكتّاب بمساعدته منطلقًا إلى عالم الغناء والفن الأصيل الذي تطرب به أسماعنا اليوم. بدأ مسيرته بأغنية “يا حلو يا أسمر” ولكنّ الأمر. هل كان الأمر بتلك السهولة؟.

بالطبع لا، فقد لاقى عبد الحليم حافظ موجةَ غضبٍ من الجماهير لمّا غنّى أغنيته الشهيرة “صافيني مرّة” للمرة الأولى عام 1952. ولكن ذلك ما لبث أن اختفى بعد أن تعمّد حليم إعادة غنائها في 1953 يوم إعلان الجمهورية فلاقت نجاحًا واسعَ الانتشار.

كانت تلك بداية الرحلة، ابتدأها بالتفاؤل ليغنّي:

  • “ذلك عيد الندى”
  • و”أقبل الصباح”
  • مرورًا بـ “صحبة الورد”
  • وأغاني الطبيعة والوطنيّة “عيد المسيح”
  • و”عدّى النهار” وغيرها.

وانتهاءً بأغانٍ قد لمست معانٍ من الحزن والفراق نذكر منها:

  • “على قد الشوق”
  • و”جانا الهوى”
  • وأغنية “حاول تفتكرني” في نداءٍ لحبيبته المجهولة حتى يومنا هذا.

عبد الحليم حافظ حي في قلوب محبيه

حليم الذي هو في قبره قد مات! لكنّه حيٌّ في قلوبِ محبيه يخلدون ذكراه نقشًا في كتاباتهم وأسماعهم. ذلك الذي قد جمع بين التلحين والعزف والغناء والتمثيل، قد عاش الحرمان والوجع فتعايش معه ليعلّمنا الحب والضحكة والتفاؤل وليواسي من لا عزاء له. 

تحدّى العندليب ألم الفقد وحده، ومن أعظم ممّن قد تجاوزوا مصائبهم وحدهم

 بقلم: براءة أحمد

أضف تعليقك هنا