الحمدللّه ربّ العالمين والعاقبة للمتّقين ولا عدوان إلّا على الظّالمين ، وصلى اللّه وسلّم على رسول اللّه وآله وصحبه أجمعين أصبحت مشكلة (أنا) أو الأنانية عويصة وشائكة وقائمة في الأفراد والمجتمعات،الأنانيّة لغة:الأثرة وحب النّفس،ويقابلها الإيثار(1)الأنانية والأثرة مذموم ومحرم في الشرع الحنيف،والإيثار ممدوح ومحمود في الشريعة الإسلاميّة.(الأنانيّة). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم قضايا مجتمعية).
قصة آدم عليه السلام وإبليس نموذجا. قال الله تعالى في سورة البقرة:﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ(34)﴾بدأ إبليس ان يستنكف ويستكبر ويحقر آدم عليه السّلام ويقول🙁 أنا أنا )،حقداً وحسداً من عند نفسه،وهما من الأمراض الخطيرة المنتشرة في المجتمعات وبدايتهما الأنانية،
بدأ إبليس ما يعرف اليوم(سياسة رفض الآخر والتخلص منه)،وهو يعرف أنّ الأمر صادر من الله سبحانه وتعالى، ونسي أنّ حكمة الله البالغة تعمل قال:إبليس عندما أمر الله تبارك وتعالى السّجود لآدم وهو يستخف نبيّ الله آدم عليه السّلام وشأنه(أأسجد لمن خلقت طينا ) امتنع عن السجود ورفض أمر الله تبارك وتعالى ومن هنا:بدأ العداوة لآدم وأبنائه.
قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السعدي_ رحمه الله تعالى _ عند شرح هذه الآية : ( ثم أمرهم تعالى _أي الملائكة_ بالسجود لآدم إكراما له وتعظيما ‘ وعبودية لله تعالى فا متثلوا أمر الله ‘ وبادروا كلهم بالسجود (إلا إبليس أبى ) امتنع عن السجود،واستكبر عن أمر الله وعن آدم وهذا الإباء منه والإستكبار نتيجة الكفر الذي هو منطوّ عليه، فتبيّنت حينئذ عداوته لله ولآدم كفره واستكباره،وفي هذه الآيات من العبر والآيات وبعد أن بين الشيخ صفة من صفات الله سبحانه وتعالى قال: إن ّالعبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض مخلوقاته والمأمورات فالواجب عليه التّسليم واتهام عقله والإقرار لله بالحكمة ‘واعتناء الله بشأن الملائكة واحسانه بهم‘ بتعليمهم ماجهلوا ‘وتنبيههم على مالم يعلموه‘.
قال الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف:﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(12)﴾ مازال إبليس يجترئ على الله تبارك وتعالى كبراً واستكباراً وإستخفافاً لأمر الله ، مازال يزاول ويثابر رفض أمر الله تكبّرا وإعجاباً لنفسه الخبيثة الشّريرة.
قال الإمام العلّامة :عبد الرّحمن ناصر السعدي –رحمه الله تعالى – عند شرح الآيتين:رداً على مزاعم إبليس اللعين، فوبخه الله على ذلك وقال تعالى:﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) ﴾
قال شيخ الإسلام – عليه رحمة الله – :رداً عن حجة إبليس في قوله :(أنا خير منه) هي باطلة ‘ لأنّه عارض النّص بالقياس‘ ولهذا قال بعض السّلف:أوّل من قاس إبليس ‘وما عبدت الشّمس والقمر إلابالمقاييس .
