في قصة يرويها لنا ذاك العبقري دكتور مصطفى محمود (رحمة الله) في أحد اللقائات المتلفزة..يقول وهو يحكي عن نفسه كنت مولع بمنهج وعلم التشريح كنت أحبه كثيرا للدرجة التي جعلتني أشتري جثة وأمارس التشريح عليها في المنزل….وكنت احتفظ بأجزاء منها في إناء به فورمالين وأحفظ الإناء في غرفتي أسفل سريري..وأنتم تدرون أن الفورمالين له رائحة نفاذة ويضر إذا ما تم استنشاقه بكميات كبيرة…بالفعل هذا ما حدث فقد استنشقته بكثرة فهو يلازمني ليل نهار وهذا ما اثر على رأتي وأدخلني في مرحلة مرضية امتدت لثلاث سنوات.

اعتزلت وانقطعت عن دراسة الطب , لكن خلال الثلاث سنوات التي مكثتها في منزلي قرأت الأدب الأنجليزي كاملا…أخرجت الثلاث سنوات مصطفى محمود الذي تعرفونه الان الكاتب والفيلسوف….في طياتها منحة.

أمثلة من القرآن والسنّة على الأحداث التي ظاهرها كرب وداخلها منحة:

القصص والعبر التي وردت في سورة الكهف

من ذلك ما ورد في سورة الكهف وكلنا يقرأها والبعض يحفظها…بها من القصص والعبر الكثير …قص الله عز وجل لنا فيها عن غلام سيدنا موسى ذلك أنه نسي حوتهما عند المكان الذي كان يردون…في ظاهر الأمر نسيان ومحنة لكنها كانت منحة …وكان ما يردونثم وبعدما وصل موسى للخضر ركبا وبدأت الأحداث خرق للسفينة…وقتل للغلام ..وإقامة جدار مع بخل أهل القرية الذين أبو أن يضيفوا موسى والخضر…كل هذه الاحداث في ظاهرها محن وكرب شديده.. إلا أنه كان في طياتها الفرج والمنح الكثير فقد نجت السفينة من الملك الظالم وابدل الله الزوجين الصالحين غلاما اقرب رحما وحفظ الجدار كنز اليتيمين إلى أن يبلغوا اشدهما ويستخرجاه…في طياتها منحه.

ظلم وتعذيب النبي في بداية الدعوة للإسلام ثمّ انتشار الإسلام

من ذلك ما حدث لنبينا الكريم من تعذيب وظلم وإضتهاد من قومة الذين كانوا عليه اشد غلظة من غيرهم حتى اذن الله عز وجل له بالهجرة.., بعد ثلاث عشر سنه دعوة لم يسلمم منهم الا القليل..خرج منها وقلبه مكلوم حزين وقال مقولته الشهيره..(والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي….) وكان ظاهر الأمر أنها محنة وكرب لكن وبعد عشر سنوات فقط انتشر الاسلام في شتى ارجاء الجزيرة العربية واتاها فاتحا..حقا كان في طياتها المنحة.

ماحدث مع المسلمين في صلح الحديبية ثُم دخولهم مكة فاتحين

وذلك أيضا ما حدث مع المسلمين في العام السادس للهجرة في صلح الحديبية ..عندما خرج الرسول (ص) مع اصحابة لأداء العمرة فاعترضتهم قريش وكان صلح الحديبية وشروطة الصعبة على المسلمين …والتي كان اصعبها على الاطلاق هو أن من يأتي مسلما يرده محمد ومن يأتي قريش من المسلمين مرتدا لا ترده قريش وبينما أخذ علي بن ابي طالب يكتب صيغة الصلح حتى دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو مسلما وكان ابوه مندوب قريش لدى المسلمين رده رسول الله حينها تألم الصحابة وضجروا من هذه الشروط المجحفة…ظاهر الأمر أن الصلح محنه للمسلمين , لكن في باطنة كانت المنحة والجائزة فبهذا الصلح تفرغ المسلمين للدعوة وخلال اربع سنوات فقط دخلوا مكة فاتحين….حقا إن في طياتها منحة.

كيف يجب علينا أن ننظر للأحداث التي تمر بنا؟

إننا ننظر إلى الأحداث من حولنا نظرة بسيطة ضيقة في حدود ما عندنا من علم وإن كثر فهو قليل ، ننظر إليها بعدسة بسيطة مضببه متواضعة الإمكانات، نحاول أن نلبس حياتنا ثوب الغيبيات على ما يحمل من قدر حلو أو مر..وهذا محال…من هنا كان للرضى بالقضاء ثواب وجزاء وإن كان يحمل في طياته المنح الكثيرة إلا أن ما بين الرضي وتحقيق الأماني فترة زمنية لابد فيها من الصبر.

ما هي المنح المختبئة وراء فيروس كوورونا؟

تمر بنا الاحداث المتنوعة حسنها وسيئها تصفعنا صفعا أحيانا وترفق بنا أحيانا أخرى، وفي كلتا الحالتين لن تدوم طويلا هكذا خلق الله الدنيا لا راحه فيها وإنما ابتلاء ومحن يعقبها فرج ومنح إن ما نمر به ويمر به العالم أجمع هو محنة عظيمة..في ظاهرها لكن تحمل في طياتها من المنح الكثير…إن هذا الكائن (الفيروس) إن شئت قل هذه الرسالة الربانية من الله عز وجل جائت لتوقظنا من غفلتنا ، لتصحح المسار أفرادا وجماعات ومجتمعات ودول…جائت لتكشف لنا السلبيات حتى نقومها ونعمل على إصلاحها.

هذة سنه الله في كونه إذا ما انحرفت بوصلة العباد…، خصوصا أننا آخر الأمم فلا رسول ولا نبي ليوقظنا مما نحن فيه…تكون في ظاهرها محن ثم وبعد فهم العبرة وتصحيح المسار تكون المنح

فيديو مقال في طيّاتها منحة