الأقسام خواطر

عِقد الياسمين

منذ الصغر، و قلبي معلق بعِقد الياسمين الذي طالما زينتني به أمي، العقد الأبيض الزاهي ذو الرائحة الزكيّة، كان بالنسبة لي كاللؤلؤ والزمرد من شدة رِقة يداها وهي تعقد خيوطه البيضاء حول رقبتي، وتأكد لي مرارا كم أنا جميلة.لم أكن أعي حينها أنها الياسمين بذاته، و أنها أصل الصفاء والطيبة، وأن حنانها أزكى من رائحته النّفاذة، وأن لونه الأبيض ما هو إلا خلاصة من طهارة قلبها. (حنان الأم). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم خواطر).

سبق و فكرت أن أكتب عنها أو حتى إليها، لكن دائما ما تخجلني عظمتها و تبهرني أفعالها و يدهشني عطائها اللامتناهي فأجد الأبجدية تنحني خجلا من عدم وجود حروف تليق لوصفها.أمي التي كتبتُ لها عشرات الرسائل و أنا في المرحلة الإبتدائية، لا أجد لها اليوم التعابير الوافية، قد تحتاج تضحياتها لدور نشر و مطابع الأوطان بأكملها على أمل أن تفي بالغرض.

حنان الأم

يعجبني أنها تسمح لي باحتضانها في اليوم أكثر من مرة، تعجبني حين تخجل كلما ناديتها بِ”ياسمينتي”، يعجبني أنها دائما المبادِرة الأولى لاحتوائي، و تُعجبني أيضاً نظراتها اللامعة التي تزخر بالفخر كلّما ذَكرتني.يتدفق منها العطف و لا يجف نهر النقاء داخلها، يداها بلسم تطبطب بهما على كتفي كلما شعرت بسوء، تحجز لي في حجيرات قلبها مساحات عظيمة مليئة بدعائها الطيب، وبحسن أخلاقها و ذوقها و رقيّ طبيعتها تزيل ببسمتها الخجولة كل شائبة عكستها المواقف الصعبة على ملامحي.

مقالات متعلقة بالموضوع

أخبرها دائما أنني لا شيء بدونها فيُضايقها المعنى و تجهد نفسها ساعات متواصلة لتقنعني أن الحياة لا تقتصر عليها، وأنها الخيط الأضعف في رحلة سعادتي؛ وما كلامها هذا إلا تواضع عظيم يضاعف غرامي لفؤادها.رضاها عني يُشيّد داخلي الكنز الذي لا يقدر بثمن، صوتها و هي توقضني للفجر يعطي للحياة لحناً روحانياً عظيماً، رسّخت بي مذاهب الأخلاق أجمع، نصائحها الداعمة دائما ماكانت انبعاثات أمل تزيح عن مساري عراقيل الزمن.

دور الأم في حياة أبنائها

دائما ما أقول أنها لعبت كل الأدوار في حياتي، فهي صديقة المواقف، طبيبة ماهرة  في علاج صدمات الأحداث المبعثرة، بئر الأسرار العميق، الأذن التي تصغي لمطالبي في كل وأي وقت، المرشدة الناجحة المُحقة في كل ما تشير به عَلي، فعلياً هي أهدتني عمراً كاملاً لتكون كل شيء، وحرفياً أنا بدونها لا شيء.كل هذه الحروف لا تعادل ذرة واحدة مما أشعر به تجاهها،ستبقى العظيمة النقيّة الهنيّة .. و سأبقى أحبها في كلّ حياة.و الآن.. هل لي يا “ست الكلّ” بعقدٍ مزهر من ياسمينك الزاهي!

فيديو مقال عِقد الياسمين

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