• أنه ادّعى أنّ النّار خير من الطّين ‘ وهذا قد يمنع ‘ فإنّ الطّين فيه السّكينة والوقار والاستقرار والثّبات والامساك ونحو ذلك‘ وفي النّار الخفّة والحدّة والطّيش، والطّين فيه الماء والتّراب .• أنه وان كان النّار خيرا من الطّين ، فلايجب ان يكون المخلوق من الأفضل أفضل ‘ فإنّ الفرع قديختص بمالايكون في أصله ‘ وهذا التّراب يخلق منه من الحيوان والمعادن والنّبات ماهو خير منه ، والاحتجاج على فضل الإنسان على غيره بفضل أصله حجّة فاسدة احتج بها ابليس ، وهي حجّة الّذين يفخرون بانسابهم.• أنه وان كان مخلوقا من طين ‘ فقدحصل له بنفخ الرّوح المقدّسة فيه ما شرف به، فعلق السّجود بأن ينفخ فيه من روحه ، فالموجب للتّفضيل هذا المعنى الشّريف الّذي ليس لإبليس مثله .• أنه مخلوق بيديّ ما أعظم جرم أن يرفض مخلوق أمر الله تبارك وتعالى ؟
إنّ مشاكل المجتمع سواء كانت نفسيّة أو سياسية أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة، وحالات الصراع والخلافات في المجتمع والأسر والعشيرة تعود إلى الأنانيّة وعبادة الذّات والعقل التّسلّطيّ، ولهذا لا ترى في العالم الإسلاميّ بلداً واحداً ينجو من هذا المرضأغلبها مدمّرة ومنهوبة من قبل فئة باغية خائبة يستخدمها ويعلّمها الإبليس الّذي هو مؤسّس الأنانيّة .
إنّ حب الذّات غريزة مركوزة في أعماق الإنسان وهذا الحب والإعتناء أمر مباح وعبادة ومحمود ومباح ومشكور قائمه عند ما يكون التّعبير عنه صحيّا وسليما من آفات الأنانيّة الخبيثة الفّاشيّة .إنّ عبادة الذّات وتقديمها كلّ شي ء حتى النّصوص الشّريعة أمر خطير ومدمّر يجب مقاومته والتّخلص منه حتى يستريح العباد والبلاد .
من المؤسف جدا !ان ترى شخصا مسلما يخوض محارم اللّه تبارك وتعالى مثل الغيبة والنّميمة وتحال ان تذكر وتنهاه ما يفعله وتستدل حديثا أو آية من الكتاب ثم يقول لك ،نعم يا أخي صدق اللّه ورسوله لكن ! كماهو المعلوم أنّ( لكن ) موطئة لللإستذراك كيف يصوّر عقلك ياأخي ان تقول لكن لمن يقول لك هذا محرّم وغير جائز ويستدلّ لك نصوصا قاطعة وصريحة ؟ وأنت تستكبر وتحقر لمن يذكّرك متصوّرا أنّه لا يليق ان ان يذكّرك أو ينهاك عما تخوضه هل أنت عبد للّه أو لنفس والشّيطان ؟ كم من مّشاكل المجتمع والعشائر وحلّها أسهل ويسير وفي نفس الوقت أصعب لأجل الأنانيّة؟
الأنانيّة أشد ّمرضا على وجه اللأرض هي أخطر من الأمراض الفتّاكة لأنّ المرض يصيب و ربما يموت بسببه فرد واحد أو تموت نفس واحدة لكنّ الأنانيّة تستأصل جذور مجتمع كامل حتى لا ينجو منه إلّا قليلا ، إنّ هذا المرض المفسد أصبح عقبة كأداء تعوق أمام كلّ الإصلاح والمصلحين ودعاة الخير في كل بقاع الأرض بين المشرق والمغرب وبين الشّمال والجنوب حتّى أثّر وأفسد على من يجب ان يكون قدوة حسنة للمجتمع المسلم.
ما يجري اليوم في المجتمعات المسلمة فضلا عن غيرها من نعرات الجاهليّة من الفخر بالأنساب والرّمي بألفاظ قبيحة بين الحركات الاسلاميّة واستخدام كلّ مايمكن استخدامه مردّه إلى الأنانيّة ، لو لم يكن الأمر هكذا لكانت الأمور تجري على قدم وساق في كلّ بقاع الأرض، انظر حواليك ما يجري هنا وهناك من المفاسد الّتي لا يمكن وصفها وعرضها وحصرها هنا.
