أيها المتشدقون.. إلا سيد الخلق

إن موازين القوى في العالم ليست اقتصادية بقدر ما هي ديمغرافية، قد انقلب نموه لغير صالح البيض، الذين كانوا 4 أضعاف أفريقيا، واستعمروا العالم وأبادوا الهنود الحمر والسكان الأصليين واستعبدوا الأفارقة.

نقطة تحول تاريخية 

لينقلب السحر علة الساحر، ليغدوا البيض بالنسبة للمهاجرين الجدد محل الهنود الحمر والعبيد، لتكون الجائحة مرحلة جديدة ضمن “انهيار الحضارة اليهودية المسيحية”، حسب التحليل الذي قدمه أونفراي -المعروف بإلحاده- في كتابه “الانحطاط”، واعتبر فيه أن الحضارة الغربية في انهيار متواصل، وتعيش حالة من الهرم، وغياب الإبداع الأدبي والفني الحقيقي.. قائلاً: “إن الإسلام يُقدم نظامًا مُتحررًا من المادية، وأن “المسلمين يُعلموننا درسًا في مناهضة المادية، لأنه مهما كان رأيك، فهؤلاء أناس لديهم فكرة مثالية، فكرة روحانية، إحساساً بالشرف “.. أما المفكر “زمور” -المعروف بمواقفه المؤيدة لليمين المتشدد والمناهضة للمسلمين في فرنسا- فيرى أن الإسلام “قوة سياسية “تريد” الانتقام من أوروبا..

الإسلام قوة سياسية

تلك جُملة عُنصرية كشفت عما تعلمه ذلك الذي منه براء كل مُفكر عاقل، مُثبتاً بها أن فرنسا تعيش ما يُشبه “صدام بين حضارتين” و”حرب أهلية”، تقوم بتطرف أمثاله، بل وهو دليل رُعبهم من ديمومة الإسلام الذي انقرضت أمامه كافة الأديان، بل واللغات والأمم، وبقي بل وسيبقى لحين لقائهم يوم العرض على الخالق -جل وعلا-، ولينتهج من ينتهج طريقتهم، فلن يضروا الله شيئاً، فلا ماسونية ولا أيا كان من كانت قوته ولا زعيم أو ملك يُشاد الإسلام إلا غلبهُ.. ولا عجب أن يصدر من جاهل خطاباته، لأنه ببساطة يُحقر من حضارته.

سياسة مبنية على إقصاء الآخر وعدم احترامه

لا ينتهج سياسة حضارية، قناعها عدم احترام الآخر، ومثلهُ عار على الفرنسيين. بتصريح مُستفز غير مسؤول، فقد حرك ماكرون عش الدبابير من جديد، واضعاً نفسه في موقع المُفكر الإصلاحي للحالة الإسلامية في عموم أوروبا والعالم، مُحتكرا الوصف والتشخيص وحتى اجتراح الحلول وفق أيديولوجيا تدعي أن قوانينها يجب أن تعلو على قوانين الجمهورية، مُتبعاً “فوكوياما” (صاحب فكرة نهاية التاريخ والإنسان الأخير)..

لتُلهب حُمى الإسلام فرنسا، التي صار الخوض فيها سُنة مؤكدة على كل رئيس جديد يدخل قصر الإليزيه، ليسير على نهج سلفه الراحل “شيراك” و”لجنة ستازي” عام 2003، في قرار ظاهره “حماية اللائكية”، وباطنه سياسة عنصرية إقصائية؛ مُغلفة، مُدعياً أن ولادة “الإسلام الفرنسي” ستكون على يديه، بعدما باءت جهود الحُكومات الفرنسية المتعاقبة على مدار 30 عاماُ بالفشل مع الرئيس “ميتران” ووزير داخليته “جوكس”، الذي شكل حينها “مجلس تفكيري حول إسلام فرنسي (CRIF)، يغازل به ماكرون، في لعبة مكشوفة، أنصار اليمين واليمين المتطرف، لتعويض التدني الكبير في شعبيته.

من أين نبعت الشراسة العنصرية؟

هذه الشراسة العنصرية، ظهرت عندما استخدم مصطلح “الإرهاب الإسلامي” العام السابق في زيارته لمصر.. ظاناً أنه بدنائته، يصطاد عصفورين بحجر، لكنه اُصطيد ببراثن من لا يرحم (..) ففرنسا بها أكبر جالية إسلامية في أوروبا؛ 6 مليون مسلم، كانوا السبب في إفشال سياسات من قبله وفي احتجاج السُترات الصفراء، التي فتحت الباب على مصراعيه ليأكل اقتصادها ثم يدفنهُ بعد خنقه جراء تفشي وباء كورونا، وإفلاس السياسة الخارجية في مالي وليبيا وسوريا ولبنان، في تحدي أظهره كفقاعات هواء لعقليه قد وقف عليها طير “نيرون”، مُحرقاً فرنسا بدم بارد، ليُعلْق جون بولتون؛ مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في إدارة ترامب، في كتابه “الغرفة التي شهدت الأحداث” على استراتيجية وأسلوب تفكير ومقاربة ماكرون للأمور بقوله: “ماكرون رجل ذكي ويتبع طريقة آيزنهاور الذي كان يقول: عندما تواجه مشكلة لا يمكنك حلها، وسع نطاقها”، .. أجل يا عزيزي بولتون قد وسع وأثار نيراها فهل يمكن إطفاؤها وأمثاله؟!!. وهو من تجاوز مقتضيات قانون 1905 الذي أعلن فرنسا جمهورية علمانية؛ أي دولة محايدة منفصلة عن الديانات؟..

خلاصة

إن أيديولوجيا أوروبا آخذة في الانهيار، ووسائل الإعلام ترصد الموت الفرنسي المطرود من رحمة التاريخ الإنساني، فهل رصده ماكرون وأمثاله في العالم الماسوني؟!!، موت يضع الفرنسيين أمام معضلة الوجودية، فهل ستُحيي فرنسا الإمبريالية الثقافية وتصنع محاكم تفتيش جديدة بهذه الخطوة؟؟!!، في وقت لا تدخر فيه جهدا لنشر وإشاعة الفرنكوفونية على طول العالم العربي؟.

فيديو مقال أيها المتشدقون.. إلا سيد الخلق

أضف تعليقك هنا