وجوب الإيمان بحاكمية الشريعة الإسلامية

بقلم: طارق علي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،خلق الله -سبحانه وتعالى- البشر لعبادته؛ فقال: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، واستخلفهم في الأرض؛ فقال: ﴿إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ﴾ [البقرة:٣٠]، ومن رحمته بهم أنه لم يكلهم في ذلك إلى أنفسهم، بل أرسل لهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب هداية وتزكية لهم، وكما تفرد بالإيجاد فلا خالق سواه؛ فقد تفرد بالتشريع فلا حاكم غيره؛ حيث قال: ﴿إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ﴾ [يوسف: ٤٠].

فجعل له وحده حق الحكم، كما جعل له وحده حق العبادة؛ ومن ثم أوجب عليهم الحكم بما أنزل، حتى لا يتحاكموا بغيره فيبغوا ويضلوا ، بل وجعل حاكمية الله من العناصر الثلاثة الأساسية للتوحيد([1])؛ حيث قال تعالى: ﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ﴾ [الأنعام: ١٦٤]، وقال: ﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ﴾ [الأنعام: ١٤]، وقال: ﴿أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ﴾ [الأنعام: ١١٤].

اعتقاد حاكمية الله من أصول الإيمان

وعلى ذلك فإن اعتقاد حاكمية الله يعد من أصول الإيمان، وقد وصف الله من لم يؤمن بكونه حاكمًا بأنه من المنافقين؛ حيث قال: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ  وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا ٦٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا   …﴾ إلى أن قال ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾ [النساء: ٦٠-٦٥].

ولذلك قال الغزالي في المستصفى 

«أما استحقاق نفوذ الحكم؛ فليس إلا لمن له الخلق والأمر، فإنما النافذ حكم المالك على مملوكه، ولا مالك إلا الخالق؛ فلا حكم ولا أمر إلا له.أما النبي -صلى الله عليه وسلم- والسلطان، والسيد، والأب، والزوج، فإذا أمروا وأوجبوا؛ لم يجب شيء بإيجابهم؛ بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم.

ولولا ذلك؛ لكان كل مخلوق أوجب على غيره شيئًا، كان للموجب عليه أن يقلب عليه الإيجاب؛ إذ ليس أحدهما أولى من الآخر!.فإذا: الواجب طاعة الله تعالى، وطاعة من أوجب الله تعالى طاعته»([2]).

تفاصيل ومباحث الحكم يعد من مسائل الفروع لا من الأصول

ورغم ذلك ينبغي التنبيه على أن تفاصيل ومباحث الحكم يعد من مسائل الفروع لا من الأصول، أما اعتقاد حاكمية الله فهو الذي من مسائل الأصول -أي: أصول الدين-، وذلك كالصلاة؛ فهي من مسائل الفروع لا من الأصول، إلا أن اعتقاد وجوبها يعد من مسائل الأصول؛ فمن لم يؤمن بوجوب وفرضية الصلاة؛ فهو كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه أنكر ما أقره الله ورسوله.وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المراجع

  1. «السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها»، القرضاوي، يوسف،  مكتبة وهبة، ٢٠١١م، (ص١٣-١٤).
  2. «المستصفى»، الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤١٣هـ، (ص٦٦).

بقلم: طارق علي

 

أضف تعليقك هنا