هل لاحظت ما يجري ويقع بين مقرّات التّعليميّة والدّعات من التحقير والقذف بكلمات غير مناسبة وغير لائقة ؟ هل فكرت يوما ما يجري بين المنابر والمساجد من التناحر والتّحاكك ؟ هل ممّا يتصوّر العقل السّليم ان ترى عالما تقرّ له العلم والمعرفة يمرّ أمام مسجد والصّلاة يأقم المؤذن وهو يتخطى ويهرول إلى مسجد آخر لإجل ماهو قائم بين الشّيخين من الخلاف والتجاذبات ؟ وهل هنا مصيبة أعظم من هذه المصيبة ؟ كم من عائلة مسلمة تدهورت لأجل هذا المرض ؟ كم من الأصحاب والأصدقاء تهاجروا لأجل الأنانيّة ؟كم من طلّاب العلم تدابروا لأجل مسئلة ضئيلة ليست هي من مسائل الأصوليّة بل من فروع المذاهب ؟فما رأيك من ليس هو بمتعلم أو مديرا قد تعلّم ممّن الّذين تكأكأت عليهم الجهالة من كلّ أوب وصوب؟ ماسبب هذه المشاكل كلّها ؟ ليست هي إلّا الأنانيّة.
يمكن ان نصف الأنانيّة أو الأنانيّ جنون أو مجنون والأنانيّة هو حبّ الذّات وهو اضطراب في الشّخصيّة يجهله يحسّ بالغرور والتّعالي على الآخرين ، وتعد الأنانيّة مشكلة اجتماعيّة أو ثقافيّة كما ذكرنا قبل قليلا ووضعنا اسئلة ضئيلة ميدانيّة، حيث تمثل مشكلة كأداء وصعبة في علاقات الفرد مع ذاته وكذالك علاقاته مع الآخرين ، فهو لا يرى إلّا نفسه ، ولا يهتم إلّا بشخصيّته .
فلا استغراب ان يهتم الشّخص نفسه وهذا أمر ممدوح وعبادة أيضا وأمر غريزيّ وفطريّ اذا كان الأمر في حدود معرفة مقدار الذّات ووضعها في موضعها ، لكن تصبح الأنانيّة مرضا خطيرا وفتّاكا فاشيا اذا تجاوزت حدود الذّات إلى الغرور والتّكبر واحتقار الآخرين واستصغارهم وتسفيه آرائهم ، والسّعي إلى السّيطرة عليهم ، فهنا مكمن الخطورة وأصل الدّاء .
الأنايّنة مشتهرة عدم قبول مناقشة الآخر ، وهي نقيض ما يعرف ثقافة قبول الآخر ، وهي ضد تعاون ومؤازة المجتمع المسلم ، وهذا المرض يكاد يتفشّى في المجتمع بطريقة كاسحة ، ولا يتعلق بالمريض نفسه فقط ، وتظهر علامات الإصابة بالمرض من خلال التصرّفات والسّلوكات الاجتماعيّة تجاه القضاياالاجتماعيّة والو طنيّة والدعويّة، والأنانيّة هي مرض نفسيّ يحتاج للعلاج وهي أكبر سبب لأداء المحرّمات والأخطاء الشّنيعة ، والأنانيّة هي داء مدمّر لصاحبه فالأنانيّ لا يحب أحدا مشاركته أيّ شيء بل يحبّ أن يرى غيره يشقى وهو يرتاح ويحب مصلحته فقط .
أصبح هذا المرض ظاهرة ولم يعد حالة فرديّة شاذّة حتّى تطاول على الصّغار والعيال ، وهو مرض قائم أمام تقدم المجتمع من كل النّواح الحياة ، التّعليميّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة والإداريّة،الأنانيّة تجتاح وتكتسح فكرة ومفهوم الإيثار ، وتقييم الأخلاقيّ الذي هو من مقوّمات المجتمع ، ترك الأنانيّة ليس معناها ان تضيّع حياتك لأجل الآخرين تحافظ حياتك لكن بحدودها المعروفة شرعا وعقلا ، كيف تستطيع أن تؤدّدي دورك في الإيثار وتساعد الآخرين اذا لم تحافظ حياتك ؟
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد