هذيان الفكر

يظل الفكر بحراً لا يعلم مداه أحدا مهما تخيل المرء الوصول بعقله إلى إدراك كافة المعطيات واجتياز كافة الإختبارات ووقع في المطبات الفكرية الواحدة تلو الأخرى وتعلم ووقف على قدميه من جديد، فالإنسان يتأثر كثيرا بآراء الآخرين وبدلاً من ثبات اليقين يتولد الشك بداخله ويجعله يتأرجح بين الصواب والخطأ.

التردد الذي حذر منه كافة العلماء والكتاب والمثقفين والأدباء والشعراء يعد مرضا عصيا على الحل إلا باتباع الكثير من الخطوات والتي نحاول قدر المستطاع أن نسردها في سطور قليلة لعلنا نحلل الداء المستعصي ونصل للدواء الشاف الكاف.

أسباب التردد

يجيء في مقدمة الأسباب عدم الرؤية والخوف من النتائج والسقوط المدوي وحمل جوائز الفشل على غير خاطر والسقوط في القاع الوحل والمكابرة في الخروج منه بسلام، فقدان المغامرة يجعل المرء مستهدفا للوحدة والعزلة والكبت النفسي وضبابية الصورة وعدم القدرة على إتخاذ القرار السليم، يعيش في جو من الأوهام مستقبلا للكوابيس وإنتظار فقط الأخبار السيئة.

التفكير في الآخرين ومحاولة مساعدتهم قدر المستطاع والتخفيف من معاناتهم وأوجاعهم بلا شك يحمل النفس فوق طاقتها وذلك حين تكثر الطلبات والأمنيات، حيث أن مساعدة الآخرين من أسمى الأشياء التي ثمنها ديننا الحنيف وأصر عليها والتي من شأنها أن تجعل المجتمع يعيش ككتلة واحدة مترابطة المشاعر والأحاسيس والمضي قدما نحو عالم خالي من الأحقاد والمحن ومحاربة الغلو في الآنا وحب الذات اللذان يطغيان في سباق الحياة الصعب وكره البعض الخير للآخرين.

إلى ماذا تؤدي كثرة الاختيارات؟

كثرة الإختيارات من المعضلات الفكرية التي فطن إليها علماء النفس والإجتماع وأجمعوا على أنها في كثير من الأحيان عائقا بين الإختيار بين الصواب والخطأ بسبب تشابه الإختيارات أو زيادة تعقيداتها، ففي الأرجح تكون قلة الإختيارات ناجحة للوصول للحل الأمثل، معادلة تحتاج إلى عقل راجح وحكمة للتحكم في الوصول إلى اليقين ورؤية نهاية الطريق بدون أعي عوائق.

نظرية الشك وتشتت العقل

نظرية الشك التي غاص فيها الفلاسفة بخصوص الوجود والعقيدة وتوصلوا إلى اليقين بعد معاناة شديدة وتفكير عميق أمثال ديكارت وأرسطو والإمام الغزالي والدكتور مصطفى محمود، ناهيك عن الحروب المشتعلة في كافة بقاع المعمورة والتي جعلت العقل لا يستوعب كل المعطيات وأدت إلى تشتيت العقل وتوهانه في بحور من التفكير في الأحداث والأسباب والمعطيات والنتائج المترتبة على الصراعات على كافة الجبهات بجانب فرض السيطرة والتحكم في مفاصل العالم والتلاعب بالشعوب تحت مسميات كثيرة لا نغفل منها الحروب الثقافية والفكرية وإنعدام الهوية وفقدان الإنتماء.

والعواصف الغربية المحملة بالعادات والتقاليد الغربية التي هي في الأساس دخيلة على مجتمعاتنا المحافظة، ولكن بعد كل هذه الأسباب يبقى الإيمان والتمسك بثوابت الدين عائقا أمام رياح التغيير البائسة والوقوف في وجه كل مصدري الفكر المنحرف الشاذ عن بيئتنا البيضاء الخالية من شوائب الظلم والظلام الفكري وتحويل الشعوب إلى دميات يحركهم ويتحكم بمصائرهم من هو ليس أهل برعايتهم وإرشادهم وتقويم سلوكياتهم.

فيديو مقال هذيان الفكر

أضف تعليقك هنا