التطفل والانتقاء الجنسي

بقلم: خضر نيازي

علاقة الشكل بالانتقاء الجنسي (اختيار شريك الحياة) 

إذا سألنا الشبان في مقتبل العمر عن مواصفات شريكة حياتهم فإن إجابات معظمهم سوف تكون بأن الصفة الأولى هي أن تكون حسناء أو جميلة، وبعدها يسرد عليك الشبان الصفات الأخرى للشريكة كأن تكون ثرية، مثقفة، ماهرة في الطبخ و أعمال المنزل. و عند توجيه نفس السؤال إلى الشابات فإن معظمهن سوف تكون إجابتهن أن يكون فارس أحلامهن “دون جوان” أو وسيما. إذاً لماذا نلاحظ التهافت على عمليات التجميل من قبل الإناث في الالفية الثالثة؟ حتى بات لا يقتصر على الطبقات الثرية و المتوسطة بل إنه وصل حتى إلى الطبقات المحدودة الدخل والذين باتوا ينفقون ما يحصلون عليه على عمليات التجميل البسيطة والتي تناسب إمكانياتهم المادية. فلماذا هذا التهافت على صناعة الجمال و هل أن الجمال هو مرآة للصحة؟ فكل شخص يريد أن تكون ذريته بصحة جيدة والذرية السليمة تنتج عادة من التزاوج مع الشريك السليم صحياً. و قد يكونان الجمال والصحة وجهان لعملة واحدة. ففي هذا المقال سوف نكشف علاقة الشكل بالانتقاء الجنسي والتزاوج عند الحيوانات كمثال ومدى تأثر الشكل أو المظهر بالاصابات الطفيلية وتأثير ذلك على الانتقاء الجنسي أي اختيار شريك الحياة.

ما المقصود بالانتقاء الجنسي؟

لنعرف بداية ما المقصود بالانتقاء الجنسي؟ يحدث الانتقاء الجنسي، عندما يتزاوج أفراد الجنس الواحد بشكل غير متكافئ مع أفراد الجنس الآخر على أساس أو مبدأ الصفات الجنسية الثانوية، بمعنى آخر السلوكيات أو التركيبات بدلاً من الأعضاء التناسلية أو الأمشاج (الأمشاج هي الحيامن عند الذكور و البيوض عند الإناث). الانتقاء الجنسي قد يحدث بطريقتين: كنتيجة للتنافس بين أفراد الجنس الواحد، لدى الذكور عادة، لأجل التزاوج، او كنتيجة للاختيار الفعال من قبل أفراد الجنس الواحد، لدى الإناث عادة، لأفراد معينين من الجنس المغاير. هذان النمطان من التزاوج الانتخابيّ قد يعملان أحيانا في نفس الوقت، كما هو الحال عندما تختار الإناث أن تتزاوج بشكل نشط مع الذكر المنتصر في القتال ضد الذكور الآخرين. الاختلاف بين تنافس الذكور واختيار الإناث له أهمية إرشادية لأنه يؤكد أن أنماط التزاوج المختلفة يتم تحديدها من قبل فعاليات الذكور، الإناث أو كلا الجنسين.

علاقة الشكل بالانتقاء الجنسي عند الحيوانات

مدى تأثر الشكل أو المظهر بالإصابات الطفيلية وتأثير ذلك بالانتقاء الجنسي

و لكن ما علاقة الطفيليات بذلك؟ بعض علماء علم الحياة يعتقدون ان التطفل (التطفل هو الاصابة بالطفيلي/ات) هو عامل مساهم في تطور حيوية التكاثر للمضيف (المضيف هو الكائن الحي المصاب بالطفيلي/ات). في الحقيقة، فأن الجنس بحد ذاته قد تم وصفه كألية لتقليل التاثير التطوري للتطفل. التاثيرات السلبية للتطفل على السلوك والنجاح التكاثريان قد تم ملاحظته في مدى واسع من الحيوانات، من الحشرات الى اللبائن. التاثير قد يكون على كل من الذكور و الاناث، مؤثرا على كل من انتاج البيوض و اختيار شريك التزاوج. كما يفترض أن الإناث تختار الذكور اعتماداً على الكفاءة المناعية للذكور. و لكن الانماط الحسابية اظهرت انه عند انتشار المسببات المرضية، او تواجد انواع من المسببات المرضية، فيحدث تذبذب، انذاك فأن الاناث لا تختار الذكور على اساس مقاومتها للمرض. فبعض اناث الطيور، مثل السنونو، من الواضح انها قادرة على التمييز بين الذكور المصابة عن الغير مصابة بالطفيليات (“غير السليمة” عن “السليمة”) و اختيار شريكها على هذا الاساس. على كل حال، فان الطفيليات متمثلة بالقمل و القراد في هذه الحالات غالباً لها تأثير مباشر على نوعية الريش لان هذه الطفيليات تعيش في الريش. فتختار الاناث الذكور ذات نوعية الريش الجيدة والجميلة.

مدى تأثر الشكل أو المظهر بالإصابة بطفيليات الدم وتأثير ذلك بالانتقاء الجنسي

لكن الاصابة بطفيليات الدم، و الذي قد يكون له تأثير غير مباشر على الريش، لا يصاحبه اطلاقا نقص في جاذبية الذكر المصاب و لا نوعية الريش. و لكن اظهرت الدراسات ان الاصابة بطفيليات الدم في بدايات حياة الطائر قد يكون له تأثير سلبي على القدرة لاحقا على تعلم التغريد اللازم للنجاح في التزاوج. هذه الحالة مماثلة نوعا ما لما تم اثباته على تطور الانسان، حيث انه ظهر ان النوبات المتكررة من الاسهال في مرحلة الطفولة مرتبطة فيما بعد، بعد سنوات مع درجات أقل في اختبارات التطور المعرفي.

على النقيض من الطيور فأن اللبائن تعتمد بشكل قوي على الروائح، و اظهرت بعض الدراسات ان اناث الفئران تتجنب الذكور المصابة بكل من البوغيات و الديدان الخيطية و كلاهما من الطفيليات. بشكل عام، فأن الاستجابات السلوكية للتطفل هي ملاحظات مثيرة للاهتمام، ولكن أهميتها التطورية لم يتم اثباتها بعد في عدد كبير من الحالات. و مازلنا نحتاج الى اجراء المزيد من الدراسات على الحيوانات و الانسان. (شاهد بعض مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

المصادر:

  1. Clayton, Dale H. (1991). The influence of parasites on host sexual selection. Parasitology Today. 7(12): 329–334
  2. Roberts, Larry S.; Janovy, Jr., John (2013). Gerald D. Schmidt & Larry S. Roberts’ Foundations of Parasitology (9 ed.). Boston: McGraw-Hill Higher Education. pp. 19–21.

بقلم: خضر نيازي

 

أضف تعليقك هنا